بعد أن كان الرهان اللبناني على نتائج قمة هلسنكي، بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، من أجل حلحلة العقد التي تعيق ولادة الحكومة، في حين كان الحديث سابقاً عن أن معظمها داخلي لا خارجي، كانت النقطة الأبرز التي خرجت بها القمة على المستوى المحلي، الإعلان عن مبادرة لتأمين عودة أعداد كبيرة من النازحين السوريين الى لبنان، الأمر الذي سارع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى التفاعل معه، عبر تكليف مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان التواصل مع المسؤولين الروس، بالرغم من أن هناك تكليفاً رسمياًلمدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بهذا الملف.
خطوة الحريري اثارت استغراب مصادر متابعة، نظراً إلى أن شعبان لا يملك أي صفة رسمية، وبالتالي، كان الأفضل أن يعمد الحريري إلى تكليف وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي، الذي من المفترض أن يكون المعني المباشر بهذا الملف، أو أحد الوزراء الآخرين كوزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في حال لم يكن يريد أن يبقى هذا الملف بيد المدير العام للأمن العام، وذلكلأن مستشاره لا يمكنأن يكمل مهمته في حال قرر الحريري الإعتذار لاحقاً عن تأليف الحكومة.
وتشير هذه المصادر إلى أن الحريري أقدم على هذه الخطوة من أجل تجنب ما تطالب به قوى الثامن من آذار منذ أشهر طويلة، أي التواصل مع الحكومة السورية بشكل مباشر لمعالجة الملفات العالقة بين الجانبين، بالرغم من أن هناك قناعة لدى بعض المحيطين به بأن التسوية على هذا الصعيد قادمة عاجلاً أو آجلاً، لا سيما مع إستعادة دمشق سيطرتها على معظم المناطق التي كانت بيد الفصائل المعارضة، وتضيف: "ليس ملف النازحين وحده ما يستدعي التواصل مع الجانب السوري، بل هناك ملف التصدير براً، بالإضافة إلى الإستفادة من مشاريع إعادة الإعمار التي باتت على نار حامية".
من وجهة نظر المصادر نفسها، هناك قوى اقليمية ترغب الإستفادة من هذه الورقة في المرحلة المقبلة، فيما يجب ترقب الموقف السوري من هذا الواقع، في ظل معلومات تفيد أن موسكو أبلغت واشنطن عدم قيامها بأي خطوة من دون موافقة دمشق، وهي (اي روسيا) في الأصل تستند في كل مواقفها،الى ان تواجدها في سوريا ونشاطها هناك انما اتى في ظل طلب رسمي من السلطات السورية، وبالتالي لا يمكن تخطي الموقف السوري في هذا المجال.
بناء على ذلك، توضح المصادر المطلعة أن دمشق، بالرغم من العلاقات المميزة التي تجمعها مع العديد من الأفرقاء المحليين، تعتمد على القناة الرسمية بين البلدين لمعالجة ملف النازحين، أي اللواء إبراهيم، ولن تقيم وزناً لاي قناة اخرى،وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه هو عما إذا كانت سياسة النأي بالنفس لا تزال تخدم المصالح اللبنانية.
في المحصلة، تجزم المصادر نفسها أن عمليات إعادة النازحين، القائمة حالياً، سوف تبقى مستمرة بالوتيرة نفسها، لكنها تشير إلى أن المعالجة الشاملة لن تتم إلا بعد التواصل على المستوى الحكومي بين البلدين، وهو امر" لن يكون بعيداً."