يمر خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الجمهورية الاسلامية الايرانية "بانفصامات" متعدّدة، تجعله حادا حينا وليّنا أحيانا. بعد أسابيع من التصعيد المستمر بين الطرفين، فاجأ ترامب العالم بإعلانه استعداده "لمقابلة الإيرانيين في أي مكان وفي أي وقت يناسبهم ومن دون أي شروط".
لم يمر تصريح ترامب مرور الكرام لدى الايرانيين الذين يعانون ضغطا اقتصاديا وشعبيا لم يعانوا مثله في السنوات الماضية، ولعل أبرز ردّ إيراني جاء على لسان أحد مستشاري الرئيس حسن روحاني الذي قال: "التفاوض من دون شروط مسبقة يعني من دون عقوبات".
يسعى ترامب لاكتشاف الحل الأمثل لتخفيف ما يعتبره خطر إيران في منطقة الشرق الأوسط، ويرى اليوم أن الحوار هو الحل الأقل كلفة وضررا، تماما كما حصل مع كوريا الشمالية وزعيمها من خلال إنهاء الملف النووي بلقاء جمعه بكيم جونغ اون، فهل ينجح الأمر مع روحاني؟.
يعلم الايرانيون بحسب مصادر مطّلعة ان الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية يُوصل الى نتائج ايجابيّة اذا ما عرف القيّمون عليه إدارته، تماما كما حصل خلال مفاوضات الوصول الى الاتفاق النووي الشهير عام 2015، الا أن الايرانيين سيرفضون أي حوار قائم مع وجود العقوبات الاقتصادية عليهم، ما يعني أنهم سيدفعون باتجاه الضغط على الولايات المتحدة الأميركيّة لإزالتها أو تخفيفها لحدّها الأدنى قبل الشروع في أي حوار مستقبلي.
وتضيف المصادر: "سيواجه الايرانيون الدعوة الأميركية للحوار بسقف مرتفع، اذ من المتوقع أن تطلب طهران، أيضًا، عودة ترامب عن قراره الخروج من الاتفاق النووي، مع تأكيدهم على موافقتهم بأن تتم مناقشة الاتفاق خلال أيّ حوار مقبل ولكن على أساس إدخال تعديلات بسيطة عليه لا تمسّ بجوهره، مع وجود ضمانات تؤكد عدم تراجع الرئيس الأميركي عنه مجددا.
دخلت سلطنة عمان على خط المفاوضات بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران، ويلعب الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بالسلطنة يوسف بن علوي بن عبد الله دور الوسيط بين البلدين وهو سيزور إيران خلال اليومين المقبلين لاجل هذه الغاية. وهنا تشير المصادر الى أن محاولة سلطنة عمان التوسط بين البلدين ليست جديدة، حتى أنها ليست الوحيدة، اذ حاول ترامب لقاء روحاني على هامش اجتماع الأمم المتحدة الأخير وفشل، ولكن مما لا شك فيه ان الوضع الاقتصادي الايراني الصعب سيجعل القيادة الايرانية متقبّلة أكثر لفكرة الحوار ولكن بشروط.
في مقابل هذه المستجدات العالمية يستمر تدهور "حال" الاقتصاد الايراني رغم نجاح الحكومة باستعادة السيطرة على السوق ومكافحة الاحتكار ومحاولة ابقاء أسعار السلع على ما هي عليه ومنع رفعها، الا أن ذلك لم يكفِ الشارع الايراني الغاضب فكان التوجه بحسب المصادر نحو اتخاذ تدابير أخرى تساهم بتخفيف النقمة على الحكومة أبرزها الوعود التي أطلقها روحاني بالإفراج عن زعماء المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي في عيد الأضحى المقبل، وهما من المعارضين الذين وُضعوا في الاقامة الجبرية منذ العام 2009.
تعيش الحكومة الايرانيّة أياما صعبة، داخليا وخارجيا، فهل يكون الفرج بحوار أميركي ايراني يخلط الامور في منطقة الشرق الأوسط؟.