رأت مصادر سياسية مخضرمة ان لبنان بحاجة الى ان يكون دولة وليس اشلاء متنازعة تتحكم فيها المركزية السياسيّة لزعماء الطوائف، مشيرة الى ان ما حصل في باخرة الكهرباء يؤكد ان الاوضاع لن تستقيم سواء تشكلت الحكومة او لم تتشكل.
واشارت الى ان قرارات مجلس الوزراء لا قيمة لها ولا يمكن ان تنفذ، اذا رفض زعماء المناطق تنفيذ هذه القرارات في مناطقهم.
ولفتت، على سبيل المثال، الى ان حركة امل برئاسة نبيه بري قادرة على تعطيل ومنع تنفيذ اي قرار ولو وافقت عليه الحكومة اذا اعتبرته لا يلائم مصالحها السياسية، وهذا الامر ينطبق على حزب الله، ووليد جنبلاط، والقيادات المسيحية دون استثناء.
وسألت هذه المصادر لماذا هذا الاهتمام المتزايد بتشكيل الحكومة والكلام عن الصلاحيات، خاصة من المراجع الدينيّة الرفيعة، طالما انه اصبح شبه معلوم ان اي حكومة مقبلة لن تختلف عن تلك التي سبقتها لا في الأداء ولا في اسماء الوزراء.
ولفتت المصادر الى ان الملفّات الاساسيّة المطروحة من قبل المستوزرين ومن قبل الكتل النيابيّة والتي تهم المواطن العادي معروفة، وتبدأ بالكهرباء مرورا بالنفايات وصولا الى مكافحة الفساد والأمن.
وذكرت هذه المصادر ان وزارة الطاقة والمياه المسؤولة عن ملف الكهرباء تولاها منذ انتهاء الحرب اللبنانية وزراء ينتمون الى جميع الكتل ولم ينجح اي منهم في حل هذه المعضلة، وواكب ذلك اتهامات لوزراء، ولم يعرف المواطن اللبناني حتى الان من المسؤول ومن الذي سرق اذا كان هناك من سرقات، وجلّ ما يعرفه انه لا يزال يدفع فاتورتين واحدة لاصحاب المولدات واُخرى للدولة.
واضافت المصادر انه في الملف الامني وبالتحديد في منطقة البقاع هناك آلاف مذكرات التوقيف موجودة بحق مطلوبين منذ عشرات السنين، فلماذا تقاعس نواب المنطقة عن حلّها؟، واليوم يطالبون بعفوٍ على اساس طائفي، اي العفو عن المطلوبين في البقاع في مقابل العفو عن اشخاص قَتَلوا وقَاتَلوا الجيش اللبناني، وعندما نفذ الجيش ما طلبته الحكومة في البقاع وحصل ما حصل تهجموا على الجيش.
اما في ملف الفساد فترى المصادر ان حزب الله أقحم نفسه في مشكلة اساسها واسبابها التركيبة السياسيّة القائمة، وان محاربة العدو اسهل من مواجهة الصديق والخصم في آن واحد. واكدت ان المواجهة الجديّة لهذا الملف تكمن بتكليف شركات محاسبة عالمية مشهود لها بالخبرة والنزاهة ان تأتي وتحقق مع الجميعْ مهما كبر شأنهم عن ذممهم المالية قبل دخولهم السلطة وبعد ممارستهم لها، اذ لا يمكن القضاء على الفساد عبر لجان او من خلال وزارة بهذا الخصوص.
اما الكلام عن العهد وفشله او نجاحه فهو بحسب المصادر ليس دقيقا اليوم، وكان مقبولا قبل الطائف حيث كان رئيس الجمهورية يتمتّع بصلاحيات واسعة، اما اليوم ومنذ الطائف فإنّ من يدير البلاد مجلس الوزراء مجتمعا، والأمثلة كثيرة على سلطات الوزير المختصّ التي تفوق احيانا صلاحيات رئيس الجمهورية.
في المقابل ان رئيس الجمهورية اقسم اليمين على احترام الدستور والدفاع عن البلاد وسيادة أراضيها، وهو في هذا السياق أوضح لممثل الامين العام للأمم المتحدة في لبنان الاستراتيجية الدفاعية، وفي هذا الإطار يستطيع ان يحثّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الإسراع في تشكيل الحكومة، اضافة الى انه في غياب رؤية اقتصاديّة وماليّة يمكنه ان يدعو الى طاولة حوار من خارج النطاق السياسي، بل من اصحاب الاختصاص كجمعية المصارف والنقابات والخبراء، لتضع خطة سليمة بعيدة عن المزايدات السياسيّة وعرضها على مجلس الوزراء لاقرارها، وعدم التهاون مع أيّ فريق يحاول العرقلة لاهداف سياسية