توقف مصدر بارز في "القوات"، عبر صحيفة "الجمهورية" بإعجاب عند تجربة الثنائي الشيعي في الدولة، مشيراً الى ان "حركة أمل وحزب الله نجحا من خلال تناغمهما في تأمين حقوق المكوّن الشيعي وفق ما يريانه مناسباً، وتمكّنا من إرساء توازن دقيق ضمن ​الطائفة الشيعية​"، لافتاً الى انّ "مفهوم الشراكة المتفق عليه بين رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ والأمين العام لـ"حزب الله" ​السيد حسن نصرالله​ يبدو ثابتاً وراسخاً على رغم الاختلافات في الاحجام أو في السياسات أحياناً".

ولاحظ المصدر ان "الثنائي الشيعي توصل الى اقتناع بأن قوته تكمن في وحدته بالدرجة الاولى، وانّه لو سمح باستفراد أحد طرفيه لما كان استطاع ان يحقّق المكاسب النوعية التي تمكن من انتزاعها عبر مراحل حضوره في السلطة"، مشيرا الى انّ "الثنائي الشيعي نجح من خلال المعادلة التحالفية التي نسج خيوطها بإتقان، في أن يصنع التوازن مع المكونات الاخرى في البلد، ويفرض وجوده رقماً صعباً في جدول الحساب الداخلي، بمعزل عن موقفنا المعروف من سلاح "حزب الله" ومشاركته في ​الحرب السورية​، وقد انعكس هذا الانسجام بين الحليفين تفاهما على كل ما يتصل بالتعيينات او بتوزيع الحقائب الوزارية او بالتحالفات النيابية، بل أن "حزب الله" لا يتردد، على سبيل المثال، في تفويض بري بالتفاوض نيابة عنه حول الحصة الشيعية في أي حكومة".

وعلق المصدر على التفاهم المسيحي، لافتا الى ان "القوات والتيار وضعا تصوراً شاملاً للمشاركة في السلطة والشراكة مع المكوّن الاسلامي، بهدف تحقيق التوازن الحقيقي في السلطة وتقوية موقع ​رئاسة الجمهورية​، لكن عندما آن أوان تطبيق البند "ز" في "اتفاق معراب"، امتنع بعض القياديين النافذين في "التيار" عن تطبيقه وراحوا يتملصون منه، ما ضرب جوهر الاتفاق في الصميم".

وأوضح ان "البند "ز" يتضمن اتفاق الجانبين على ان تكون كتلتا "التيار" و"القوات" النيابيتان مؤيدتين لرئيس الجمهورية ميشال عون، وعاملتين على إنجاح عهده من خلال تحقيق المصالحة الوطنية و​مكافحة الفساد​ وتعزيز الدور المسيحي الوطني وصلاحيات رئيس الجمهورية وتحقيق الإصلاح المنشود. وبغية الوصول الى هذه الغاية، يُشكل فريق عمل من الطرفين لتنسيق خطوات العهد وسياساته تبعاً لنظرة الفريقين معاً"، كاشفا ان "التيار رفض في لحظة الحقيقة تشكيل فريق العمل المشترك، علماً أننا ألحّينا عليهم لتكوينه بعد تأليف ​الحكومة​، لكن الممسكين بالقرار البرتقالي كانوا يرفضون بسبب نزعة الاحتكار والجشع لديهم".

وبين المصدر ان "القوات اقترحت ايضاً على التيار تأليف لجنة مشتركة من مهندسي الجانبين بغية وضع مقاربة مشتركة لملف ​الكهرباء​ ومؤازرة الوزير ​سيزار أبي خليل​ في مواجهة أعبائه، إلاّ انهم رفضوا ذلك، علما أننا اكّدنا لهم انّ ملاحظاتنا على ال​سياسة​ الكهربائية المعتمدة لديهم لا تستهدف "التيار" أو العهد، وان ليست لدينا بتاتاً أيّ نية في هذا الاتجاه".

واعتبر ان "سلوك بعض قياديي التيار يشبه سلوك بعض القوى الشيعية في ​العراق​، بينما يتمايز شيعة ​لبنان​ في إدارة شؤونهم بحكمة وحنكة"، مشددا على ان "التيار لو يحترم المعايير المتوافق عليها في توزيع الحقائب الوزارية، لأمكن صنع توازن تام في السلطة مع المكونات الاخرى"، مشيراً الى ان "تفاهم معراب" نجح خلال فترته الذهبية القصيرة في تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية على أرض الواقع، من دون الحاجة الى تعديل النص، الاّ انّ المؤسف هو انّ "القوات" التي تملك مقاربة استراتيجية للأمور اصطدمت لاحقاً بعقلية الدكّنجي لدى مسؤولين محددين في "التيار"، من دون ان يعني ذلك أننا سنتخلى عن العمق الاستراتيجي للمصالحة المسيحية".

وأكد المصدر ان "رئيس الجمهورية وقيادتي "القوات" و"التيار" لا يزالون يتمسكون بمبدأ المصالحة التاريخية التي تمّت بعد نزاع طويل وحاد، ونحن نعرف أن الرأي العام المسيحي سيلعن عن كل من يتجرأ على نسف هذه المصالحة التي ارتقت الى مصاف القداسة"، ناقلاً عن البطريرك الماروني ​الكاردينال بشارة الراعي​ قوله لوزير الاعلام ​ملحم الرياشي​ والنائب ​ابراهيم كنعان​ خلال لقائه بهما في ​الديمان​ أخيراً "ان الجمهور المسيحي اللبناني، المقيم والمغترب، يتصل ب​بكركي​ مستفسراً عن مصير المصالحة ومبدياً قلقه عليها".

ودعا الى "حماية المصالحة بين "التيار" و"القوات" في اعتبارها نموذجا للمشاركة والشراكة وليس للتسلط ولمحاولة اعادة احياء الجمهورية الاولى بطريقة مشوهة"، مشيراً الى ان "الرئيس عون كان قد طلب من وزير الاعلام خلال احدى زياراته ل​قصر بعبدا​ ان ينقل الى ​سمير جعجع​ الرسالة الآتية: المصالحة مقدسة، وما نختلف عليه في السياسة، يمكن ان نتفق عليه في السياسة".