بين يوم وآخر قد توجه البطريركية المارونية الدعوة لقيادات التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب والطاشناق والأحرار وحتى تيار المرده الذي يبدو أنه بدّل موقفه بين عامي 2015 و2018 من مسألة ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت، بهدف مناقشة كيفية مواجهة المخطط التوجيهي الذي وضعته شركة خطيب وعلمي بإشراف وزارة الأشغال العامة لتوسعة المرفأ، والذي إعتبر أن الخيار الأفضل للتوسعة هو بالردم الكامل للحوض الرابع.
بين يوم وآخر قد توجه بكركي الدعوة لا لمعارضة مشروع الردم من باب المعارضة فقط، ولا لأنها تريد أن تلعب دوراً سياسياً ما بجمع الأحزاب المسيحية على طاولتها، بل لأنها درست المخطط التوجيهي من كل جوانبه وفنّدته تقنياً ولوجيستياً من دون أن تقتنع بجدوى ردم الحوض الأكبر والأعمق ليس فقط في لبنان بل في منطقة الشرق الأوسط ككل.
وعن دراسة بكركي للمخطط التوجيهي، تكشف المعلومات أن النائب البطريركي للشؤون الخارجية المطران بولس الصيّاح وهو المكلف من قبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي بمتابعة ملف الحوض الرابع، قد زار المرفأ برفقة وفد من كبار الإختصاصيين وأصحاب الشأن، ولمس بأم العين كيف أن في المرفأ الكثير من المسافات الواسعة والشاسعة غير المستعملة من قبل اللجنة التي تديره بصورة موقّتة منذ أكثر من عشرين عاماً. وفي السياق عينه تكشف الدراسات التقنية التي تنطلق منها بكركي لرفض مسألة ردم الحوض الرابع أن بإمكان إدارة المرفأ تجميع الحاويات الواحدة فوق الأخرى وصولاً الى سبع حاويات كحد أقصى الأمر الذي يزيد المساحات الواسعة فيه بنسبة 40 % وعندها تسقط حجة الردم بهدف خلق مساحات إضافية لإستقبال أكبر عدد ممكن من الحاويات المستوردة عبر البواخر. حجة تقنية أخرى يستند اليها الصياح في معارضته المشروع، وهي سقوط الحجة القديمة الجديدة لإدارة المرفأ بأن عدد الحاويات المستوردة سيرتفع في العام 2018 ما يفرض خلق مساحات إضافية، وسبب السقوط المؤسف هو بتراجع عدد الحاويات المستوردة الى المرفأ البيروتي بسبب الوضع السياسي والإقتصادي الذي يعاني منه لبنان في زمن تتعثر فيه عملية تشكيل الحكومة.
في المخطط التوجيهي الذي ترعاه إدارة المرفأ برئاسة حسن قريطم، مشروع لضرب مرفأ بيروت وتحويل ما يزيد عن الألف باخرة سنوياً الى مرفأ طرابلس ما يلحق الضرر بحوالى ألفي عائلة من بيروت وجبل لبنان والجنوب والبقاع تعيش من واردات الحوض الرابع. عائلات رفعت صوتها عالياً أمام المرجعيات ومن ضمنها بكركي، وعلى هذا الأساس تحرك المطران الصياح بضوء أخضر من البطريرك الراعي، الذي تؤكد المصادر المتابعة أنه وفور شعوره بأن المشروع سيطرح على طاولة مجلس الوزراء بعد تشكيل الحكومة، سيطلق الصرخة تلو الأخرى ضد ردم الحوض، أكان في عظات الآحاد أم في دردشاته اليومية وأمام زواره. وعندها فليتحمل كل حزب مسيحي مسؤولية تبديل موقفه أمام الرأي العام اللبناني ككل.