لفت السيد جعفر فضل الله خلال خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك إلى أنه "يبدو أن مسار تشكيل الحكومة ورغم مرور ثلاثة أشهر، لا زال يتعثر ولا يبدو أن أفقاً للحلول يلوح في وقت قريب، فما زالت الخلافات هي نفسها، بدءاً من الخلاف القديم حول تحديد أحجام القوى السياسية في الحكومة حيث الإصرار من البعض على أحجام مبالغ فيها، إلى أزمة التنازع حول الصلاحيات بين رئاستي الجمهورية والحكومة التي تنذر بالتفاقم بسبب المهلة غير المحددة لرئيس الحكومة في تشكيلها، وما يستتبع ذلك من فتح الأبواب أمام مسائل دستورية، لا يرى أغلبية اللبنانيين مصلحة راهنة في إثارتها وإننا نرى أن هذه الخلافات التي تتحرك عناوينها في الخطاب السياسي وفي السجال الحاد بين الأفرقاء السياسيين يمكن معالجتها بالحكمة السياسية، لكن المسألة الخلافية تبدو أكثر تعقيداً وعمقاً الأمر الذي يفسر هذا التصلب السياسي غير المعهود في المواقف، وربما نطل في هذا المجال على ما يثار من أن الصراع حول الأحجام يتصل بمعركة رئاسة الجمهورية، وبأن عمر الحكومة القادمة سوف يمتد طويلاً، وأنها هي التي سوف تحدد موقع لبنان الإقليمي، وخصوصاً العلاقات مع سوريا، والتي هي من أبرز القضايا التي تثير انقساماً حاداً بين القوى السياسية اللبنانية".
وأشار إلى أن "مقاربة هذه القضية الخلافية في المشهد السياسي لا تزال تخضع في كثير من الأحيان لحسابات ومصالح ذاتية، ولا تتم مقاربتها بموضوعية وعقلانية تأخذ في الحسبان مصالح لبنان العليا، وخصوصاً مصلحته الاقتصادية حيث تدهور اقتصاد البلد قد وصل إلى أسوأ درجاته وإذا كنا نتفهم ما يبديه العديد من القوى السياسية من هواجس من استعادة هذه العلاقات بعدما شهدته من سوء في السنوات الماضية، فإننا ندعو إلى حوار صريح في العمق يتناول هذه الهواجس ويبث من الطمأنينة ما يكفي لاستعادة الثقة بين الجميع إلى خلفية صوغ علاقات لبنانية ــ سورية سليمة، كما ندعو في الوقت نفسه على عدم ربط مصير لبنان ومصالحه بحسابات الصراعات الإقليمية بانتظار تسويات هنا تطلق الضوء الأخضر.. أو برهانات على تغييرات في المنطقة، وهو ما يعمل على إثارته بعض المواقف السياسية الغربية التي لا تزال تستثمر قضية النازحين أو قضية الإعمار في سوريا لإحداث تغييرات سياسية في سوريا، وهو الأمر الذي بات في اعتقاد الخبراء والمراقبين قد طوته التطورات السياسية إلى غير رجعة".
وأضاف: "إننا لا نريد أن نستخف بحجم التعقيدات القائمة، ولا بخلفيات المواقف المطروحة التي تؤخر تشكيل الحكومة، لكننا نريد أن نقول للقيادات السياسية، وباسم الشعب المنهك بأزماته المعيشية والخدماتية، أنكم كما تعيشون حالة طوارئ وحساسية فائقة بكل ما يتصل بمواقعكم في السجال السياسي، نريد لكم أن تكونوا على المستوى نفسه من الحساسية في معالجة آلام هذا الشعب وأوجاعه، وهو الذي منحكم كل ثقته في الانتخابات التي لم يمض عليها أشهر، ووضع كل آماله على وعودكم".