في مجلس النواب الذي أفرزته إنتخابات أيار الفائت 10 نواب ينتمون الى الطائفة السنيّة ولا ينتمون أو يؤيدون أو يناصرون تيار المستقبل. نجيب ميقاتي وفيصل كرامي وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي وفؤاد مخزومي والوليد سكرية وعبد الرحيم مراد وأسامه سعد وقاسم هاشم وبلال عبدالله. في البداية سجلت محاولات كثيرة لجمع هؤلاء في كتلة نيابية واحدة تضغط على رئيس الحكومة المكلّف وتحصل على حصة داخل الحكومة لكن هذه المحاولات باءت بالفشل. وبما أنهم لم يتفقوا على تشكيل كتلة نيابية بحد ذاتها بل توزعوا على كتل الوفاء للمقاومة والتكتل الوطني واللقاء الديمقراطي وكتلة الوسط المستقل أي العزم، يتعاطى الحريري معهم براحة أكثر لناحية عدم تمثيلهم في الحكومة الأمر الذي يجعله يستأثر منفرداً بحصة السنة، مع التنازل عن مقعد واحد فقط لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أن يقايضه بمقعد مسيحي.
واذا كان من السهل على الحريري التعاطي مع مطالب النواب السنة المنتمين الى كتل نيابية حزبيّة أو محسوبة على أحزاب (قاسم هاشم، الوليد سكرية، وبلال عبدالله، فيصل كرامي وجهاد الصمد) بلا جديّة وبعدم اكتراث، وإذا كان من الأسهل عليه تهميش النواب غير المنتمين الى أي كتلة (عدنان طرابلسي، أسامه سعد، فؤاد مخزومي وعبد الرحيم مراد) فالسؤال الذي طرح في الكواليس، كيف سيتجاهل الحريري ميقاتي الذي فاز بمفرده بكتلة نيابية مؤلفة من 4 نواب؟.
في إطلالاته ومقابلاته الصحافية والإعلامية، يتجاهل الحريري الحديث عن تمثيل الكتلة التي يرأسها ميقاتي، لكنها في نهاية المطاف كتلة مؤلفة من أربعة نواب، وإذا أبقاها خارج التشكيلة الحكومية، سينعكس ذلك على قاعدته الشعبية في عاصمة الشمال طرابلس، وسيستثمر ميقاتي هذا الإقصاء أكثر فأكثر في الملعب الإنتخابي الشمالي. في البداية ترددت معلومات مفادها أن ميقاتي، وهو النائب السني الوحيد في كتلته الرباعية، مع النائب الماروني جان عبيد والنائب الأرثوذوكسي نقولا نحاس والنائب العلوي علي درويش، يشترط على الحريري الحصول على وزير سني ومن طرابلس في الحكومة المقبلة. معلومات سرعان ما تبين أنها غير دقيقة. وبحسب أوساط تيار العزم، لم يضع ميقاتي على الحريري أي شرط قد يصعّب مهمته، لا لناحية طائفة أو مذهب المقعد الوزاري، ولا لناحية نوع الحقيبة وحجمها، بل وسّع لرئيس الحكومة المكلف مروحة الإحتمالات، كل ذلك بهدف تسهيل مهمة التأليف لا عرقلتها. وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن ميقاتي وخلال لقائه الحريري في الإستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الحريري في مجلس النواب بعد تكليفه، قال للحريري وبصراحة، "خياراتنا مفتوحة ونحن كتلة متنوعة طائفياً، أولاً نحن مع توزير عبيد وثانياً مع توزير نحاس وثالثاً إذا كان المقعد سنياً فسيمثلنا خلدون الشريف".
لكل ما تقدم لن يقبل ميقاتي بأي شكل من الأشكال ولأي سبب كان بأن يتم التغاضي عن تمثيل كتلته في حكومة سعد الحريري الثالثة، خصوصاً أنه لم يضع كغيره شروطاً تعجيزية ولم يرفع سقف مطالبه كما أنه لم يحدد طائفة المقعد الذي سيمثله ومذهبه، وإذا كان من بين الحقائب السيادية أم الخدماتية.
في نهاية المطاف يستطيع الحريري إذا أصر أن يقصي كتلة ميقاتي عن الحكومة، ولكن في زمن القانون الإنتخابي النسبي وبعد النتائج التي حققها الأخير في طرابلس، هل سيكون من السهل عليه أن يتحمل تبعات هذا الإقصاء طرابلسياً؟.