سادت أجواء تفاؤلية بقرب ولادة الحكومة نهاية الاسبوع الماضي خصوصاً بعد زيارة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الى القصر الجمهوري وإعلانه أن الامور تتقدّم بالاتجاه الصحيح، هذه الزيارة وتصريحه الايجابي دفعت بإتجاه إنتشار الاخبار أن العقد الحكومية تُذلّل وأن إعلان تشكيل الحكومة سيتمّ قبل عيد الجيش... فما الذي حصل وأين أصبح مشوار تأليف الحكومة؟!.
"كمين" الحريري!
خرق الكلام الذي سُرِّب عن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل والذي يؤكد أن الحريري من يشكّل الحكومة، داعيا اياه الى اعتماد المعيار الواحد في التأليف وفق نتائج الإنتخابات النيابية كلّ الاجواء التفاؤلية. هنا يشرح الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي عبر "النشرة" وجود "مسارين متوازيين، الأول هو مسار التأليف أما الثاني فهو مسار الإدارة الاعلامية للمعركة"، مشيراً الى أن "الحريري وخلال لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون قدّم طرحين دون أن يغيّر في الجوهر، وبعد خروجه من اللقاء أشاع الاجواء الايجابية من بعبدا، وربطها بلقائه بباسيل حتى يظهر الاخير فيما بعد وكأنه هو المعطّل".
لتطبيق النسبيّة بالحكومة
يلفت بزّي الى أن "باسيل كان أذكى، إذ تجنّب أولاً حدوث اللقاء بينه وبين الحريري، بعد أن تأكّد أن لا جديد في الحكومة، تاركاً الامر بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف وبذلك تجنّب أن ترمى تهمة التعطيل عليه". أما الكاتب والمحلّل السياسي خليل فليحان فيرى أن "باسيل يريد تطبيق النسبيّة في الحكومة وترجمة نتائج الانتخابات بالتأليف، وهذا الامر مرفوض من الحريري ومقبول من "حزب الله"، ولكن اللافت أن لا موقف صريح وعلني لرئيس مجلس النواب نبيه بري في هذا المجال".
حكومة آب...
"العقد الحكومية لا تزال نفسها وهي ثلاث: عقدة القوات، عقدة تمثيل الدروز، وعقدة تمثيل سنة 8 آذار". هذا ما يؤكده بزي، لافتاً الى أن "أمور كثيرة أساسية ليست محسومة وتعيق تأليف الحكومة، أبرزها أجندة العمل الحكومي، التوازنات داخل الحكومة، ومسألة حصول إحدى الجهات داخل الحكومة على الثلث الضامن، وأخيراً تطورات المنطقة".
بدوره فليحان يشير الى أن "الحملة الاعلاميّة التي استخدمت والتي شاعت الاجواء الايجابية عن قرب ولادة الحكومة، هي نفسها التي أظهرت وزير الخارجية بمظهر المعطّل"، مشدداً على "ضرورة أن تتدخّل إحدى الشخصيات لتقنع كل الاطراف بالتنازل لتسهيل التأليف". يعود بزّي ليلفت الى أن "العقدة الحكومية المسيحيّة والدرزيّة افتعلتها السعوديّة، ومن يظنّ بأن الملفّ الخارجي لا يؤثّر بتشكيل الحكومة مخطئ"، مشددا على أن "خلف العقد الظاهرة هناك معايير سياسيّة خفيّة"، معتبراً أنه "وفي ظلّ المشهد الراهن فإن لا خرق جوهري في مشهد تأليف الحكومة وإذا استمرّت الامور على ما هي عليه فلا حكومة قبل نهاية آب الجاري".
في المحصّلة لا تزال الاجواء الايجابيّة السائدة مجرد تمنيّات لم تترجم على أرض الواقع، فكيف سينتهي مسار التأليف ومن سينجح في فرض شروطه في النهاية؟!.