في شهر حزيران الماضي استعاد الجيش السوري السيطرة على معبر "نصيب" الذي يربط سوريا بالأردن. واليوم أصبحت الحكومة السورية جاهزة لإعادة افتتاح المعبر الذي أصبح جاهزا للتشغيل بعد الانتهاء من كل القضايا التي كانت تمنع الوصول إليه، ومن ثم صيانته ليكون مستعدا لاستقبال البضائع.
بدأ العمل بمعبر نصيب الحدودي عام 1997 لتستفيد منه ثلاث دول رئيسية، سوريا والأردن ولبنان لأنه طريق اقتصادي أساسي، تمر من خلاله السلع والخدمات والترانزيت، اضافة الى السوّاح، مع العلم أن المعبر في العام 2010 قبل اندلاع الأزمة السورية شهد بحسب ما نُشر تصدير سلع بقيمة 35 مليار ليرة سورية وأُدخلت واردات من خلاله بقيمة 47 ليرة سورية، إضافة إلى مرور خمسة آلاف وخمسمئة شاحنة يوميًا باتجاه سوريا. ولكن ماذا عن لبنان؟ وكيف يستفيد الاقتصاد اللبناني من إعادة فتح معبر نصيب؟.
تستخدم الشاحنات اللبنانية معبر نصيب من أجل الوصول للعالم العربي والخليجي، فقبل إقفال المعبر عام 2015 كانت تعبره 250 شاحنة لبنانية يوميا، محمّلة بالمنتوجات الزراعية والصناعيّة. اليوم ينتظر المزارعون والصناعيّون وأصحاب الشاحنات اعادة افتتاح المعبر بفارغ الصبر، وهذا ما يؤكده نقيب أصحاب الشاحنات شفيق القسّيس، مشيرا في حديث لـ"النشرة"، الى أنّه يشكّل مرفقا "حيويًّا" بالنسبة للبنان، مؤكدا أنه "يساعد قطاعي الصناعة والزراعة على تصدير المنتجات".
ويضيف قسّيس: "قد يظن البعض أن لبنان يصدّر المنتوجات الزراعية فقط ولكن هذا غير صحيح ولا يجب الاستهانة بالمنتجات الصناعيّة التي نصدّرها، فصناعة مولّدات الكهرباء في لبنان مثلا تشكل موردا أساسيًّا في العراق". وقال قسّيس: "بعد اقفال المعبر انخفضت كميّة التصدير الى حوالي النصف، كما أن النقل عبر البحر سبّب خسائر ضخمة نظرا لكلفة النقل المرتفعة"، مشيرا الى أن أصحاب الشاحنات ينتظرون وجاهزون للتحرك بعد ساعات قليلة من إعلان افتتاح المعبر، كما أن خروج الشاحنات الكبيرة سيساهم بتفعيل عمل الشاحنات الصغيرة في الداخل.
وكانت تمرّ عبر الخط البرّي من لبنان إلى دول الخليج عبر سوريا والأردن، 70 في المئة من الصادرات الزراعية اللبنانية، و32 في المئة من الصناعات الغذائية اللبنانية، و22 في المئة من صادرات الصناعة بشكل عام، وقد تراجع تصدير المنتجات اللبنانية إلى الأسواق الخليجية بنسبة تتخطى الخمسين في المئة منذ إقفال المعبر، الامر الذي ألزم اللبنانيين بتصدير بضائعهم بحراً إلى ميناء العقبة وإلى مصر، قبل نقل البضائع إلى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. كل هذا لا يعني بحسب الامين العام للمؤتمر الدائم للفدراليّة والخبير الاقتصادي ألفرد رياشي أن الاقتصاد اللبناني سيستفيد بنسبة كبيرة بعد افتتاح المعبر، اذ يرى أن الاستفادة ستكون بحجم اعتماد لبنان على التصدير، مع العلم أن لبنان يعتبر بلدا مستوردا لا مصدّرا.
ويضيف رياشي في حديث لـ"النشرة": "لن نتأثر إيجابا بنسبة كبيرة لأن تصدير البضائع بالبر لم يكن متوقّفا بل متراجعا، وقد تكون الايجابية الأبرز هي تخفيض كلفة النقل ولو قليلا" كاشفا أن الميزان التجاري اللبناني لم يتراجع بسبب الأزمة السوريّة سوى 10 بالمئة تقريبا، مشيرا الى ان التصدير لدول الخليج لم يكن متوقفا. ويتابع رياشي: "لبنان لا يتكل على الصناعات الضخمة ولذلك سيكون هناك فائدة بمكان ما لبعض القطاعات الصناعية الخفيفة والمتوسطة، ولكن الفائدة الأكبر ستكون للقطاع الزراعي، إنما لن تكون تداعيات هذا الأمر كبيرة على الاقتصاد اللبناني كما يُصوّر".
يملك لبنان عددا من الاتفاقيات التجاريّة الموقعة بينه وبين سوريا أو الأردن، وبالتالي فكل شؤون التصدير والاستيراد ستبقى على حالها بالوقت الراهن، وبمجرد فتح المعبر ستنطلق الشاحنات اللبنانيّة دون حاجة لـ"عمل سياسي" قد يطيح بإيجابيّات إعادة العمل بهذا المعبر الاستراتيجي.