أوقفت الشرطة العسكرية ضابطاً برتبة رائد متورط في شطب أسماء مطلوبين بجرم التعامل مع العدو الإسرائيلي وإخلاء سبيل موقوفين وتشكيل ضباط مقابل مبالغ مالية. وقد أدت التحقيقات حتى الآن الى توقيف عدد من المطلوبين المدنيين والعسكريين المتواطئين مع الضابط المشتبه فيه، فيما أُحيل ١٢ موقوفاً مدنياً وعسكرياً الى القضاء في فضيحة بيع الشهادات الجامعية المزورة
يسجل لقائد الجيش العماد جوزف عون، منذ وصوله إلى سدة قيادة المؤسسة العسكرية في آذار 2017، أنه تمكن من مقاربة ملفات حاذر أسلافه مقاربتها، ولا سيما وضع اليد على بعض مواقع الفساد، ومنها قضية دخول المدرسة الحربية عن طريق رُشى لضباط ونافذين في مواقع سياسية وأمنية، وقضية الشهادات المزورة التي يستعين بها بعض العسكريين، وربما غيرهم، لأجل نيل الترقية.
هذه المرة جاء دور بعض الضباط الذين يستغلون المنصب العسكري من أجل حذف أسماء مطلوبين من النشرة الجرمية، وبعضهم مطلوب في قضايا العمالة لإسرائيل أو ضمن شبكات إرهابية.
في التفاصيل، تمكنت مخابرات الجيش من اكتشاف تورّط ضابط في فرع الأمن العسكري في الجيش في ملفات فساد. طرف الخيط، في القضية، معلومات كان يتداولها عسكريون مجنّدون ومدنيون عن وساطات يبذلها ضابط برتبة رائد يُدعى (أ. د.) للبت إيجاباً في إخلاءات سبيل موقوفين. بعد التدقيق، تبين أنه ينشط الى جانبه عسكريون ومدنيون. لم تكن هذه تهمة الرائد (أ.د.) فقط، إذ تبين أنه يقبض مبالغ مالية مقابل حذف أسماء المطلوبين من النشرة الجرمية. كذلك يسهم في تشكيل عسكريين وضباط تبعاً للطلب أيضا.
ليس هذا فحسب، إذ تبين أن الضابط (أ.د.) يتقاضى مبالغ مالية لشطب اسم المشتبه فيهم بالتعامل مع العدو الإسرائيلي بموجب البرقية 303. وهذه البرقية محصورة بالمطلوبين بجرائم العمالة دائماً، والإرهاب في بعض الحالات، حصراً دون باقي الجرائم، باعتبارهما تمسان الأمن القومي، علماً بأنّ هذه البرقية تصدر عن مديرية المخابرات في الجيش وليس عن القضاء، فلا تسقط إطلاقاً بانقضاء أي مهلة زمنية، على عكس بلاغ البحث والتحري الذي يسقط بمرور الزمن أو بمرور المهلة التي حددتها المادة 24 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة. وبالتالي، فإن المطلوب بجرائم عادية، أياً تكن، تشطب البلاغات عن سجله بمجرد توقيفه وتسليمه الى القضاء، أما المطلوب بهذين الجرمين فلا تشطب البرقية 303 الصادرة في حق المشتبه فيه وتبقى على سجل الشخص المطلوب بهما، لضرورة إبقائه تحت المراقبة الدائمة، الا في حالات محدّدة، منها تقدّمه بطلب معلّل للنيابة العامة العسكرية في هذا الصدد، وإذا حصل على موافقة القضاء العسكري يتم شطبها.
وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن الضابط المُشتبه فيه استُدعي في بداية الأمر إلى التحقيق في مركز خدمته، لكنه تُرك وأُبقي قيد المراقبة المشددة. وبعد فترة من المراقبة وجمع المعلومات بشأن نشاطه غير القانوني، طُلبَ من الشرطة العسكرية توقيفه قبل ثلاثة أسابيع، حيث جرى التحقيق معه وتم نقله الى سجن الريحانية حيث يقبع اليوم. وقد توسعت التحقيقات ليتم استدعاء خمسة مشتبه فيهم، بينهم سيدة، حيث تبين وجود شبكة يُعتقد أن بعض أعضائها كانوا يلعبون دور السمسرة أو صلة الوصل بين الضابط وطالبي «الخدمة». كذلك فإن التحقيق الداخلي في المؤسسة العسكرية لم ينته بعد، لا سيما بعد الحديث عن دور له في دورات التطويع الثلاث الأخيرة في الجيش.
وعلمت «الأخبار» أنه جرى إخلاء سبيل ثلاثة موقوفين من عائلة واحدة، فيما أُبقي على الضابط الموقوف وموقوف مدني يُدعى (ش.ذ.) وسيدة يتكتم المحققون على كامل هويتها.
وعلمت «الأخبار» أن قائد الجيش أعطى تعليمات مشددة بعدم التهاون في الكشف عن كل المتورطين في هذا الشبكة، خصوصاً أن المسألة تتخطى الفساد إلى محاولة المس بالأمن القومي.
وبالتزامن مع التحقيقات في هذا الملف، ختمت مديرية المخابرات في الجيش تحقيقاتها مع الشبكة المتورطة في ملف بيع شهادات جامعية لعسكريين لنيل الترقية، وهو الملف الذي أثارته «الأخبار» قبل عشرة أيام، وأُوقفَ فيه عدد من العسكريين الذين اشتروا الشهادات لنيل الترقية.
وكشفت مصادر قضائية أن تسعة موقوفين مدنيين أُحيلوا الى النيابة العامة في جبل لبنان، بعد ترك موقوفة بموجب سند إقامة. ومن المنتظر ادعاء المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية كارمن غالب على المشتبه فيهم بجناية التزوير بموجب المواد ٤٦٠/٤٥٩ التي تصل عقوبتها الى السجن خمس سنوات. كذلك أُحيل ثلاثة عسكريين موقوفين الى القضاء العسكري بحسب الاختصاص.
وقد سُطّر بلاغ بحث وتحر بحق كل من (ط. ج.) و(ع. ع.) و(ح.ز.) المتوارين عن الأنظار، علماً بأن الأخير صودف وجوده في تركيا أثناء إماطة اللثام عن الشبكة وبدء التحقيقات مع الموقوفين فيها. وعلمت «الأخبار» أن دور الأخير لا يُذكر، لكن ورد اسمه إثر التحقيق مع العقل المدبر لهذه الشبكة المدعو (هـ.ع.). أما الموقوفون المدنيون الذين أُحيلوا إلى القضاء فهم: مدير الجامعة (ع. م. ع.)، (ع.ج.) ، (هـ. ع.)، (م.ا.)، (س.ج.)، (ح. ع.)، (ا.ك.)، (ع. ج.)، (س.ح.). وقد تُركت المشتبه فيها (ل. ع.) بسند إقامة، علماً بأن عدداً من الموقوفين المشتبه في تورطهم في بيع الشهادات الجامعية هم أقرباء لموظف كبير في وزارة التربية والتعليم العالي، لا بل أحد المعنيين نظرياً بملف التعليم العالي (الجامعي) في القطاع الخاص!