أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لم يقدّم أيّ مسودّة حكومية لرئيس الجمهورية ميشال عون حتى الآن، مشيراً إلى أنّ الرئيس الحريري يسعى لبيع موقف العداء لسوريا إلى المملكة العربية السعودية.
وفي حديث إلى تلفزيون "OTV" ضمن برنامج "حوار اليوم" أداره الإعلامي غبريال مراد، لفت أبو فاضل إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لا يريد أن يشتري مواقف، وهو لا يريد الرئيس الحريري، وليس راضياً عن التسوية الرئاسية التي لم يكن طرفاً فيها، مشدّداً على أنّ السعودية لا تريد الرئيس الحريري أن ينجح.
واستغرب أبو فاضل عدم التقاط أيّ صورة للرئيس الحريري مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عيد الأضحى، معتبراً أنّ الرئيس الحريري مربك جداً إزاء ذلك، وهو أجرى مفاوضات للحصول على صورة فقط.
رجل السعودية الأول في لبنان
وجدّد أبو فاضل القول إنّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بات هو رجل السعودية الأول في لبنان، ويليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، وليس الرئيس سعد الحريري.
وأعرب عن اعتقاده بأنّ السعودية اليوم تسعى إلى ما كانت تخطط له عند احتجاز الرئيس الحريري، لجهة شلّ العهد والذهاب إلى مشكل في البلد، ما يؤدي إلى تطيير الاقتصاد بشكل كامل. وأشاد بالسياسة النقدية التي رسمها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي أنقذت البلد، وحافظت على استقرار الليرة.
وشدّد أبو فاضل على أنّ العهد لم يفشل، مشيراً إلى أنّه يكفي ما حققه هذا العهد من إنجازات خلال السنة ونصف السنة الماضية على الرغم من كل الحرتقات التي اصطدم بها من كل حدب وصوب. وانتقد من وصفهم بالسارقين والفاسدين لا السياسيين، مناشداً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن يتدخل لإنقاذ البلد وتفادي الانهيار الذي يذهب البلد إليه.
الانتصارات يجب أن تترجَم حكومياً
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ ما حققه حزب الله من انتصارات في المنطقة يجب أن يُترجَم في لبنان، وأشار إلى أنّ الرئيس ميشال عون رجل حكيم ويزن الأمور بميزان من ذهب وهو حريص على البلد، لافتاً إلى أنّ هناك عدة خيارات يدرسها لتسريع تشكيل الحكومة.
ورأى أبو فاضل أن المعركة على الحصص في الحكومة لأنّ معظم الأفرقاء يعتبرون أنّها حكومة رئاسية والحكومة التي ستحضّر للانتخابات المقبلة، باعتبار أنّ هناك رهانات على أنها ستستمرّ أربع سنوات. واستغرب مثلاً مطالبة جنبلاط باحتكار التمثيل الدرزي في الحكومة، على الرغم من أنّ حجمه النيابي انخفض وعدد نوابه تقلص.
وأشار رداً على سؤال، إلى أنّ جنبلاط لا يستطيع البقاء على موقفه المصرّ على أن يحصل على الحصة الدرزية الكاملة في الحكومة، رابطاً مواقفه بزيارته إلى المملكة العربية السعودية، مذكّراً بتصويبه على العهد وقوله إنه فشل مباشرة بعد زيارة المملكة.
استبدال الحريري غير مطروح حالياً
واعتبر أبو فاضل أنّ لا أحد يفكّر حالياً ببديل عن الرئيس الحريري، مشدّداً على أنّ هذا موضوع استبداله بشخصية أخرى غير مطروح حالياً بالنسبة لرئيس الجمهورية ميشال عون، ولكنه لفت إلى أنّ الأمور لا يمكن أن تبقى على هذا المنوال، متحدثاً عن مسؤولية كبيرة في هذا الإطار ملقاة على عاتق جميع الشخصيات في البلد، وفي مقدمها الرئيس ميشال عون، والرئيس نبيه بري، وحزب الله.
وجدّد أبو فاضل القول رداً على سؤال، إنّ مفتاح جنبلاط هو عند الرئيس نبيه بري، مشيراً إلى أنّ جنبلاط يطرح ثلاثة من نوابه للتوزير هم أكرم شهيب ووائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن، كاشفاً عن مسعى لطرح حل وسط عليه بتوزير مسيحي بدل الدرزي الثالث، لافتاً إلى وجود كلام إلى إمكان أن يكون النائب نعمة طعمة أو نجله، نظراً لانهماك الأول بالأعمال وعدم قدرته على التفرغ للعمل الوزاري.
وشدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس بري يستطيع تدوير الزوايا، وهو مخضرم في هذا المجال، خصوصاً مع النائب السابق وليد جنبلاط، لافتاً إلى أنّ الأخير يريد ضمانات.
السعودية تقتل الحريري سياسياً؟
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال آخر، أنّ حكومة الأكثرية غير واردة اليوم، لكنه ألمح إلى إمكان اللجوء إليها في حال الوصول إلى الإفلاس، مشيراً إلى أنّ الرئيس ميشال عون لا يريد حكومة أكثرية الآن، وليس فقط رئيس المجلس النيابي نبيه بري يرفضها.
وشدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس عون يريد أن يعطي الرئيس الحريري مهلة حثّ لا إسقاط لتأليف الحكومة، مشيراً إلى أنّ الرئيس عون لا يمكن أن يُسقِط الرئيس الحريري، وهو متمسّك بالتسوية الرئاسية، ولفت إلى أنّ الرئيس الحريري ليس مغرماً بعيون جعجع أو جنبلاط، وهو يريد تنفيذ مصلحته، ملمحاً إلى إمكان أن يكون مجبراً أو يتعرّض لضغوط.
وحذر أبو فاضل من أنّ الحريري ينتحر سياسياً في حال بقاء الأمور على حالها، خصوصاً أنّ عدم تشكيل الحكومة والذهاب إلى مشكل في البلد يمكن أن يؤدي إلى إنهاء دوره، متسائلاً عمّا إذا كانت السعودية تسعى لقتل الحريري سياسياً لاستبداله بشقيقه بهاء وفق المخطط الذي كان مرسوماً خلال مرحلة احتجازه.
اتفاق الطائف مُنزَل؟
واعتبر أبو فاضل أن المشكلة تكمن في أنّ اتفاق الطائف في نظر بعض الجهات منزل ومقدّس، ولا يجوز المساس به، لافتاً إلى أنّ كلّ الصلاحيات أصبحت بموجب اتفاق الطائف عند رئيس الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعاً، في حين أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية منتقصة، حيث يقتصر دوره على ترؤس جلسات مجلس الوزراء إذا حضرها مثلاً، من دون أن يكون له الحقّ في التصويت حتى.
وجدّد أبو فاضل القول إنّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مدعوم سعودياً، لافتاً إلى أنّ علاقته بالخليج ممتازة، مذكّراً بأنّ القائم بالأعمال السعودي والسفير الإماراتي وغيرهما زاراه لتهنئته بنتائج الانتخابات النيابية مباشرة بعد حصولها.
واعتبر أبو فاضل رداً على سؤال آخر، أنّ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لا يزال موجوداً في السباق لكن ليس بقوة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب القوات سمير جعجع، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن يؤمّن الغطاء المسيحي لباقي الطوائف، وهو لا يمكن أن يكون على مثال الرئيس السابق ميشال سليمان.
الانتصار واقع على الأرض
وفي الملفات الإقليمية، رجّح أبو فاضل حصول انسحابات إيرانية من سوريا، وكذلك قسم من المقاومة وحزب الله، لكن بالتنسيق المباشر بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والرئيس السوري بشار الأسد، مشدّداً على أنّ الاتفاق الإيراني السوري كبير ومتين جداً، مشيراً إلى أنّ إيران ستشارك في إعادة إعمار سوريا.
واعتبر أبو فاضل أن زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى سوريا جاءت لترتيب الأوضاع كما يجب، لافتاً إلى أنّ الانتصار أصبح واقعاً على الأرض، ولم يستبعد حصول ضربة أميركية لسوريا، مشيراً إلى أنّ كلّ ما يهمّهم هو عدم السماح لسوريا بالعودة إلى موقعها ودورها الجوهري في المنطقة. وشدّد على أنّ الروسي أصبح حريصاً على حزب الله كقوة قريبة منه.
أبواب سوريا مفتوحة للأوفياء
ونقل أبو فاضل عن القيادة السورية قولها إنّ السوريين يستطيعون إعادة إعمار بلدهم وليسوا بحاجة لخدمات الآخرين، مشيراً إلى أنّهم سيفتحون أبوابهم أمام كل من كان وفياً لسوريا للمساهمة في إعادة الإعمار، ولكن ليس أولئك الذين وقفوا ضدّها وعملوا على محاربتها.
ودعا أبو فاضل إلى فتح معبر نصيب لإنقاذ الاقتصاد اللبناني لأن لبنان الخاسر الوحيد في حال عدم فتحه كما قال الرئيس عون. ورداً على سؤال عن إمكان تعاون السوريين مع لبنان والحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس الحريري، أشار إلى أنّ السوريين لا يكرهون الحريري على الرغم من كل المواقف التي يطلقها في وجه سوريا.