يعيش المسؤولون الإسرائيليون حالة تخبّط، في ظل المآزق التي يعانون منها، بفعل سياسة حكومة اليمين المتطرّف برئاسة بنيامين نتنياهو.
ولا تُوَاجَه هذه السياسة بصمود فلسطيني فقط، في الميدان والدبلوماسية، بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بل تستمر تداعيات الخلافات بين الوزراء والنوّاب في الكيان الإسرائيلي، وصولاً إلى جيش الإحتلال عقب قانون "الدولة القومية" العنصري، الذي أقرّه "الكنيست".
ويُتوقّع أنْ ترتفع موجة الاحتجاج، المستمرة من قِبَل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ العام 1948، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية، البالغ عددهم حوالى 135 ألفاً، حيث فشلت محاولات نتنياهو لاحتواء سخطهم من القانون العنصري، ما انعكس سلباً، بتقديم 3 نوّاب دروز استئنافاً ضد القانون، تزامناً مع حملة الاحتجاج من قِبل المراجع الروحية والفاعليات، وصولاً إلى تقديم 3 ضبّاط دروز، حتى الآن، استقالاتهم من جيش الإحتلال، فضلاً عن انتقاد الكثير منهم للقانون بكتابات عبر صفحات التواصل الاجتماعي "فايسبوك".
ووصل الأمر إلى المقابر الدرزية، حيث عُلّقت لافتة عند مدخل مقبرة قرية عسفيا - جنوب شرقي مدينة حيفا، كُتِبَ عليها: "إلى شهداء حروب إسرائيل الدروز: سامحونا! لم نعرف كيف نحافظ على الكرامة التي منحتمونا إياها.. أرسلناكم وحوّلناكم شهداء من الدرجة الثانية".
وبات المسؤولون الإسرائيليون يخشون تمرّداً درزياً في جيش الإحتلال، والخروج الجماعي منه، بعد دعوات ضبّاط دروز بوقف فرض التجنيد الإلزامي على أبناء الطائفة.
وتأكيداً على خطورة الوضع داخل جيش الإحتلال، من تململ الضبّاط والجنود الدروز، التقى رئيس أركان جيش الإحتلال غادي آيزنكوت بالزعيم الروحي لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ موفّق طريف.
وبعد إخفاق نتنياهو بامتصاص النقمة الدرزية، إثر لقائه زعماء بارزين فيها، كشفت مصادر مطلعة عن أنّه بصدد العمل على إدخال إضافات على القانون، بإيجاد مكانة خاصة للدروز في الدولة اليهودية، باعتبار أنّ اليهود درجة أولى، والدروز درجة ثانية، في محاولة لضمان وجودهم في المؤسّسات العسكرية والأمنية، وهو قانون خطير يكرّس الفصل التام بين الدروز والمسلمين والمسيحيين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إلى ذلك، تقدّم حزب "ميريتس" أمس الثلاثاء، باستئناف ضد قانون "القومية" إلى "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية، بدعوى أنّه غير دستوري، ويتناقض مع مبدأ المساواة، كما يتعارض مع قانون أساس كرامة الإنسان وحريته.
وجاء في الاستئناف: "لم يسبق أنْ عرف العالم حماية دستورية للتمييز على أساس عرقي أو ديني أو جنسي".
ورأت رئيسة حزب "ميرتس" تمار زاندبيرج أنّه "لا يمكن استبدال المبادئ الأساسية التي قامت على أساسها دولة إسرائيل من المساواة إلى العنصرية من أجل مساومة سياسية"، مشيرة إلى أنّ "رئيس الوزراء قرّر تصنيف مواطني إسرائيل إلى درجات دون أدنى خجل .. ولا يجب تعديل قانون القومية، كما لا يمكن تخفيف حدّته، لا يمكن تصحيح العنصرية، بل يجب شطبها بكل بساطة، هذا القانون يحارب دولة إسرائيل، كما عهدناها، قانون كهذا يجب إلقاؤه في سلة مهملات التاريخ".
وكان الوزيران في حكومة الإحتلال، المالية موشيه كحلون والتربية والتعليم نفتالي بينت، قد وجّها انتقادات بشأن استثناء القانون للطائفة الدرزية.
فيما كان رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين قد اعتبر القانون "يدحض ويمس بالتوازن الذي يعرّف دولة إسرائيل منذ تأسيسها، كونها دولة يهودية وديمقراطية في نفس الوقت".
في غضون ذلك، يسطّر أهالي الخان الأحمر - شرقي القدس، أروع ملامح الصمود في وجه مخطّط الإحتلال لاقتلاعهم من أرضهم وهدم منازلهم.
وذُكِرَ أنّ "المحكمة العليا" الإسرائيلية ستناقش اليوم (الأربعاء) التماس أهالي الخان الأحمر لوقف هدم مساكنهم، في وقت وقّع عدد من أعضاء "الكنيست" من حزب "الليكود"، رسالة طالبوا فيها المحكمة بعدم التجاوب مع مطالب الفلسطينيين.
وكانت "المحكمة العليا" قد أصدرت في 13 تموز الماضي، قراراً بتأجيل النظر في ملف الخان الأحمر، وتجميد الهدم حتى 15 آب الجاري.
من جهتها، دعت حركة "فتح" إلى التواجد الدائم والمكثّف في الخان الأحمر، تحسّباً لأي قرارات ممكن صدورها من قِبل محكمة الإحتلال، بهدف إفشال مخطّطاته التوسّعية في القدس، وإيقافٍ لمشروعه التوسّعي المتعلّق بالقدس الموحّدة عاصمة لدولة الإحتلال.
إلى ذلك، أعلنت "اللجنة الدولية لكسر الحصار" عن غزّة، عن أنّ قوّات الإحتلال الإسرائيلي بدأت بترحيل النشطاء الدوليين الـ36 من 15 دولة، الذين كانوا على متن "سفينة العودة" إلى بلدانهم، وذلك بعد يومين من اختطافهم من قِبل البحرية الإسرائيلية، وهم في طريقهم إلى غزّة، واقتياد السفينة إلى ميناء "أسدود".
ورفض النشطاء الدوليون الترحيل الطوعي، مفضلين التأخّر أكثر من 72 ساعة (هي المهلة القانونية لقبول الترحيل الطوعي) بهدف المثول أمام المحاكم الإسرائيلية، لكشف ممارسات جنود الإحتلال، الذين اختطفوا السفينة، ومقاضاة الكيان الإسرائيلي عن طريق رفع قضايا لاحقاً بتهمة الاختطاف من المياه الدولية.
ونقلت "اللجنة الدولية لكسر الحصار" عن الناشطة السويدية ديفينا ليفريني أنّها أعلنت الإضراب عن الطعام في مركز الاحتجاز "احتجاجاً على طريقة التعامل معها من قبل جنود الإحتلال وظروف الاحتجاز القاسية".
في هذا الوقت، استمرّت الطائرات الورقية الحارقة التي يطلقها الشبان الفلسطينيون من قطاع غزّة، تشكّل إرباكاً للإحتلال، حيث شبَّ أمس 15 حريقاً في أماكن متعدّدة بمحيط غلاف غزّة، ما استدعى بذل فرق الإطفاء الإسرائيلي جهوداً كبرى في محاولة للسيطرة عليها، بما في ذلك الاستعانة بطائرات مكافحة الحرائق.