منذ أن نفذت القوة الضاربة في الجيش اللبناني مع فوج المغاوير مداهمة الحمودية في بريتال والتي قتل بنتيجتها علي زيد اسماعيل، احد كبار المطلوبين في لبنان مع عدد من افراد مجموعته، لم يحرك حزب الله ساكناً ولم يصدر عن مسؤوليه وقياداته أي تعليق. حُرق علم الحزب في اعتصام الأهالي الغاضبين ظهر الثلثاء وحرقت قبله صورة حليف الحزب، رئيس مجلس النواب نبيه بري، على رغم كل ذلك، بقي الحزب علي صمته ولم يحرك ساكناً لا في السياسة أو الإعلام ولا على أرض بريتال علماً أنه كان يراقب كل تفصيل وتفصيل في تحرك الأهالي.
هذا الصمت اللافت لم يكن من باب الصدفة بل نتيجة قرار قيادي عُمّم على النواب والوزراء بهدف عدم صدور أي تعليق رسمي عنهم. وفي المعلومات التي ينقلها مقربون من الحزب، يتبين أن لحزب الله إعتبارات وحسابات عدة جعلته يحيّد نفسه عما يحصل من تداعيات سياسية لعملية بريتال حتى لو تعرض للشتم من قبل الأهالي القتلى الغاضبين تارةً عبر وسائل الإعلام، وتارةً أخرى عبر لافتات تعلق على أوتوستراد بريتال.
العارفون بإعتبارات الحزب وحساباته يكشفون أن عدم تدخله بما حصل في بريتال من ردات فعل ضده يعود الى تأكده من أن المحرّضين ضده هم من مناصري الشيخ صبحي الطفيلي، الأمين العام السابق لحزب الله المعروف بعلاقاته الجيدة مع كل الدول والمنظمات العربية والعالمية التي تحارب حزب الله بشتى الوسائل وتريد رأس أمينه العام السيد حسن نصرالله. على هذا الصعيد تكشف المعلومات أن الذي حرق صورة رئيس مجلس النواب في بريتال هو أحد مرافقي الطفيلي، ومن حرق علم حزب الله أيضاً هو أحد أقرباء الطفيلي. لذلك وكي لا يعيد الحزب إحياء الفتنة مع الطفيلي لم يعلّق على ما يحصل ولم يتدخل ضد ردات الفعل التي تعرضت له ولقياداته.
وبما أن الذين يحركون الأرض ضده ويحرضون عليه وعلى قياداته هم أساساً من الشريحة الشعبيّة التي لا تؤيده، أي من مناصري الطفيلي الذين يتحدث بإسمهم رئيس بلدية بريتال السابق عباس اسماعيل، وهم غير قادرين بتحريضهم على تشويه صورة الحزب أمام الرأي العام البقاعي وتحديداً في الشارع الشيعي، تركتهم قيادة الحزب من دون أن ترد عليهم.
أمر آخر جعل الحزب ينأى بنفسه عما يحصل في بريتال هو تجنبه الإصطدام بعشائر المطلوبين الملاحقين، فهو لا يغطي أحداً ولا يريد تغطية أحد منهم وهذا ما يغضب عشائرهم، وهو في الوقت عينه لا يريد أن يخوض معركة الدفاع عن الجيش اللبناني تجنباً لإستفزازهم.
إذاً، للحزب حساباته الخاصة في بريتال. تبدأ بتجنب أي إشكال مع الطفيلي، ولا تنتهي بمعالجة الوضع الأمني المتفلّت في البلدة وفي بعلبك-الهرمل بشكل عام، وإنطلاقاً من هذه الحسابات يبقى على الحياد حيث يتوقع أن يصرح، ويصمت ويراقب حيث يفترض أن يتدخل.