أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ، في حديث صحفي، أن "القديس شربل وحده يستحق أن نتنازل له، أمّا الآخرون فليسمحوا لنا"، مشدّداً على "تمسّكِه بحصة وزارية وازنة تُعادل خمسة وزراء"، ورافضاً أن "يقتصر تمثيل القوات على ثلاثة وزراء فقط".
واعتبر جعجع أن "أمة وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل تكمن في أنّ للمشاركة وقعَ الإشراك لديه"، نافياً أن "تكون السعودية هي من يعرقل تأليفَ الحكومة، وجازماً بأنّ العقَد محلّية محض".
ودعا رئيس الجمهورية ميشال عون إلى "التدخّل وتصويب الأمور على قاعدة أنّ حصّة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر يجب أن تضمّ 8 وزراء وليس 11 وزيراً، قياساً على حصيلة الانتخابات"، معتبراً أن "في استطاعة الرئيس عون، إذا بادر، أن يدفع نحو تأليف الحكومة غداً"، مؤكداً أن "هناك نظرةً مشتركة إلى قواعد التأليف تجمعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، مشيراً إلى وجود كيمياء بينه وبين بري".
وتابع بالقول انه "لم يُسجَّل بعد، وفق علمي، تقدّم حقيقي في ملف تشكيل الحكومة، علماً أنّ الحريري يبذل جهوداً مضنية في هذا الاتجاه"، لافتاً الى أن "سبب التأخير في التأليف يعود الى كون البعض لا يزال يرفض الاعتراف بنتائج الانتخابات النيابية، وأنا أعرف كلّ جانب يتّهم الآخر بذلك، لكن وحسماً للنقاش وحتى نخرج من دوّامة الاتهامات المتبادلة، أريد أن أعتمد منطق باسيل معياراً لتحديد حجمنا الوزاري".
وأوضح أنه "اعتبَر باسيل انّ الانتخابات أظهرَت انّ القوات تمثّل 31 في المئة من المسيحيين، ومع انّ الرقم غير دقيق لأننا نمثّل 36 في المئة، فأنا سأماشيه في طرحه الذي يعني انّ ثلثَ الاصوات الذي حصلنا عليه يساوي خمسة مقاعد وزارية من أصل 15 مقعداً تعود للمسيحيين، هذا هو حقّنا وفق حسبةِ باسيل نفسِه، فلماذا لا يُقرّ به"، مشدداً على أنه "من غير الوارد لدينا على الإطلاق أن نقبل بثلاثة وزراء فقط كما يطرح باسيل، لأنّ هذه النسبة تفتقر الى أيّ منطق او اساس".
كما نوه جعجع الى أن "نظرية تخصيص كلّ اربعة نوّاب بوزير هي اختراع لا وجود له في قواميس السياسة اللبنانية ولا يمثّل سوى صاحبه، علماً أنّ التمثيل في الحكومة يراعي الى جانب نتائج الانتخابات، اعتباراتٍ سياسية أو تقنية او غيرها، وبالتالي ليس مطلوباً ان تكون الحكومة نسخةً طبق الاصل عن مجلس النواب، وفي كلّ الحالات نحن يحقّ لنا بستة وزراء وفق تفاهم معراب وبخمسة تبعاً لحسابات باسيل"، منوهاً الى أن "المفارقة انّ مشكلة الاعتراض على حجم تمثيلنا موجودة الآن لدى من يُفترض به ان يكون متعاوناً، بينما انتفَت المشكلة لدى من كانت موجودة لديهم في السابق، وقد بلغَنا من الرئيس نبيه بري انّه و"حزب الله" لا يتدخّلان في مسألة تحديد النسَب والحقائب المسيحية وعليه، لم يعد مفيداً أو مقنعاً ان يتذرّع المعرقلون بموقف بري والحزب لتبرير موقفهم".
وعن سؤال حول ما اذا كانت العقَد محلية فقط أم أنّ السعودية تؤخّر تأليفَ الحكومة في انتظار أن تضمنَ حصّة وازنة للقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، أوضح أنه "نعم، السعودية تتمنّى تمثيلاً وازناً لنا، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، لكن الصحيح كذلك انّ السعودية لا تمارس ضغوطاً في هذا الاتجاه ولا تتحمّل مسؤولية تأخير التأليف".
أما عن سؤال "الى أيّ حدّ تبدو القوات مستعدّة لتقديم تنازلات معيّنة إذا كان يوجد استعداد لدى الآخرين لإبداء المرونة أيضاً"، شدد جعجع على "أنني لستُ مستعداً للتنازل، لأنني لا أستطيع ان أعبثَ بأرقام الانتخابات او ان أخذلَ الإرادة الشعبية التي منحَتنا ثقتها، بصراحة، لا نيّة أو اقتناع لديّ بتقديم تنازلات عن حقوق مشروعة"، معتبراً أنه "مِن مسؤولية الرئيس عون والحريري ان يفعلا كلّ ما يمكن لتأليف الحكومة، بناءً على القواعد السليمة"، رافضاً "تقييد مهمّة الحريري بمهلة محدّدة".
واوضح أنه "ربّما يكون من الخطأ تركُ المهلة مفتوحة امام الرئيس المكلف، إنّما هذا هو الواقع الذي يجب التعامل معه حالياً، علماً انّ في الامكان تصحيحه لاحقاً بناءً على تعديل دستوري، تماماً كما انّ المهلة المفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية تشكّل خللاً ينبغي ان يُعالج، هذه ثغرات يحتاج إقفالها الى تعديل في الدستور، وحتى ذلك الحين علينا التقيّد بالعرف كما هو والقبول بأنه لا يجوز تكبيل الرئيس المكلف بقيدٍ زمني ولا يصح التهويل عليه".
وعن كيفية الخروج من المأزق، ذكر جعجع أن "هناك حاجة ملحّة الى مبادرة إنقاذية جريئة من الرئيس عون، لأنّ الحريري ونحن وصَلنا الى مكان لم يعُد في قدرتنا التراجع عنه، وحده الرئيس عون يملك في هذه اللحظة مفتاحَ الابواب الموصَدة للحكومة لأنّ لديه هامشاً للتحرّك ويستطيع حسم الامور إيجابياً على قاعدة انّ لوائح العهد التي جمعت مستقلّين ومحازبين من التيار تمثّل 51 في المئة من المسيحيين، أو 55 في المئة وفق باسيل، وبالتالي يحقّ لهذا الفريق ان يحصل على 8 وزراء يمثّلون الرئيس والتيار، وليس 11 بالتأكيد"، منوهاً الى أن "القادر على الدفع نحو تأليف الحكومة غداً وليس بعد غد هو الرئيس عون تحديداً، إذا اتّخذ قراراً بالتدخّل لتصويب الأمور".
وعن سؤال "هل أنت نادم على توقيع اتفاق معراب الذي ارتكز على قبولك بانتخاب عون رئيساً في مقابل المناصفة مع التيار في السلطة؟، أكد أنه "ليس نادماً، لأنّ الهدف الاساسي من انتخاب عون كان سياسياً، امّا التفاهم على المناصفة فهو ملحَق بالاتفاق السياسي"، لافتاً الى "اننا أردنا من انتخاب عون ان ننهيَ الفراغ ونختار رئيساً يتحلّى بصفة تمثيلية ونساهم في إنهاء العداء المستحكم بين التيار والقوات، وهذه الأهداف تحقّقت".
أما عن سؤال ومع اقتراب العهد من إنهاء عامِه الثاني.. هل أنجز المتوقّع منه، اشار جعجع الى أنه "كان يتمنّى ان يكون عهد عون أفضلَ العهود في لبنان، لكن وللأسف، الواقع ليس على هذا النحو حتى الآن، ونحن سنظلّ نسعى كلّ يوم الى ان يصبح الأفضل، إنّما المطلوب من عون بدايةً ان يضع حدّاً لأولئك الذين يشَوّشون على عهده".
كما أوضح أن "سِرّ التقارب مع برّي هو أنه الدنيا وجوه وعتاب، صحيح أننا قليلاً ما نلتقي على المستوى الشخصي، لكن هناك كيمياء بيني وبين الرئيس بري ولو عن بُعد، بغَضّ النظر عن الاختلاف في المواقع السياسية"، معتبراً أن "المرحلة تتطلب تعزيزَ التنسيق مع بري وكذلك مع الحريري وجنبلاط"، لافتاً الى "انّنا متفاهمون حول مقاربة الملفّ الحكومي، علما أنّني حاولت ان يشملَ هذا التعاون عون أيضاً لكنّه أحالنا الى باسيل وتعرفون البقيّة".
وشدد جعجع على أنه " أنا وبري والحريري وجنبلاط لدينا نظرة واحدة الى الامور المتعلقة بتأليف الحكومة سواء لجهة تحديد الاحجام أو لجهة عدم فرضِ فيتوات على احد، وأتمنّى على رئيس الجمهورية ان يلحَظ انّ هذه الشخصيات التي تمثّل قوى كبيرة من مختلف الطوائف متفاهمة على مقاربة مشتركة للتركيبة الحكومية يجب ان تؤخَذ في الاعتبار".
وعن تقاطع "حزب الله" والقوات حول أولوية مكافحة الفساد في هذه المرحلة قابل للتطوّر نحو تعاونٍ مشترَك ضد الفساد، لفت الى أن "التلاقي الموضوعي مع حزب الله في مواجهة الهدر والفساد حصل في الحكومة الحالية، خصوصاً على مستوى قضية الكهرباء، والأرجح انّه سيستمرّ ضِمن هذا الإطار في الحكومة المقبلة، أمّا ان يتطوّر هذا التلاقي الموضعي الى ما هو أبعد من ذلك فالأمر يتوقّف على نظرة الحزب الى مبدأ حصرية السلاح بحوزة الدولة، وإذا بقيَ خلافنا الاستراتيجي حول هذه المسألة نبقى نلتقي حيث يمكن ذلك"، منبهاً الى انّ "سوء الادارة والفساد أصبحا يشكّلان خطراً وجودياً على الدولة التي ستسقط وستنهار من الداخل ما لم نواجه هذا الخطر ونكافحه"، مشدّداً على أنّ "القوات تعتبر أنّ محاربة الفساد وسوء الإدارة مساران متلازمان".
وعن سؤال حوا ما اذا كانت التطوّرات الميدانية في سوريا تخدم محور المقاومة أو 8 آذار، نوه الى أن "هذا الاستنتاج قد يبدو صحيحاً على المستوى التكتيكي، إلّا أنّ التدقيق جيّداً في صفقة الجنوب السوري يؤشّر إلى أنّها تخدم مصلحة إسرائيل وحماية حدودها"، ذاكراً "أنني أؤيد المبادرة الروسية لإعادة النازحين كلّياً ومن دون أيّ تحفّظ"، مشيداً بـ"الجهد العملي الذي يَبذله الحريري لملاقاتها".