لفت السيد جعفر فضل الله خلال خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك إلى أنه "فيما تستمر معاناة اللبنانيين بسبب تفاقم الأوضاع المعيشية وتدهور الأوضاع الاقتصادية من دون أن يلقى هذا الواقع الضاغط أي عناية من المسؤولين يدفعهم إلى الإسراع بتشكيل الحكومة والبدء بورشة الإصلاحات ومواجهة الفاسدين، لا بد من التأكيد وحتى لا يحبط اللبنانيون أن تحقيق ذلك مرهون ببناء الدولة، وكأنه إلى الآن لا قرار بقيام دولةً بالمعنى الحقيقي، فالبلد لا يزال عبارة عن تجمّعات طائفية التقى زعماؤها على مسرح صراع من دون أن يكون للبنانيين رؤية مشتركة تجمعهم، تجاه وطنهم وعلاقاته وأوضاعه، ولذلك كان التوافق هو القاعدة التي شكّلت توازنات هشة أخضعت الوطن لتسويات ومحاصصات على أكثر من صعيد".
واعتبر أن "الأنكى من ذلك، أنّ اللبنانيّين لم يتوافقوا حتى على إدارة البُعد الحياتي المرتبط بأدنى شروط العيش؛ من ماء وكهرباء وإدارة السير والنفايات والتلوث وكيفية الحد من البطالة والتنمية المحلية وما إلى ذلك من دون أي معالجة للفساد لأنه بات جزءاً من منظومة عمل الدولة؛ لأنّ النظام الطائفي أصبح نظام محاصصة، والمحاصصة هي الوجه الآخر للفساد"، مشيراً إلى أنه "مع الأسف، ذهنية المنفعة الشخصية، وتسخير العام لمصلحة الخاص، ما تزال متحكّمة بالكثير من المواقع، وهو الذي جعل الكثيرين يخافون من أيّ حالة تلبّس بالقوّة، ولذلك حتّى النصر العسكري يسعى كثيرون لتصويره على أنّه هزيمة وهذا أنكى ما يمكن أن يتنازل إليه منطق".
وشدد على أنه "يجب أن نعرف كأبناء لهذا البلد، وفي ضوء هذا المشهد، أن الانتخابات التي وعد اللبنانيون بأنها سوف تفتح باب الخلاص، لم تحقق لهم ذلك، لأنّ الانتخابات وحدها لا يمكن أن تحلّ المشكلة؛ لأنّه غالبًا ما تجري الانتخابات على أساس خوف الطوائف والجماعات على نفسها وهويّتها وعلى خياراتٍ استراتيجيّة هنا وهناك، كما أنّ الانتخاب في ظل نظام فاسد يعيد إنتاج نظام المحاصصة. والصالحون في ظلّ هذا النظام إذا حافظوا على استقامتهم فإنّهم لا يستطيعون خرق التوازن الذي يفرضه نظام المحاصصة بين الطوائف، فمَنْ يستطيع أن يغيّر هو الشّعب، وذلك عندما لا يدخل بعد الانتخابات في غيبوبة تجاه متابعة من صوت له ولا بدّ لهذه المتابعة من أن لا تتمّ عبر الفوضى، أو عبر الكلمات غير المسؤولة التي قد تدخل البلد في أتون فتن اجتماعية وأمنيّة".