ما زالت تتّسع دائرة الاعتراض على "قانون القومية" العنصري، الذي أقرّه "الكنيست" الإسرائيلي بيهودية الكيان الإسرائيلي (19 تموز 2018).
وأدّى رفض الجانب الفلسطيني للقانون، والتعامل معه وكأنّه غير موجود، إلى اتساع دائرة رفضه، وإعلان العديد من الدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة، عن التمسّك بالإعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس.
وتوالت الاعتراضات على القانون من قِبَل نوّاب في "الكنيست"، وممَّنْ يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويتواجدون داخل الأراضي المحتلة منذ العام 1948، والذين لم يعتبرهم مواطنين في كيانه اليهودي.
وفي طليعة هؤلاء الدروز والبدو، الذين يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية في جيش الإحتلال، وهو ما أثار حالة تذمّر، وصولاً إلى إعلان عدد من الضبّاط الدروز وقف خدمتهم العسكرية الإلزامية، احتجاجاً.
وهذا الأمر بات يهدّد بحالة تمرّد للضبّاط والجنود الدروز، وهو ما وجد تأييداً من شخصيات سياسية وعسكرية حالية وسابقة في جيش الإحتلال.
ولم يتوقّف الأمر عند تقديم 3 نوّاب دروز في "الكنيست"، ينتمون إلى أحزاب تتمثّل في الحكومة، التي أقرّت القانون بإلتماس إلى "المحكمة العليا الإسرائيلية" لإلغائه.
وأمام حالة الاعتراض الداخلي والخارجي للقانون، الذي دفعت به حكومة اليمين المتطرّف بقيادة بنيامين نتنياهو، وملفات أخرى، بات مصير "الكنيست" في خطر مع احتمالات حلّه في بداية دورة الشتاء، في تشرين الأول المقبل، وإجراء الانتخابات في كانون الثاني 2019 بدلاً من الموعد الأصلي في تشرين الثاني 2019.
ومن بين الملفات أيضاً، مشروع قانون التجنيد، الذي يهدّد سلامة الإئتلاف الحكومي، حيث لم تقرّر "المحكمة العليا" بعد ما إذا كانت ستسمح للحكومة بتأخير سن هذا القانون، حيث هدّد قادة التحالف الذين ناقشوا مشروع القانون، أنّه إذا لم توافق المحكمة على التأجيل، فستحل "الكنيست"، فيما لا يزال وزير جيش الإحتلال أفيغدور ليبرمان يقف ضد الاقتراح ولا يوافق على إجراء أي تغيير في مشروع القانون الجديد الذي قدّمه.
إلى ذلك، في إطار التحرّكات الاحتجاجية، كان لافتاً التظاهرة التي أُقيمت تحت شعار "المسيرة من أجل المساواة"، التي نُفّذت أمام بلدية تل أبيب داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بمشاركة أكثر من 100 ألف من أبناء الطائفة الدرزية، وحشد من اليهود الإسرائيليين الرافضين للقانون.
وتقدّم المشاركين المرجع الروحي لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ موفق طريف، وشخصيات سياسية وعسكرية، بينهم رئيس جهاز "الشاباك" السابق يوفال ديسكن، رئيسا جهاز "الموساد" السابقان تمير برودو وأفرايم هليفي ورئيس أركان جيش الإحتلال السابق غابي أشكنازي.
ورفع المشاركون الأعلام الدرزية والإسرائيلية، فيما قامت بلدية تل أبيب بطلاء مبناها بألوان علم الطائفة الدرزية.
وأشار الشيخ طريف في كلمته أمام المشاركين إلى أنّه "لا يستطيع أحد أنْ يعلّمنا ما هي التضحية، ولا يستطيع أنْ يعظنا أحد حول الولاء والإخلاص، فالمقابر العسكرية تشهد، ونحن مصمّمون على المحاربة معكم من أجل هوية الدولة، والحق في العيش فيها بمساواة واحترام، ورغم ولائنا غير المشروط للدولة، الدولة لا تنظر إلينا كمواطنين متساوين".
فيما حمل رئيس "الشاباك" السابق ديسكن على "مشرّعي "قانون القومية"، قائلاً: "تمَّ إرسال كلاب البودل لنشر الأكاذيب. أنا لا أحترم اليمين الشعبوي الكاذب، اليمين الأيديولوجي والشجاع الذي يحب دولة إسرائيل وشعب إسرائيل يتقلّب الآن في قبره، وهو يرى ما يفعله من خلفه في حزب الليكود" - في إشارة إلى نتنياهو.
وعلى خط آخر، سلكت الشكوى التي تقدّمت بها "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الأراضي المحتلة" إلى الأمم المتحدة ضد الكيان الإسرائيلي بشأن "قانون القومية"، طريقها الرسمي، حيث أعلن المقرّر الخاص للأمم المتحدة، فيرناند دي فارينيس، عن الشروع بإجراءات رسمية للتحقيق بالشكوى.
وجاء في توجّه المتابعة الذي سلّمه رئيس لجنة العلاقات الدولية في "القائمة المشتركة" النائب الدكتور يوسف جبارين، بأنّ "قانون القومية يحمل أبعادًا خطيرة على حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره في وطنه، وعلى مكانة وحقوق الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، بشكلٍ ينافي ويناقض المواثيق الدوليّة والقانون الدولي، إذ ذُكر في التوجّه، كذلك، إنّ الأقلية العربية هي أقليّة قوميّة وأصلانيّة، وتكفل المعاهدات الدوليّة حقوقها الجماعيّة، القوميّة منها، والثقافية واللغوية والدينية، الأمر الّذي تمَّ المس به بشكلٍ صارخ في قانون القومية".
وعرض التوجّه إلى "البنود التمييزية والعنصرية في قانون القومية، وذلك عبر شرح المس بمكانة اللغة العربية وإلغاء رسميتها، إضافةً إلى تشريع "الأبارتهايد" في السكن، عبر البند الّذي يُشجع الاستيطان اليهودي في البلاد، والنظر إليه كقيمة وطنية إسرائيلية، الأمر الّذي من شأنه المس بمبدأ المساواة، ومنح الفوقيّة لليهود على حساب أهل البلاد الأصليين، وخلق حالة من الهرميّة والتصنيف في المواطنة".
وأوضح رئيس "لجنة المتابعة" محمد بركة أنّ "قرار المقرّر الخاص مؤشّر إيجابي لبدء تحرّك المتابعة على المستوى الدولي ضد قانون القومية وضد الحكومة الإسرائيلية، وفي الأسابيع المقبلة، وبعد وضع الترتيبات اللازمة، ستجري اتصالات مباشرة مع الأمم المتحدة، والهيئات التابعة لها، ومع الاتحاد الأوروبي، للضغط على إسرائيل وحكومتها من أجل إلغاء القانون".