أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ هناك مسودّة حكومية مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، لافتاً إلى وجود بعض الحلحلة على صعيد العقد المطروحة، معرباً في الوقت عينه عن اعتقاده بأنّ المسألة الأساسية خارجية وليست داخلية.
وفي حديث إلى تلفزيون "NBN" ضمن برنامج "السياسة اليوم" أدارته الإعلامية أمل الحاضر فضول، أشار أبو فاضل إلى أنّ المملكة العربية السعودية، وهي دولة شقيقة للبنان، تضغط على الرئيس الحريري للحفاظ على حليفيها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، ما يدفعهما إلى رفع سقف مطالبهما.
ولفت أبو فاضل إلى أنه إذا كان هناك عقدة مسيحية وهناك عقدة درزية فهناك أيضاً سنية، مشيراً إلى أنّ حزب الله طلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يتمثل النواب السنة المعارضون للحريري في الحكومة العتيدة، مشدّداً على أنّ الثنائي الشيعي هو الوحيد الذي ليس لديه عقدة، بعدما وزع الحصة الوزارية عليه مناصفة.
تهويل لاستهداف العهد
واستبعد أبو فاضل أن تطول عملية تأليف الحكومة كثيراً إلا إذا حصل ضغط خارجي، خصوصاً في ظل عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، وبموجب التسوية الرئاسية التي تمّ إقرارها، مقراً في الوقت عينه بأنه كما تشكّلت الحكومة في وقت أسرع كلما كان ذلك أفضل.
وأكد أبو فاضل أن العلاقة جيدة جداً اليوم بين الرئيس عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، وكذلك فإنّ العلاقة جيدة جداً بين الرئيس عون والرئيس الحريري، ولكنه لفت إلى أنّ الضغطات على الأخير جعلته يخرج عن طوره في بعض المراحل ويتوسط لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط.
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ التهويل من الضغط الاقتصادي في البلد غير مبني على أسس سليمة، لافتاً إلى أنّ باستطاعة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بما له من حكمة وحنكة من المحافظة على استقرار سعر الليرة، معتبراً أن الحركة الاقتصادية هي المجمّدة في البلد، وليس الحركة المالية. وحذر من أنّ هذا التهويل يصب في خانة استهداف العهد وإظهاره وكأنه ضعيف، خصوصاً في ظلّ التأخير في تشكيل الحكومة.
حصة الرئيس أكثر من ثلاثة
ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ التيار الوطني الحر لم يطالب بشيء ليس في محله حكومياً، لافتاً إلى أنّه إذا كان لدى القوات اللبنانية 15 نائباً ويحق لهم بأربعة وزراء، فعندها يحق لكتلة لبنان القوي بثمانية نواب، موضحاً أنّ المفترض أن يحصل القواتيون على ثلاثة وزراء إذا كانت المعادلة تقوم على وزير لكل أربعة نواب، في حين يحصل التيار على ستة مقاعد.
ولمح أبو فاضل رداً على سؤال آخر إلى أنّ حصة رئيس الجمهورية قد تكون أكثر من ثلاثة وزراء، موضحاً أنّ الرئيس ميشال عون قد لا يقبل بثلاثة وزراء فقط، ويمكن أن يطالب بخمسة وزراء مثلاً. وشدّد على أنّ الاستمرار بالخلافات كما هو حالياً غير مقبول، داعياً لحكومة يكون فيها تجانس، أو يكون فيها ثلث ضامن لرئيس الجمهورية، خصوصاً أنّ هذا الرئيس ليس أيّ رئيس بل هو ميشال عون.
حكومة وفاق وطني؟
واعتبر أبو فاضل رداً على سؤال أنّ حكومة الوفاق الوطني تأتي بعد الحرب وليس بعد الانتخابات التي جرت وفق قانون الانتخاب النسبي، مجدّداً القول إنّه على الصعيد الشخصي يرفض حكومة الوحدة الوطنية. ودعا لعدم تصوير العقدة وكأنها عند الثنائي المسيحي فقط، لافتاً في هذا السياق إلى العقدة السنية المتمثلة برفض الرئيس الحريري توزير الشخصيات السنية المعارضة له، داعياً لحلّ هذه العقدة أولاً.
اما بالنسبة الى العقدة الدرزية فاعتبر أبو فاضل أن "كتلة اللقاء الديمقراطي تضم 9 نواب ويحق لها ان تتمثل بوزيرين ولكن النائب السابق وليد جنبلاط له مكانة خاصة عند الجميع خصوصا عند رئيس مجلس النواب نبيه بري"، مضيفا: "اما بالنسبة لتوزير النائب طلال ارسلان فهذا امر طبيعي وهذا نتاج لتحالفه مع التيار الوطني الحر في الجبل وفوزه في الانتخابات يخوله ان يكون وزيرا في الحكومة "، مذكرا بالأصوات التي نالها الوزير السابق وئام وهاب ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان وغيرهم من الشخصيات على الصعيد الدرزي.
الغالبية النيابية لم تمارس القوة
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري مسؤول بدايةً ونهايةً عن الحكومة كونه رئيسها، لافتاً إلى أنّ الرئيس الحريري اليوم هو مختلف عن الرئيس الحريري سابقاً، خصوصاً قبل احتجازه في المملكة العربية السعودية وإجباره على الاستقالة، وقال إنّ الحريري يجب أن يعتبر ممّا أصابه سابقاً.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ البلد لا يمكن أن يسير كما يفكر من يؤيدون المملكة العربية السعودية، موضحاً أنّ انتخابات نائب رئيس مجلس النواب كانت المعيار بالنسبة لعدد النواب المنتمين لكل محور، لافتاً إلى أنّ حزب الله والرئيس بري ولبنان القوي لم يمارسوا القوة على الحريري وجنبلاط وجعجع على الرغم من أنّ كلّ الأرقام تؤكد أنّ محورهم هو الغالب، بل هم طالبوا بحكومة وحدة وطنية تجمع جميع الأفرقاء.
الحريري هو الضمانة
وتحدّث أبو فاضل عن عملية شد حبال في الحكومة لا تحتاج لهذا القدر، منبهاً إلى وجود حملة إعلامية مغرضة ضدّ العهد، رافضاً مقولة الفصل بين العهد وتكتل لبنان القوي ورئيسه الوزير جبران باسيل، وقال إنّ من غير المقبول دخول أفرقاء إلى الحكومة لمحاربة رئيس الجمهورية من الداخل كما كانوا يفعلون سابقاً، مشيراً إلى أنّ البقاء على تصريف الأعمال يبقى أفضل من العودة إلى مثل هذا السيناريو.
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ الرئيس الحريري يمكن أن يكون هو التوازن داخل الحكومة، وبالتالي يفترض أن يكون هو الضمانة للفريق الآخر، مشيراً إلى أنّ مجرد استقالة رئيس الحكومة تؤدي إلى استقالة الحكومة بكاملها تلقائياً، وبالتالي فهو بحد ذاته يحقق التوازن بين الفريقين داخل الحكومة بمعزل عن الأحجام.
قضية النازحين مرتبطة بالحكومة
ولفت أبو فاضل إلى وجود تخبط إلى حد ما في السياسة السعودية في المنطقة بعد الذي حصل في العراق، وأشار إلى أنّ قضية النازحين السوريين في لبنان مرتبطة مباشرة بالسعودية وبتشكيل الحكومة، ملمحاً إلى أنّ لبنان إذا قبل بالتوطين تتشكل الحكومة فوراً، وقال إنّ التهويل بالوضع الاقتصادي هو بهدف الذهاب إلى التوطين.
وشدد أبو فاضل على أنّ "العمل على عودة النازحين السوريين الى بلادهم من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن قبل حزب الله والتيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل هو عمل وطني وهم قاموا به نتيجة تقاعس الحكومة عن القيام بعملها في هذا الإطار وخاصة وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي والبعض من فريقه السياسي"، مؤكدا ان "النازح السوري لن يشعر بحريته إلا على أرضه وتحت سماء بلده".
للحفاظ على صورة لبنان
وأكد أبو فاضل أنّ على كل القيادات في كل الطوائف للحفاظ على وجه وصورة لبنان منعاً للتوطين، مشدّداً على أنّ لبنان لا يتحمّل توطين الفلسطينيين في ظل وجود مليوني نازح سوري من لون طائفي معيّن، لافتاً إلى أنّ التوطين من شأنه أن يغيّر وجه لبنان الديمغرافي بالكامل، مناشداً جميع الفرقاء ضرورة العمل لإنقاذ البلد إزاء ما يحصل على هذا الصعيد.
وشدّد أبو فاضل على أنّه لا يوجد شعب وقف إلى جانب قيادته وخسر، مستشهداً بما حصل في سوريا، بخلاف ما حصل في دول أخرى كتونس ومصر وليبيا، حيث كان الرؤساء معيَّنين من الولايات المتحدة، ولم يكن الشعب إلى جانبهم، فتمّت الإطاحة بهم جميعاً. وقال إنّ هناك مسؤولين في الدولة مستفيدون من النازحين السوريين، منبّهاً إلى أنّ ما وصفها بالهيئة السفلى للإغاثة تتلقى الأموال على ظهرهم.
هجوم سياسي لا قيمة له
من جهة ثانية، أشاد أبو فاضل بموقف مجلس شورى الدولة برئاسة القاضي هنري خوري والرؤساء والمستشارين الكبار حول إلغاء مناقصة الميكانيك، موضحاً أنّ هذا القرار وفّر على الشعب اللبناني 500 مليون دولار، واصفاً هذا الأمر بالعمل البطولي، مستغرباً عدم إظهار ذلك من جانب الإعلام.
ولفت أبو فاضل في المقابل إلى أن "الهجوم على قرار استقالة قاضٍ هو هجوم سياسي لا قيمة له"، موضحاً أن التحقيق لا يزال مستمراً معه، معتبراً أنّ الهجوم يندرج في خانة إطلاق النار على مجلس شورى الدولة نظراً لما أنجزه الرئيس هنري خوري لم يستطع الرئيس شكري صادر إنجازه خلال عشر سنوات.
تصويب على المحكمة العسكرية
وأشاد أبو فاضل كذلك بالقضاء وأحكام الكثير من القضاة، خصوصاً ممن يؤمّن لهم الغطاء وزير العدل سليم جريصاتي الذي وصفه بـ "صاحب العلم الوافر في القانون والقضاء على أنواعه"، مشدّداً على أنّ وزير العدل لا يستطيع أن يكون طرفاً عند رئيس كتلته، مؤكداً أنّ جريصاتي هو اليوم طرف لمصلحة لبنان، ولم يقم بأي شيء عاطل.
وتساءل أبو فاضل في سياق آخر عن سبب الهجوم المتكرر على المحكمة العسكرية، متحدثاً عن تصويب ممنهج عليها من قبل ما وصفها بجمعيات حقوق الإنسان وحقوق الحيوان وغير ذلك، ملمحاً إلى أنّ هؤلاء جميعاً يقبضون من الخارج، داعياً إياهم إلى رفع السرية المصرفية عن أموالهم لكشف الحقائق، موضحاً رداً على سؤال أنه لا يشمل الجميع، ولكن بعض جماعات المجتمع المدني مشبوهون وتابعون للسفارات، وهذا الأمر معروف.
العفو العام متعثر
ورداً على سؤال، كشف أبو فاضل أن "تعثر صدور قانون العفو العام في هذه المرحلة هو نتيجة للخلافات السياسية المستحكمة حوله"، مذكّراً بما كان قد نبّه إليه في مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية حيث أكد أنه إذا لم يصدر قانون العفو قبل الانتخابات فلن يصدر بعدها.
واستبعد أبو فاضل التوصل إلى قاسم مشترك بين مختلف الفرقاء للعفو في المرحلة الراهنة، مشيراً إلى أنّ من الصعب أن يحصل العفو اليوم، ملمحاً إلى أنّ النواب لن يتحمّسوا له اليوم مع بدء ولايتهم وعدم حاجتهم للناس، مع تشديده على أنّهم يجب أن يذهبوا لإقرار العفو إذا كانت نواياهم صادقة.
اتفاق معراب لم يشكل ورقة ضغط
واعتبر أبو فاضل رداً على سؤال، أن مجرد رمي ورقة اتفاق معراب في الإعلام من قبل القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع يدل على أنّهم لم يعودوا يكترثون له، موضحاً أنّ هذا الأمر لم يشكل ورقة ضغط على التيار الوطني الحر، بل على العكس من ذلك، أدّى إلى نفور أكثر، وأدى إلى رفع سقف الهجمات.
وقال أبو فاضل إنه على الصعيد الشخصي تفاجأ بمضمون الاتفاق، لافتاً إلى أنّ القوات اللبنانية كانت أول من نسفت الاتفاق الذي نصّ على خوض الانتخابات النيابية معاً، فيما كانت القوات سباقة في إعلان ترشيح فادي سعد في البترون الذي أبدى يومها استعداده للتحالف مع النائب السابق بطرس حرب في مواجهة الوزير جبران باسيل.