أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّه أنّ تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بات قريباً، مشيراً إلى أنّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كان لديه موانع لتشكيل الحكومة وأصبح إما محرّراً منها أو حرّر نفسه منها.
وفي حديث إلى تلفزيون "LBCI" ضمن برنامج "نهاركم سعيد" أداره الإعلامي مالك الشريف، لفت إلى أنّ العلاقة بين المملكة العربية السعودية والقوات اللبنانية هي علاقة متينة، مشدّداً على أنّ الرئيس الحريري لا يستطيع الذهاب لتأليف حكومة خلافاً لتمنيات المملكة بوجوب تمثيل القوات والتفاوض معهم والوقوف على خاطرهم.
ورأى أبو فاضل أنّ اتفاق معراب انتهى، مذكّراً بالخلافات التي حصلت منذ انطلاق العهد برئاسة العماد ميشال عون، معتبراً أنّ هذه الخلافات دفنت الاتفاق، لافتاً في الوقت عينه إلى بقاء الشق الإيجابي منه وهو وقف التقاتل بين التيار والقوات.
الحكومة اقتربت والبحث بدأ بالحقائب
واعتبر أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ الجو أصبح متشنّجاً جداً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ويكاد يصل إلى جو عدائي، لافتاً في هذا السياق إلى أنّ النائب جورج عدوان في تصريحه الأخير لم يكن من الحمائم بل يحاول أن يكون من الصقور في مجلس النواب، معرباً عن اعتقاده بأنّ ذلك يعني أنّ الحكومة اقتربت، وأنّ البحث وصل إلى مرحلة توزيع الحقائب فيما بين القوى السياسية.
وأكد أبو فاضل أنّ الحصص حُسِمت، وحصلت القوات اللبنانية على أربع حقائب، مشيراً إلى أنّ الخلاف الآن هو على الحقائب ونوعيتها، ولم يستبعد إمكان حصول القوات على حقيبة سيادية، إلا أنه قال إنه لا يظنّ أنّهم يمكن أن يحصلوا على وزارة الخارجية، كاشفاً من جهة ثانية، أنّ الرئيس ميشال عون لا مشكلة لديه من استلام القوات اللبنانية وزارة الدفاع، معتبراً أنّه في حال حصول ذلك يمكن إنهاء التشنج الذي كان سائداً في مرحلة سابقة بين القوات والجيش.
عون يريد الإسراع بتشكيل الحكومة
واعتبر أبو فاضل أنّ الرئيس عون يريد الإسراع بتشكيل الحكومة، مشدّداً على أنّ من يعرقل تأليفها هو من يطلب السقف العالي. ولفت إلى أنّ الدليل على أنّ القوات تصوّب على العهد وتسعى لضربه هو أنّها لا تطالب بوزارتي المالية والداخلية لأنهم لا يريدون مواجهة رئيس المجلس نبيه بري أو رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، إلا أنهم معتادون على مواجهة الرئيس عون وهذا ما يحصل من خلال مطالبتهم بحقيبة الدفاع أو الخارجية.
واستبعد أبو فاضل حدوث عرقلة جديدة على خط تكليف الحكومة، لافتاً إلى أنّ الرئيس الحريري طلب من الرئيس بري خلال لقائهما الأخيرة المساعدة لحلّ بعض العقبات، وأولها العقدة الدرزية، خصوصاً أنّ الرئيس عون لن يتخلى عن النائب طلال أرسلان، وهو يريده أن يتمثل في الحكومة. ورأى أن الأصوات التي حصدها أرسلان وكذلك الوزير السابق وئام وهاب في الانتخابات أزعجت النائب السابق وليد جنبلاط، وهو يصرّ على أن يكون لديه ثلاثة وزراء دروز ليسلّم نجله تيمور جنبلاط زعامته.
مفتاح جنبلاط في عين التينة
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ مفتاح جنبلاط في عين التينة، ملمحاً إلى أنّه مصر على الحصول على ثلاثة وزراء دروز في الحكومة حتى يحصل على حقيبتين مهمتين في الحكومة العتيدة، لافتاً إلى أنّ جنبلاط في النهاية هو لاعب سياسي من الطراز الأول وليس إنساناً عادياً. ورجّح أن ينجح بري في تدوير الزوايا على صعيد هذه العقدة، لافتاً إلى أنّ بري الوحيد الذي يمكن أن يمون على جنبلاط.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ النائب السابق وليد جنبلاط يطرح كلاً من النواب أكرم شهيب ووائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن للتوزير، مرجّحاً أن يحصل على اثنين منهم، مع إمكان حصول على وزير ثالث من خارج الدروز قد يكون النائب نعمة طعمة. ولفت إلى أنّ القوات اللبنانية في المقابل تفصل النيابة عن الوزارة، مشيراً إلى أنّه يتمنى أن يعود الوزير ملحم رياشي إلى وزارة الإعلام، كونه إنسان منفتح ومعتدل وموزون، ولا ينبغي الاستغناء عنه.
رجل السعودية الأول في لبنان
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال آخر، أن رئيس الحكومة المكلف لن يزور رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا قبل نضوج المعطيات لديه، أو أن تكون لديه صيغة وزارة محددة، ولفت إلى أنّ ما يحصل حالياً هو الوصول إلى خليط بين الحصص والحقائب لحل ما تبقى من عقد، مستبعداً أن نقع أمام ألغام جديدة في وجه تأليف الحكومة في هذه المرحلة.
وأشار أبو فاضل رداً على سؤال آخر، إلى أنّ الحريري بات هو بحاجة إلى القوات لتتوسط لديه مع السعودية، معتبراً أنّ رجل السعودية الأول في لبنان اليوم هو الدكتور سمير جعجع، مذكّراً كيف أنّ السفيرين السعودي والإماراتي زارا جعجع فوراً بعد انتهاء الانتخابات النيابية قبل بدء جولتهم على باقي الأفرقاء. وقال إن لديه قناعة بأنّ الحريري لا يكن الحب اليوم لجعجع بعد خصوصاً في ضوء موقفه خلال مرحلة استقالته من الرياض، لكنه يسايره للضرورة، انطلاقاً من المبدأ القائل أنّ الضرورات تبيح المحظورات.
النفس السني ضد تشريع الضرورة
من جهة ثانية، اعتبر أبو فاضل أنّ النفس السني في البلد ضدّ التشريع في هذه المرحلة، في ظلّ حكومة تصريف الأعمال، وقبل تأليف حكومة أصيلة، مستبعداً أن يدعو رئيس مجلس النواب في هذه المرحلة إلى جلسة تشريعية، لافتاً إلى أنّه حريص على الميثاقية، وبالتالي حتى لو وجد ضرورة للتشريع اليوم، فإنّه لن يتردد في توقيف الجلسة إذا قاطعها النواب السنّة في مجلس النواب.
واستبعد أبو فاضل أن يكون الرئيس نبيه بري نجح في إقناع الرئيس سعد الحريري بالذهاب نحو تشريع الضرورة وعدم مقاطعة أيّ جلسات يمكن أن يدعو إليها على هذا الصعيد، مشيراً إلى أنّ الحريري لا يستطيع أن يخرج من ثيابه في النهاية، وبالتالي فإنّ القرار على هذا الصعيد ليس في يده.
الحريري ضمانة بحدّ ذاته
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال، أنه من المفترض أن يتمثل النواب السنة من خارج تيار المستقبل في حال تشكيل حكومة وحدة وطنية، لافتاً إلى أنّ حزب الله تمنى على رئيس الجمهورية الإصرار على هذا المطلب، وكذلك الرئيس نبيه بري أثار هذا الموضوع مع الرئيس سعد الحريري. واستبعد أن يكون حلّ هذه الأزمة بتمثيل النواب السنّة من خلال الوزير السنّي الذي سيحصل عليه رئيس الجمهورية عن طريق التبادل بين الرئيس ورئيس الحكومة، مشيراً إلى أنّ النواب السنّة يفترض أن يتمثلوا شأنهم شأن غيرهم.
وجدّد أبو فاضل في موضوع الثلث الضامن أو المعطّل القول إنّ الرئيس الحريري هو لوحده ضمانة، فصلاحياته تسمح له بالكثير، وهو القادر على تطيير جلسات مجلس الوزراء ووضع الملفات على جدول الأعمال، كما أنه إذا استقال تطير الحكومة تلقائياً، مشدّداً على أنّ رئيس الحكومة بعد الطائف مختلف عن رئيس الحكومة قبل الطائف، نظراً للصلاحيات التي مُنحت له.
حزب الله مع الإسراع في تشكيل الحكومة
وأعرب أبو فاضل رداً على سؤال عن اعتقاده بأنّ الرئيس الحريري لا مشكلة لديه في إقامة علاقات مع سوريا إذا كان الأمر مطروحاً من دون ضغوطات، مذكّراً بأنّه سبق أن زار سوريا ونام في سوريا وكان مرتاحاً أكثر من قريطم وبيت الوسط، ولكنه لفت إلى أنّ الظروف السياسية تلعب دورها. وأشار إلى أنّ السوري يستقبل الرئيس الحريري من جديد، ولا مشكلة في هذا الموضوع، مشدّداً على أنّ هناك نظاماً ودولة في سوريا.
وأكد رداً على سؤال آخر، أنّ حزب الله مع الإسراع في تشكيل الحكومة، وهو له مصلحة في تشكيلها، مشيراً إلى أنّ الحزب متمسّك بحقيبة الصحة، على الرغم من التهديدات الأميركية على خط العقوبات المفروضة على حزب الله.
لا أحد يريد كسر الكتائب ولكن
ولفت أبو فاضل من جهة ثانية، إلى أن حزب الكتائب ليس مختفياً عن الحلبة الحكومية، ولكن هذا وضعه نتيجة السياسة التي انتهجها رئيس الحزب النائب سامي الجميل وإدارته للانتخابات، مشيراً إلى أن من الصعب كثيراً أن يتمثّل في الحكومة، كون كتلة الكتائب تضمّ ثلاثة نواب فقط. وشدّد على أنّ أحداً لا يريد كسر الكتائب لكن هم كسروا أنفسهم، ولم يعرفوا كيف يخوضون الانتخابات النيابية.
وفي ما يتعلق بتيار المردة، اعتبر أبو فاضل أنّ قوة الأخيرة محصورة في دائرة واحدة هي زغرتا والكورة، وليس لديهم انتشار أكبر في لبنان حتى يستطيعوا التأثير أكثر، وأكد أنه يكنّ كلّ التقدير لرئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية، ولكنه أشار إلى أنّ هذه قوة المردة في النهاية.
لا جهاز لمكافحة الفساد في الدولة
وشدّد أبو فاضل في موضوع منفصل، على أنه لا يوجد مكان في الدولة إلا وفيه فساد، معتبراً أن الفساد بات منتشراً في كلّ دوائر الدولة، ودعا وزير الأشغال إلى زيارة قصور العدل، مشيراً إلى أنّها لا تليق بالقضاة والمحامين والناس وهي مقززة للنفس، معتبراً أن على وزارة الأشغال مسؤولية على هذا الصعيد، لأنّ ما يحصل غير مقبول.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ الفساد كارثة، متمنياً أن ننجح في مكافحة الفساد، معرباً عن أسفه لأنه لا يوجد جهاز لمكافحة الفساد في الدولة، لافتاً إلى أنّ الوزير نقولا تويني عمل وأنجز في أكثر من مكان، ولكن لم يكن هناك جهاز بين يديه ليتصرّف ويتخذ القرارات. وأشار إلى أنه مستعدّ للوقوف ضد الرئيس ميشال عون في حال وُجِد ملف فساد يدينه، ولكن مثل هذا الملف غير موجود حتى الآن.
النازح السوري تُرِك ليُستعمَل ضد حزب الله
وأكد أبو فاضل أنه ضد مهاجمة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مشيراً إلى أن الأخير حمى الليرة اللبنانية، لافتاً إلى أنّ التصويب عليه يخدم أجندات معيّنة. ولكنه نبّه من جهة ثانية إلى إمكان تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، متوقعاً أنّ تقفل المزيد من المؤسسات في المرحلة المقبلة.
وشدّد أبو فاضل على أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم هو مندوب الدولة اللبنانية في ملف النازحين السوريين، معتبراً أنّه على صواب حين يقول إنّ عودة النازحين تتطلب التواصل مع الحكومة السورية. وأشار إلى أنّ النازح السوري تُرِك لكي يُستعمَل ضدّ حزب الله، لكن هذه العملية سقطت بانتصار حزب الله في سوريا وانتصاره على التكفيريين وانتصار الجيش اللبناني في فجر الجرود.
ووجّه أبو فاضل تحيّة إلى محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، معتبراً أنّ قمة المهزلة أن يكون مبنى المحافظة خالياً من المحافظ، منبّهاً إلى أنّ من يريد إخراج المحافظ يريد إجهاض الخطة الأمنية في بعلبك، مشدّداً على أن المسالمين في منطقة بعلبك الهرمل هم 99.99 في المئة من السكان، وبالتالي فإنّ عودة المحافظ المشرّفة إلى المنطقة يجب أن تكون أولوية.