بعد مداهمة بوداي منذ أيام والتي استهدفت مزارع ومنازل تستعمل لتخزين الكبتاغون وحشيشة الكيف من قبل المطلوبين ع. ع. س. ز.، غ. م. ش. وم. م. ش.، يمكن الإستنتاج بأن الجيش اللبناني إستأنف نشاطه الأمني في بعلبك-الهرمل، بعد هدنة أمنيّة إستمرّت لأسابيع، وكان الهدف منها بحسب المصادر الأمنية الأخذ بعين الإعتبار مهرجانات بعلبك الدوليّة، وخلق جو من الهدوء في المنطقة يشجّع رواد هذه المهرجانات على حضورها من دون تردد أو تخوّف من ردّات فعل الشارع، التي قد تنتج عن ملاحقة كبار المطلوبين كما حصل في بريتال بعد العملية النوعية في الحموديّة والتي سقط بنتيجتها علي زيد اسماعيل المطلوب بـ3114 مذكرة توقيف بجرائم مخدرات وأسلحة وغيرها.
"هذه العمليات النوعية ضد كبار المطلوبين و"امبراطورياتهم" غير الشرعيّة القائمة على تجارة المخدّرات والأسلحة والخطف مقابل فدية وسرقة السيارات... هي أكثر من مهمة لفرض الأمن وضبطه" يقول مرجع أمني بارز، ويضيف "لكن أيّ خطّة أمنيّة في بعلبك الهرمل لا تأخذ بعين الإعتبار معالجة الثغرة الأبرز في المنطقة، لن تصيب الأهداف المرجوة منها. ثغرة المعابر غير الشرعية المنتشرة على كامل الحدود مع سوريا، والتي يتخطّى عددها الـ١٥٠ بين بعلبك والهرمل". وفي المعلومات، يعتمد المطلوبون هذه المعابر غير الشرعيّة لعمليّات التهريب من والى سوريا، ولنقل السيّارات المسروقة الى الداخل السوري وبيعها بأرخص الأثمان للعصابات هناك، هذا بالإضافة الى إدخال عشرات الآلاف من ليترات البنزين والمازوت المهرّبة من سوريا الى السوق اللبناني. الأبرز والأخطر في هذه المعابر، تبقى عمليّة إستعمالها من قبل المجرمين للفرار من أيّ عملية مطاردة أو دهم، وهنا لا بد من الإشارة الى أن الفرار عبرها الى الداخل السوري، يحصل أحياناً خلال مداهمة المطلوب، وأحياناً أخرى قبل حصولها وذلك بناء على تسريبة أمنيّة له بأن عملية ستنفذ لتوقيفه. مصدر رسمي بقاعي مطّلع يكشف عن فرار عدد كبير من المطلوبين الى الداخل السوري خلال الأسابيع القليلة الماضية، بمجرد سماعه بخطّة أمنية قادمة الى البقاع الشمالي، وبما أن أسماءهم وجرائمهم معممة على المعابر الشرعيّة الحدوديّة إعتمدوا هذه المعابر غير الشرعية التي يعمد الجيش اللبناني بين الآونة والأخرى الى إقفال عدد منها، ولكن يبقى العدد الأكبر سائباً وفالتًا من دون حسيب أو رقيب. عبر هذه المعابر غير الشرعية أيضاً تم نقل مصانع الكابتاغون بعد اندلاع الحرب السوريّة من القلمون الى البقاع الشمالي.
لكل ما تقدم، أي معالجة للوضع الأمني في البقاع الشمالي وإذا لم تبدأ بإقفال الحدود بشكل كامل، ستكون بمثابة المسكّنات التي تعطى لمريض السرطان، لن تفرض أمناً يشفي غليل المطالبين بإرسائه في المنطقة، ولن تجعل منه كأمن أي منطقة أخرى في لبنان، يلقى القبض فيها على المجرم بعد ثمانية وأربعين ساعة على إرتكاب جرمه، وهذا ما سمعناه مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة على لسان وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق. والدليل الأخير على ما تقدم كيف دهم الجيش منازل المطلوبين ومزارعهم في بوداي من دون العثور على المطلوبين ومن دون توقيفهم. فهل ستشمل الخطة الأمنيّة المعابر غير الشرعية وضرورة إقفالها؟.