ذكرت "الاخبار" ان وزير حزب القوات اللبنانية غسان حاصباني، حوّل وزارة الصحة ــ بسرعة فائقة ــ إلى ما يشبه مغارة علي بابا، حيث يصعب التكهن أين تبدأ المخالفات التي أنجزها خلال عامين ومتى تنتهي. وبالطبع، لا يمكن حاصباني وحده إمساك كل ملفات الفساد بيديه الاثنتين، لذلك كان لا بد من الاستعانة بمستشارين منتدبين من معراب خصوصاً لهذه المهمة.
وكشفت "الأخبار" استدعاء جهاز أمن الدولة لمستشارة وزير الصحة غسان حاصباني، السيدة أنجليك خليل، للتحقيق معها في ملف بيع أدوية بطريقة غير شرعية يقوم بها أحد العاملين لديها، وبموافقتها، إذ إن هذه المستندات تحمل توقيعها الخاص. يعمل مستشاره الثاني إيلي زيتوني على خطّ آخر. تتمحور مهمات الأخير حول توزيع السقوف المالية على المستشفيات الخاصة والحكومية (السقوف هي المبالغ التي تدفعها الدولة، عبر وزارة الصحة، لكل مستشفى، بدل استشفاء المرضى غير المضمونين). شكل هذا الملف فضيحة صحية، على اعتبار أن المبالغ وُزعت استنسابياً عبر خفض سقوف المستشفيات الحكومية مقابل رفعها للخاصة، وكأن الهدف ضرب مستشفيات الدولة التي تشكل وجهة المرضى الفقراء الوحيدة عوض الموت على أبواب المستشفيات الخاصة التي ترفض غالبيتها استقبال أي مريض على حساب الوزارة. يومها، خرج حاصباني لتبرير هذه الفضيحة عبر القول إن توزيع السقوف اعتمد معايير علمية تلحظ عدد الأسرّة في كل مستشفى وحجم الطلب وكلفة الاستشفاء، وإن العملية جرت بشفافية تامة. ذلك قبل أن يتبين أن المعايير العلمية والشفافية في قاموس حاصباني ومستشاره إيلي زيتوني تعني "التلاعب بالسقوف".
واوضحت انه قبيل توزيع السقوف المالية، طلب زيتوني من نقابة المستشفيات تزويده بجدول يحدد عدد الأسرّة في كل مستشفى. كذلك طلب من المستشفيات تقديم إفادات الانتساب إلى النقابة بغية إرفاقها بعقود الوزارة المبرمة. ولكن لا حاصباني ولا زيتوني التزما المستندات المقدمة من النقابة والمستشفيات، وهنا بدأت عملية التلاعب.
وبحسب إفادات نقابة المستشفيات المقدمة إلى الوزارة حول عدد الأسرّة في المستشفيات، يتضح أن الرقم المعتمد من الوزارة، الذي جرى على أساسه توزيع السقوف، رقم مختلف تماماً عن الرقم الحقيقي. الكلام هنا ليس عن مستشفى أو اثنين، بل أكثر من 14 مستشفى. اللافت هنا أن مستشفى هارون التابع لنقيب المستشفيات سليمان هارون، جرى التلاعب بعدد أسرّته، علماً بأن إفادات النقابة حول عدد الأسرّة الأصلي تحمل توقيع هارون نفسه. وعلى هذا الأساس، بلغ سقف مستشفى اللبناني الجعيتاوي في عام 2018، 5 مليارات ليرة، والقديس جاورجيوس 5 مليارات و700 مليون ليرة، هارون 3 مليارات و280 مليون ليرة، مار يوسف 3 مليارات و375 مليون ليرة، سيدة المعونات 8 مليارات و745 مليون ليرة، المشرق 3 مليارات و100 مليون ليرة، القديسة تيريزا 1 مليار و745 مليون ليرة، عين وزين 9 مليارات و595 مليون ليرة، سان لويس 1 مليار و290 مليون ليرة، لبيب الطبي 5 مليارات و350 مليون ليرة، المرتضى 2 مليار و485 مليون ليرة، سان جورج عجلتون 3 مليارات و475 مليون ليرة، سيدة مارتين 2 مليار و180 مليون ليرة ومنذر الحاج 1 مليار و400 مليون ليرة. علماً أن مستشفى منذر الحاج اشتراه العام الماضي النائب القواتي جورج عدوان، وحُدد سقفه المالي في عام 2016، أي قبيل عملية الشراء بـ650 مليون ليرة. إلا أن حاصباني رفع سقف المستشفى في عام 2017 إلى 1.4 مليار ليرة، وأبقاه على ما هو عليه في عام 2018، برغم أن هذا المستشفى لم يصرف كامل اعتماده السنوي. إذ تفيد الفواتير التي قدمتها إلى لجان الاستلام في وزارة الصحة عن كامل عام 2017 بأن المبلغ المصروف 700 مليون ليرة، أي نصف السقف المحدد. لكن حاصباني ومستشاره زيتوني يصرّان على منحه اعتماداً سنوياً بقيمة 1.4 مليار ليرة.