توقفت المزايدات اقله في هذه المرحلة، بين عدد من القوى السياسية حول ملف النازحين السوريين، وعودتهم الى بلادهم، بعد المبادرة الروسية لإعادة هؤلاء الى بلدهم، كما وضع اللقاء الذي حصل في بعبدا بين رؤساء الجمهورية ميشال عون والنواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال سعد الحريري والوفد الروسي تصورا لعملية تنفيذ العودة، والأطر لمعالجتها.
واشارت مصادر نيابية متابعة لهذا الملف ان التقديرات المتحفظة تضع لبنان البالغ عدد سكانه اكثر من أربعة ملايين نسمة، هو في موقع قياسي تاريخي في نسبة النازحين مقابل المواطنين.
وتقول المصادر ان الخطة الروسية لعودة هؤلاء الى سوريا لا تزال محطّ نقاش في أروقة الادارة الاميركيّة، وهو ما يفسر الغموض في موقف واشنطن العلني منها، وبعض الارتباك الذي ظهر على مسؤولين لبنانيين غداة كشف موسكو تفاصيل هذه الخطة وإيفادها وفدا رفيعا لمناقشتها مع دول الجوار السوري، وهي الدول الاكثر استضافة للنازحين .
ويسجل لرئاسة الجمهورية والدبلوماسية اللبنانية أنهما تلقفتا على وجه السرعة هذه الخطة كما التحرك الروسي السريع في اتجاه الدول المستضيفة، لتقطعا الطريق على اي ألغام او أفخاخ محليّة او إقليميّة قد يجري وضعها في سبيل اجهاض العودة المتدرجة لكن المستدامة، وخصوصا ان افرقاء كثر سبق ان تقاطعت مواقفهم على رفض حتى مجرد البحث في العودة بذريعة ممانعتهم رمي النازحين العائدين في أتون النظام السوري وعدم رغبتهم الاعتراف به.
ولفتت المصادر الى ان المبادرة الروسية ستشكل عنصر ضغط لمصلحة المنادين بإعادة العلاقات السياسيّة بين لبنان وسوريا، نظرا الى ان عودة النازحين لا يمكن ان تتم دون تنسيق يتعدى الشق الامني، وهو الحاصل حاليا بواسطة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الى التنسيق السياسي المباشر في مسألة العودة، كما في اعادة الحياة الى التبادل التجاري والاقتصادي، ولا يبدو ان دمشق في وارد تسهيل هذا الامر الذي يحتاج الى قرار سياسي واضح على مستوى الحكومة الجديدة يتعدى الحسابات السياسيّة المرتبطة بمسألة الاعتراف بالنظام السوري او استمرار حجب الاعتراف به.
وقالت هذه المصادر ان الانتخابات النيابية الاخيرة التي حصلت في لبنان أسفرت عن عودة صريحة لبعض حلفاء سوريا العلنيين الى المجلس النيابي، بما يؤكّد بأن دمشق لا تزال فاعلة في السياسة اللبنانية، وإعادة النفوذ والتأثير والقدرة، مع ما يصاحب ذلك من مكافأة الأصدقاء ومعاقبة الخصوم .
وأملت المصادر في ألّا يمثل مجلس العزاء الذي عقد في دارة المير طلال إرسلان، والمواقف التي اطلقها امام حضور مميز من الشخصيات والوزراء، والتي تناولت النائب السابق والزعيم الدرزي وليد جنبلاط دون ان يسميه اضافة الى كلمة للسفير السوري علي عبدالكريم، ضربة قوية للجهود التي بُذلت والتي اشارت الى تفاؤل بقرب تشكيل الحكومة ويؤشّر الى تعقيد الحياة السياسية في البلاد.