لم تتكشف بعد تفاصيل الخلوة التي عقدت في هلسنكي الاسبوع الماضي بين الرئيسين الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، لكن الوقائع والمعطيات تشير الى ان هناك تفاهمات حول بعض الملفات في سوريا ومنها عودة النازحين السوريين الى بلادهم ، وتطبيق معاهدة فصل الاشتباك بين اسرائيل وسوريا التي تم توقيعها في أيار من العام ١٩٧٤. ولاحظت مصادر ديبلوماسية غربية تناقضاً في الكلام بين بوتين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بفارق ساعات قليلة من الوقت. ففي حين كان الاول يركّز على اهمية تطبيق فك الاشتباك وعودة الجنوب السوري الى الهدوء والامان والاستقرار لما فيه ضمان التهدئة والامن لسوريا واسرائيل، كان الثاني يشدد على اهمية الاتفاق من جهة، ولكنه يتوعد بعدم التهاون والرد على اي حادث امني او عسكري تشهده هذه البقعة الجغرافية.
ورأت هذه المصادر انه وللوهلة الاولى تشير هذه التعليقات الى ان روسيا تدرك المخاوف الإسرائيلية ، وان موسكو ستساعد في ضمان عدم تهديد الامن الاسرائيلي، غير ان التداعيات الطويلة المدى المترتبة على مشاركة موسكو بشكل وثيق في التوسط في الوضع لا تزال غير واضحة، بما في ذلك بالنسبة لواشنطن الشريك الأصلي في ارساء وقف اطلاق النار في الجولان.
واعتبرت المصادر ان نتنياهو فضل بشكل واضح تركيز بوتين على الاتفاقية من العام في ١٩٧٤خلال المحادثات في هلسنك،ي وبقيامه بذلك، قدم دليلا آخر على ان اسرائيل قد سلمت بأن تؤدي روسيا دور الحكم الرئيسي في الاحداث في جنوب سوريا وأنها ستحاول ان تحقق افضل ما يمكن من هذا الواقع بالتركيز على هدفها الرئيسي وهو ابقاء ايران خارج سوريا .
ولاحظت المصادر الديبلوماسية انه منذ ان تدخلت روسيا للمرة الاولى في الحرب عام ٢٠١٥ ، قام نتنياهو بتسع زيارات لموسكو اجتمع خلالها مع بوتين من اجل التوصل الى تفاهمات حول سوريا، لاسيما في ما يتعلق بدور ايران هناك. والآن وقد حقق بوتين هدفه في تعزيز سلطة الرئيس السوري بشار الاسد في دمشق، لا يخفي المسؤولون الاسرائيليون وجود نوع من التباعد بين موسكو وطهران، اذ لم تستخدم القوات الروسية صواريخها لاعتراض الضربات الجوية العديدة والمستمرة ضد قواعد إيرانية .
والجدير بالذكر انه طوال أربعة عقود خضعت العلاقات السورية-الإسرائيلية للتهدئة وتطبيق وقف اطلاق النار المفتوح بعد حرب ١٩٧٣، وخفّضت القوات على جانبي خط فض الاشتباك . واستندت الاتفاقية الاى
التزام سوريا غير المكتوب وغير المعلن بمنع تسلل المسلحين عبر الجولان، وقد التزمت دمشق بها الى حد كبير. ويضم الجزء السوري من الجولان سبعة عشر قرية وأكثر من ٢٠٠ الف نسمة ، ولا يزال هناك الف ومئة مراقب من "قوة الامم المتحدة لمراقبة فُض الاشتباك أندوف " ومقرهم داخل اسرائيل بسبب الحرب، ولوحظ مؤخرا ان افرادا من الشرطة العسكرية الروسية تمركزوا في النقاط التي كانت تتواجد فيها "الاندوف" داخل الاراضي السورية.
ومن الواضح ان روسيا فخورة حتى الان، حسب المصادر، بانها تمكنت من الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من اسرائيل وإيران ، وذلك نابع من انها لا تريد ان تقع في مواقف حرجة في حال حصول تصعيد واسع النطاق بين العدويين ، الا انها ستواصل خطتها مع الجانبين في سوريا بقدر ما تستطيع