يحاول الإحتلال الإسرائيلي تغيير قواعد الاشتباك مع قطاع غزّة، والضغط على مساعي المفاوضات من أجل التوصّل إلى تهدئة، بتصعيد عدوانه، لإيقاع أكبر عدد من الضحايا المدنيين، وتدمير مبانٍ ومساكن، بينها مركز ثقافي يشغل طبقة منه الجانب المصري، الذي يتولّى التهدئة غير المباشرة بين الإحتلال و"حماس"، وعلى مسعى آخر بين الأخيرة وحركة "فتح" في إطار المصالحة الداخلية الفلسطينية.
وقد أسفرت غارات واعتداءات الإحتلال خلال الساعات الماضية، عن استشهاد 3 مواطنين بينهم امرأة وطفلها وجنينها، وشاب آخر، وإصابة أكثر من 20 آخرين، وذلك بالغارات المكثّفة التي شنّتها قوّات الإحتلال، وفاقت الـ150 غارة.
فيما ردّت المقاومة بإطلاق صليات صواريخ، سقطت على مستوطنات غلاف غزّة، وبينها صاروخ وصل إلى مدينة بئر السبع على مسافة 41 كلم من حدود القطاع، وهي المرّة الأولى التي يسقط فيها صاروخ في هذه المنطقة، منذ عملية "الجرف الصامد" في العام 2014.
وقد أدّى سقوط الصواريخ إلى حالة رعب في أوساط أكثر من 700
ألف مستوطن، في 50 بلدة، أمضى قسم كبير منهم وقته في الملاجئ.
في غضون ذلك، كانت تُجرى اتصالات مصرية من قِبل المنسّق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادنيوف، مع الجانب الإسرائيلي و"حماس"، من أجل منع تفاقم الأوضاع، حيث أعلنت مصر عن التوصّل إلى تهدئة اعتباراً من الساعة 22.45 ليلاً.
وكانت العاصمة المصرية، القاهرة، قد شهدت سلسلة اجتماعات لرئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير اللواء عباس كامل، مع عضو اللجنتين التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" والمركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، قبل أنْ يلتقي لاحقاً، وفد حركة "حماس" برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، العائد من الاجتماع المركزي الموسّع للحركة، الذي عُقِدَ في غزّة برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنيّة.
وتسلّم الجانب المصري ردود "فتح" و"حماس" على الورقة المصرية للمصالحة، التي ستتبلور نتائجها، وسط حديث عن نتائج إيجابية من الجميع.
من جهته، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، اتصالات دولية مكثّفة، وعلى المستويات كافة، لوقف التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزّة.
ونبّه إلى خطورة هذا التصعيد، داعياً المجتمع الدولي إلى "التدخّل
الفوري والعاجل لوقفه، وعدم جر المنطقة إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار".
وكان التصعيد الإسرائيلي المستمر على قطاع غزّة، محور مباحثات الرئيس عباس وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في العاصمة القطرية، الدوحة.
وأطلع الرئيس الفلسطيني أمير قطر على آخر المستجدات السياسية على صعيد القضية الفلسطينية والمنطقة، والمخاطر المُحدِقة بمدينة القدس المحتلة والمقدّسات المسيحية والإسلامية، وآخر التطوّرات المتعلّقة بالمصالحة الوطنية الفلسطينية.
حضر الاجتماع عن الجانب القطري: نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وعن الجانب الفلسطيني: أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" الدكتور صائب عريقات، رئيس هيئة الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الوزير حسين الشيخ، رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج وسفير فلسطين لدى قطر منير غنام.
إلى ذلك، أنهى المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر "الكابينيت" مساء أمس، جلسته، التي استمرت 4 ساعات متواصلة، أعطى خلالها الضوء الأخضر لجيش الإحتلال لمواصلة قصف قطاع غزّة، إنْ تطلّب الأمر.
وأرجأ "الكابينيت" اجتماعه الذي كان مقرّراً عند الثانية من بعد ظهر أمس، حتى المساء، بعد تدخّل المنسّق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادنوف.
وكانت اجتماعات "الكابينيت" أمس الأول، لبحث التصعيد ضد غزّة، موضع استهزاء الموقع الإخباري الإسرائيلي "0404"، الذي نشر صورة لعدد من "الأرانب" وأرفقها بعنوان "صورة حصرية لاجتماع الكابينيت".
من جهته، أكد المتحدّث بإسم حركة "حماس" فوزي برهوم أنّ "الإحتلال أوصل الأوضاع في قطاع غزّة إلى هذا الحد، عند إقدامه على استهداف مقاومين فلسطينيين في مواقعهم، في الوقت الذي كان وفد حركة "حماس" يُسلِّم رد الحركة وتصوّرها في موضوع التهدئة".
وشدّد على أنّ "المقاومة الفلسطينية جاهزة دائماً وقادرة على امتلاك حق الرد، وهذا واجبها الوطني والأخلاقي والقانوني تجاه الشعب الفلسطيني".
وأشار الى أنّه "في حال استمرار العدوان والقصف والقتل بحق الشعب الفلسطيني في غزّة والمقاومة، لن يكون دور المقاومة الصمت، إنّما واجبها الرد وكسر معادلة الإحتلال"، موضحاً أنَّ "المزاج العام الفلسطيني اليوم مع رد المقاومة المدروس والحكيم".
وختم برهوم قائلاً: "في حال استمرَّ الإحتلال في عدوانه، فإنّ المقاومة لن تُسلِّم بهذه المعادلة، ولن تسمح بفرض قواعد اشتباك جديدة عليها دون
أنْ تكسر معادلات الإحتلال أو تدافع عن الشعب الفلسطيني...".
هذا، وقد شيّعت غزّة ظهر أمس 3 من الشهداء، بينهم جثمان الشهيدة إيناس أبو خماس، الحامل في الشهر التاسع، مع جثمان طفلتها بيان (عام ونصف العام) في تابوت واحد، لُفَّ بالعلم الفلسطيني، وحمل صورة الشهيدة الرضيعة.
وانطلق موكب التشييع من "مستشفى شهداء الأقصى" إلى مخيّم دير البلح، حيث ووري جثمانيهما الثرى، فيما كان رب الأسرة محمّد خماس، يتم علاجه من الإصابات التي لحقت به، بعد تعرّض منزلهم في منطقة الجعفراوي في المحافظة الوسطى في غزّة لاستهداف الإحتلال.
كما شُيّع جثمان الشهيد علي الغندور (30 عاماً) الذي سقط جرّاء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وشهد أمس، تدمير الإحتلال مبنى "مؤسّسة سعيد المسحال للثقافة والفنون" - غرب مخيّم الشاطئ في غزّة والمؤلّف من 6 طوابق، ما أدّى إلى إصابة 18 مواطناً بجراح.