اعتبر الوزير السابق ابراهيم نجار أن الدستور اللبناني لم يشأ تحديد مهلة لرئيس الحكومة المكلف لاتمام عملية التشكيل لأنه لم يرد التضييق عليه وحصر مهمته زمنيا، لئلاّ يكون تحت رحمة السلطات الدستورية الأخرى، لافتا الى انه عمليا ولسوء الحظ، جرت العادة منذ أقله العام 2005 أن يستغرق من يُكلّف لتشكيل الحكومة وقتا طويلا لكي يؤلف حكومةيُطلق عليها تسمية وفاق أو وحدة وطنية، وهذا بحد ذاته يعني التوفيق بين الأضداد دون أن يكون هناك فيصل أو أي سلطة تفرض على الفرقاء حلولا حكومية حقيقية.
وأكد نجار في حديث لـ"النشرة" أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ضنين بالمصلحة العليا ويريد الاسراع بالتأليف، لكن جرت العادة أن يأخذ بعين الاعتبار الطلبات المتناقضة، وهذا التوفيق بين الطلبات يجعل من العمليّة أشبه بانشاء سلطة توافقية تقوم مقام السلطة التنفيذية. وقال:"أما الخطير في كل هذا المشهد، فهو وجود فريق وبصورة خاصة، التيار الوطني الحر الذي يريد استعادة أكثر ما يمكن من الصلاحيات تكون بيد رئيس الجمهورية، وبالتالي الفكرة العامة هي أن يكون كل وزير قيّما على وزارته دون رقيب على صلاحياته، وهذا المنحى في التصرف الدستوري يتراوح بين القبول بالطائف ومحاولة العودة الى ما قبله".
واشار نجار الى أنه "يتعين بالنهاية على رئيس الحكومة المكلف أن يقف عند المواقف التي قد تكون سلبيّة لدى رئيس الجمهورية، لأنه في النهاية مكلّف بتوقيع مرسوم التأليف معه"، معتبرا أن "هذا كله يغيّر بطبيعة النظام الدستوري اللبناني ويجعل من الحكم مرتعا وبيدرا وساحة لادارة التناقضات،مع ما يوحي ذلك من امكانات التعطيل والتأخير واشتراط المستحيلات". وأضاف:"المنحى لدى الرئيس ميشال عون يكاد يكون طبيعيا لدى كل رئيس مسيحي حريص على استعادة المبادرة على رأس الجمهورية". وخلص نجار الى أن "مايجري في الملفّ الحكومي مزيج من تشابك الصلاحيات وتضارب المصالح".
وردا على سؤال ما اذا كان القيام بتعديل دستوري يحدّد مهلة لتشكيل الحكومة واردا في مرحلة مقبلة، أشار نجار الى أنه اشكالية بحد ذاته باعتبار ان تضييق صلاحيات احدى الرئاسات الـ3 سيؤدي ذلك الى مطالبات بتعديل صلاحيات الرئاستين الأخريين، ما يجعل من الصعوبة في مكان الوصول الى أي تعديل بالمدى المنظور.
واستبعد نجار أن يكون هناك تدخلا خارجيا في عملية تشكيل الحكومة، لافتا الى وجود "تمنيات دولية، فالفريق المساند لسوريا يرفض تشكيل حكومة معادية لمصالح سوريا في المنطقة، بالمقابل يرىحلفاء الدول الغربيّة وجوب ألاّ تظهر الحكومة اللبنانية الجديدة بمظهر الخاضعة لحزب الله، باعتبار ان هذه الدول تتخوف من عدم الالتزام حينها بالاصلاحات التي نصت عليها الاتفاقات الدولية وأبرزها سيدر". وأشار الى ان التمنيات الخارجية تقف عند عتبة تشابك الصلاحيات والمصالح اللبنانية. وأعطى مثالا:"أنه اذا عارض حزب الله اسناد حقيبة سيادية للقوات سيكون لسوريا موقف مماثل، والعكس صحيح".