تتلهى القوى السياسية والكتل النيابية في امور دستورية وقانونية حول ما اذا كانت عملية تشكيل الحكومة محصورة برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وعما اذا كان يستطيع الانتظار لتقديم تشكيلته لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أطول فترة ممكنة، لان الدستور لا يلزمه بمدة محددة في مهمته هذه، وعما اذا كان لرئيس البلاد التدخل في عملية التشكيل.
مصادر نيابية متابعة لنشاط الحريري وجهوده لتقديم حكومته للرئيس عون ترى أنّه يواجه عدة عقد باطنها خارجي وظاهرها داخلي.
وتعتقد المصادر ان نتائج الانتخابات النيابية التي حددت احجام الكتل تمثل العقدة الداخلية الكبرى امام الحريري، مشيرة الى ان القوات اللبنانية والنائب السابق وليد جنبلاط يطالبان بحصّة تفوق حجميهما ومصرّان عليها، لمعرفتهما ان المملكة العربية السعودية أبلغته ان مواصلة التعامل معه ودعمه مشروط بتلبية مطالب هاتين الكتلتين، في المقابل لا يريد وليس من مصلحة الحريري احياء ما كان يعرف بقوى ١٤اذار داخل حكومته، مع ما يعني ذلك من عقبات تواجه حكومته وتجعلها غير منتجة، كما انه ليس في وارد التخلي عن ربط النزاع مع حزب الله، ولا التخلي عن التفاهم السياسي الذي أدى الى انتخابات رئاسية وقانون انتخاب وإجراء هذه الانتخابات في موعدها .
وتقول المصادر ان رؤية رئيس الحكومة المكلف حول شكل الحكومة وأحجام الكتل وحتى الحقائب وبعض الاسماء اصبحت واضحة لديه، ولكنه لن يكشف عنها لانها على ما يبدو لا تراعي مطالب السعوديين.
وفي هذا السياق يلعب الحريري على عامل الوقت كي يحصل تنازلات من قبل الكتل التي تدور في فلك السعودية للافراج عن التشكيلة، او الانتظار كي يقنع السعوديين بأن مطالبهم غير قابلة للتنفيذ، ويحاول إقناعهم بصيغة تؤمّن له مواصلة التفاهم مع العهد والحفاظ على ربط النزاع مع حزب الله.
في المقابل ان رئيس الجمهورية وبحسب المصادر لا يمكن ان ينتظر الى ان يتم فرض شكل معين على حكومته التي يعتبرها حكومة العهد الاولى، كما انه لن يسمح بان تطول عملية التشكيل في ظل الاوضاع الاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة السيّئة للبنانيين وقد عبر عن ذلك بصراحة من خلال أقوال نشرت على لسانه في هذا السياق.
ولفتت المصادر النيابية والملمّة بالدستور والقانون الى انه لا يمكن لاي عريضة نيابية ان تسحب التكليف من الحريري، كما انه لا يحق لرئيس الجمهورية التدخّل في عملية التشكيل، لانه وحسب الدستور هو الوحيد الذي اقسم اليمين على صون البلاد والمحافظة على أمنها واستقرارها، ومن هذا المنطلق يطلب من رئيس الحكومة ان يقدم له تشكيلة حكومية في وقت محدد، واذا تخلّف هذا الاخير يمكن للرئيس وانطلاقا من قسمه الحفاظ على أمن واستقرار البلاد أن يصدر بيانا يعتبر فيه التكليف لاغٍ ويدعو الى استشارات نيابية.
وهنا تقول المصادر ان رئيس الجمهورية في حال تسلّم التشكيلة يصدر مراسيمها ويبقى عليها ان تحضّر بيانها الوزاري في مهلة شهر واحد وإلا تعتبر مستقيلة وتصرّف الاعمال، واذا ما أنهت بيانها ضمن المهلة الدستورية تتقدم بطلب الثقة من المجلس النيابي الذي يقرر مصيرها.
وذكرت المصادر بأن الأكثرية النيابية في المجلس النيابي هي بيد فريق لا ينسجم مع توجهات السعوديّة، وبالتالي فان أي حكومة من هذا اللون سيضطر الحريري لتشكيلها ستسقط في المجلس النيابي.