أكّد رئيس الجمهورية ميشال عون، عشية الأول من آب وخلال استقباله واللبنانية الأولى ناديا الشامي عون، بحضور مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير، وفدًا ضمّ أفراد من عائلات الشهداء العسكريين، أنّ "لا شيء يعوّض خسارة الإستشهاد سوى متابعة النضال في سبيل الوطن الّذي حلم به شهداؤنا واستشهدوا من أجله"، مشيرًا إلى أنّ "وعده لهم حين كان في المنفى، أن لا يترك النضال إلّا كي يعود إلى الوطن ويؤمّن لأبنائهم حياة كريمة يسودها الأمان في لبنان حر، سيد ومستقل.
من جهته، لفت النائب إدغار معلوف نجل العميد الطيار الشهيد بول معلوف، في كلمة بإسم الوفد، إلى أنّ "الجميع يعلم مدى حرص الرئيس عون، كقائد أعلى للقوات المسلحة، على أبناء شهداء الجيش"، مبيّنًا "أنّنا نشعر بالأمان، لأنّنا نعلم حرصكم الكبير على المؤسسة العسكرية، وعلى أولاد الشهداء الّذين ضحّوا بأنفسهم فداء للوطن".
من ثمّ، أشارت حياة صدقة زوجة الشهيد الرائد الطيار جورج صدقة، وأم الشهيد الملازم أول الطيار هادي صدقة، إلى أنّ "في 31 تموز من كلّ عام، يبرز شعار "لن ننساهم أبدًا". ففي هذا اليوم يستذكر كلّ لبنان شهداء الجيش الّذين ضحّوا بحياتهم دفاعًا عن لبنان وعن قضية الجيش الوطنية الّتي آمنوا بها"، منوّهةً إلى "أنّنا عائلات العسكريين الّذين استشهدوا في مواجهة الجيش السوري والميليشيات والعدو الإسرائيلي، وفي مواجهة الإرهاب وغدره، كي يبقى لبنان سيّدًا حرًّا مستقلًّا، نفتخر بكلّ واحد منهم، وندرك جيّدًا أنّ دمهم لم يذهب سدى".
وشدّدت على أنّ "العهد الّذي يربطكم بشهدائنا، ووعدكم بتحقيق لبنان القوي، ووجودكم على رأس الدولة اللبنانية، عزّز فينا الأمل بأنّنا وأولادنا سنعيش في بلد ترسمون مستقبله، قوي على قدر تطلّعاتنا وطموحاتنا، البلد الذّي من أجله قدّم شهداؤنا أغلى ما لديهم وتركوه امانة بين يديكم، أنتم الاب الذي يحضن ويجمع"، مركّزةً على أنّ "لدينا ملء الثقة بجيشنا القوي، وبقائده الّذي وضع في سلّم أولوياته الشهداء وعائلاتهم والحرص على المؤسسة العسكرية ورعايته لجميع عناصرها".
بدوره، أوضح الطفل كريس سلوم، ابن الشهيد المقدم ابراهيم سلوم، في كلمة بإسم أبناء الشهداء، أنّ "كل لبنان يذكر اليوم شهداء الجيش، يذكر آباءنا الّذين فقدناهم وهم يرتدون البزة العسكرية ويقول عنهم اللبنانيون انّهم أبطال كونهم قدّموا دماءهم من أجل أن نعيش بأمان وسلام، ولكي يبقى لبنان"، متوجّهًا إلى الرئيس عون، قائلًا "كنتم قائدًا للجيش، لذلك أنتم أكثر من تفهمون ما نشعر به، ولا شكّ أنّكم حزنتم على خسارة الشهداء وتذكرونهم بشكل دائم، ولن تنسوا حتمًا أولاد هؤلاء الشهداء الّذين حرموا من حنان الوالد وهم في طور النمو".
فردّ الرئيس عون، لافتًا إلى "أنّني ألتقي بكم اليوم وقد عادت بي الذاكرة إلى مكان آخر، حيث استذكر والد كلّ واحد منكم كان قد استشهد خلال القتال أو خلال القيام بعمليات ومهمّات أمنية في الداخل او على الحدود، وأؤكّد أنّ هذا الدم سقط كي يُحفظ الوطن".
وبيّن "أنّني سُئلت عندما كنت في المنفى عن سبب استمراري بممارسة العمل السياسي، فيما نسي الناس نداء يا شعب لبنان العظيم، فأكّدت حينها ردًّا على السؤال، أنّ شعب لبنان عظيم، ولكن ظروفه أصبحت سيئة، وأنا كنت وقّعت عقدًا لا أستطيع إلغاءه من طرف واحد لأنّ الشريك الثاني قد رحل. فهم شهداؤنا وكان وعدي لهم أنّني لن أترك النضال إلّا كي أعود إلى الوطن وأؤمّن لأبنائهم حياة كريمة، يسودها الامان، في لبنان حر، سيّد ومستقل، حتّى لو تركني العالم كلّه سأبقى أناضل منفردًا"، منوّهًا إلى أنّ "هذا كان قسمًا بالنسبة لي، وقد واصلت النضال إلى حين عودتي إلى لبنان".
وركّز الرئيس عون على "أنّنا جاهزون لمساعدة أبناء الشهداء وتقديم لهم كلّ ما يحتاجونه"، مشيرًا إلى أنّ "حتّى الّذين استشهدوا في 13 تشرين 1990، لم يتمّ منحهم في الأساس لقب شهداء الجيش، ولكنّنا لم نوفّر جهدًا حتّى اعتبروا شهداء".
وبعد انتهاء اللقاء والتقاط الصور التذكارية، صافح الرئيس عون واللبنانية الأولى أبناء الشهداء، الّذين قاموا برفقة السيدة عون بجولة في أرجاء القصر الجمهوري، رافعين علمي لبنان والجيش. وخلال الجولة الّتي شملت قاعتي الإعلام ومجلس الوزراء، حيث استمع الوفد إلى شروحات عنهما، ألقى عدد من أبناء الشهداء كلمات توجّهوا فيها بالتهنئة إلى اللبنانية الأولى لمناسبة عيد الجيش، معبّرين عن سعادتهم لزيارتهم قصر بعبدا، وأكّدوا من جهة ثانية تعلّقهم بلبنان وثقتهم بالمؤسسة العسكرية وإيمانهم الراسخ بدور الجيش في حماية الوطن.
من جهة ثانية، عرض الرئيس عون للأوضاع العامة في البلاد والتطوّرات السياسية ولاسيما منها مسار تشكيل الحكومة، مع رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن.
وأوضح الخازن بعد اللقاء "أنّه تداول مع رئيس الجمهورية في الإستحقاق الحكومي والوضع الاقتصادي والمالي"، كاشفًا أنّ "الرئيس عون أكّد حتمية تأليف الحكومة في وقت قريب، لأنّ البلد لا يتحمّل أي تأجيل في ظلّ تطوّرات إقليمية حاسمة وتدخّل روسي فاعل لحلّ مشكلة النازحين السوريين الّتي تشكّل أولوية مطلقة عنده، لما لها من انعكاسات سلبية على الوضع الإقتصادي والاجتماعي في لبنان، بخاصّة أنّ الأمر لا يتعلّق بموضوع النازحين وحسب، بل هو مرتبط بمؤتمر "سيدر" الّذي يشترط أيضًا قيام حكومة جديدة ترعى خطة إقتصادية لتطبيق آلية صرف المساعدات المالية الّتي أقرّها المؤتمر لإعادة العافية إلى دورة الحياة في البلاد، والشروع بحملة تطهير شاملة في قطاعات الدولة لمكافحة الفساد والنزف المتواصل في الإدارات العامة تمهيدًا لمرحلة النهوض والانقاذ".
ولفت إلى أنّ "إعلان البنك الدولي أمس عن محفظة للبنان قيمتها مليارا دولار، أتى دليل ثقة إضافية بلبنان"، مبيّنًا "أنّني ازددت قناعة بأنّ الرئيس لن يتهاون في الوعد الّذي قطعه على نفسه ومواطنيه للإقلاع بحكومة تعمل وتنتج وتنجز لأنّه يعوّل على حكومة العهد هذه، بعدما مهّد لها بحكومة جامعة وانتخابات نسبية. وكان الرأي متّفقًا على أنّ المعوّقات الحالية هي من باب رفع السقوف الّتي تسبق عادة الإتفاق على ما فيه المصلحة العليا في البلاد".
سياسيًّا أيضًا، استقبل الرئيس عون النائب السابق فادي الأعور والشيخ سلمان يحيى والشيخ محمود يحيى، وعرض معهم شؤونًا عامة.
أمّا دبلوماسيًّا، فاستقبل الرئيس عون، السفير المعيّن في الفاتيكان النائب السابق فريد الياس الخازن، وعرض معه للأوضاع العامة والعلاقات بين لبنان والكرسي الرسولي.
كذلك عرض الرئيس عون مع سفيرة لبنان في الصين ميليا جبور، العلاقات اللبنانية-الصينية وسبل تطويرها في المجالات كافة، لاسيما من الناحيتين الاقتصادية والسياحية.
كما تداول مع نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفسور ريمون صايغ والمحامي شارل غفري، في شؤون نقابية وأوضاع الأطباء في لبنان وحاجاتهم.