إن ما تتعرّضُ له الجامعة اللبنانية، من إعتداءاتٍ معنويةٍ طالت مستواها التعليمي وقدراتها البحثية وكرامة الاساتذة والمسؤولين فيها، هو أمرٌ مردود ٌ من أساسهِ، لإنتفاء صحَّة الشائعة التي تهدف إلى ضرب صدقيّة الجامعة الوطنية، التي هي الركن الأول للتعليم العالي في لبنان، إضافة إلى أنها المرجعيّة الأكاديمية التي يُبْنى عليها وحدها في معادلة الكثير من الإختصاصات والشهادات التي تُعطى في لبنان والخارج.
من حقّ كلّ شخص أن يقول رأيه في هذه المؤسسة الوطنية والكيانية الكبرى؛ ومن حق بل من واجب كل مواطن غيور على لبنان وجامعته الرسمية الوحيدة، أن يرفع الصوت، توجيها أو نقدا ً أو تصويباّ لآداء، وإسهاماً بإرتقاء... لكن لا يحق لأيٍّ كان أن يرشق هذه الجامعة وأهلها وخريجيها، لا بوردة ولا بشلحِ غار!...
أنا اليوم، من موقعي الأكاديمي في الجامعة، ومن موقعي الإداري، كممثلٍ للجامعة اللبنانية في "لجنة الإعتراف بالشهادات والمعادلات" في التعليم العالي، أرى أنه من واجبي العلمي والوطني أن أعلن:
١-ليس لدى لجنة المعادلات أي خبر ولا أي معلومة حول ما يُقالُ عن أن الاتحاد الأوروبي ابلغ الجامعة اللبنانية، أو غيرها من الجهات المعنية بالمعادلات والاعتراف الأكاديمي، بأن ثمّة شائبة ما حول أيٍّ من الاختصاصات أو الشهادات التي تصدرها كليات ومعاهد الجامعة اللبنانية التسع عشرة.
٢-ان "لجنة الإعتراف والمعادلات" تبني الكثير من المعادلات للجامعات اللبنانية الخاصة والعريقة، على مقاس المعايير الأكاديمية التي تعتمدها الجامعة اللبنانية في مناهج إختصاصاتها، بما يعني أن معايير الاعتماد بالنسبة لشهادة الحقوق مثلاً، هي المعايير التي تنص عليها القوانين والأنظمة الناظمة لأسس التعليم والترفيع والتخرّج في الجامعة اللبنانية.
٣-أن كل ما ورد من كلام حول مستوى الشهادات التي تمنحها الجامعة اللبنانية، هو كلام هدّامٌ وغير مسؤول ولا يخدم المجتمع اللبناني، فضلا عن أنه يبعث على الشعور بالإحباط لدى الفئة الغالبة من الشباب الذي يعتبر الجامعة اللبنانية الموئل الأساس والوحيد لمستقبله العلمي، كما أن هذه الاتهامات الباطلة لا تخدم إلا بعض المؤسسات التعليمية الخاصة، خصوصا في هذا التوقيت المشبوه.
٤-استغرب وبشدة الصمت العام الذي يسيطر على الهيئات الثقافية والعلمية والنقابية، حيال هذه الهجمة المركزة على الجامعة ودورها الوطني و تراثها العلمي، من دون أن نسمع أي موقف ينتصر الجامعة الوطنية... فهل إستقال المثقفون وخريجو الجامعة البالغ عددهم أكثر من مئتي وخمسين ألف خريج من دورهم... وهل هم يتساهلون بهذه القضية الخطيرة ومفاعيلها عليهم وعلى الأجيال الجديدة من الشباب الجامعي المهدد بمستقبله ومصيره؟ .
٥-أستهجِنُ بقوة عدم مبادرة عمداء الكليات وأعضاء مجلس الجامعة للدعوة إلى إجتماع طارئ للبحث في هذه القضية التي تمسّ كيانية الجامعة ومستواها العلمي، وإصدار موقف واضح وصريح من كل ما يُحكى ويقال من إشاعات، والعمل لإتخاذ موقف يتوافق مع كرامة الجامعة الوطنية...
٦-أتساءل بإستغراب، صمت المرجعيات الروحية والسياسية والتربوية والنقابية العامة، عما تتعرّض له الجامعة اللبنانية من هجوم بالإعلام، وترك الأمور على حالها من دون أي تحرك أو كلام فصلٍ في الموضوع.
والرجاء الأخير، ألا نترك الجامعة ضحيّة الأقاويل والاتهامات، لأن مستقبل عشرات آلاف الطلاب متعلق بنا جميعا.
*عميد سابق في الجامعة اللبنانية عضو "لجنة الإعتراف والمعادلات" في وزارة التربية والتعليم العالي