منذ إقرار مشروع المحكمة الدولية من قبل مجلس الأمن الدولي، بتاريخ 21/11/2006، وإرساله إلى الدولة اللبنانية، حيث أقره مجلس الوزراء بتاريخ 25/11/2006، بات هذا الملف من أدوات الصراع السياسي على الساحة المحلية، بين فريق يعتبرها وسيلة لتحقيق العدالة وآخر يعتبرها أداة لإستهدافه.
من هذا المنطلق، كانت الساحة المحلية معرضة للإهتزاز في كل مرة تكون فيها المحكمة في طور الإنتقال إلى مرحلة جديدة من عملها، وهو ما يشغل بال القوى السياسيّة في الوقت الحاضر، لا سيما في ظل المعلومات عن أن حكماً قد يصدر عنها في شهر أيلول المقبل، الأمر الذي بدأ البعض يربطه بالخلاف حول تشكيل الحكومة، ما دفع أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله إلى التحذير من "اللعب" بالنار، مع العلم أن مصادر قانونية متابعة لهذا الملف تؤكد، لـ"النشرة"، أن الحكم من المستحيل أن يصدر قبل نهاية العام الجاري على الأقل.
وفي حين لا يزال الحزب يشدد على أن كل ما قد يصدر عن هذه المحكمة لا يعنيه بأي شكل من الأشكال، تؤكد مصادر نيابيّة في كتلة "المستقبل"، لـ"النشرة"، أنه لا يمكن التخلي عنها مهما كان الثمن، لأنها ستكون الرادع لمنع تكرار جرائم الإغتيال السياسي، لا سيما في ظل الأوضاع الملتهبة على مستوى المنطقة.
إنطلاقاً من ذلك، تستغرب هذه المصادر دعوة أمين عام "حزب الله" إلى عدم "اللعب" بالنار، الأمر الذي ترى فيه تهديداً مباشرَ إلى الحكومة المقبلة، لمنع التفاعل مع ما قد يصدر عن المحكمة، مع العلم أن لبنان ملتزم بالقرارات التي تصدر عنها، خصوصاً أنه من الممولين الرئيسيين لها، والحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تتأخر في إرسال الحصّة المتوجبة عليها، 49 % من الموازنة، في أي عام، وتسأل: "هل كنا ندفع أموال المواطنين اللبنانيين كي نقول في نهاية المطاف أن قراراتها لن تطبق".
من جانبها، يبدو أن قوى الثامن من آذار مجمعة على الموقف القديم-الجديد من هذه المحكمة، لناحية عدم الإعتراف بها بسبب المسار التاريخي الذي مرّت به، من إتهام الحكومة السوريّة وصولاً إلى توجيه الإتهام إلى بعض القيادات في "حزب الله"، وتشدد مصادر نيابيّة في هذا الفريق، عبر "النشرة"، على أن مواقفها واضحة لناحية إعتبارها بأنها أداة من أدوات المشروع الأميركي-الإسرائيلي في المنطقة، وبالتالي هي ستقاوم ما قد يصدر عنه، بالرغم من أنها لا تعتبر نفسها معنية بها.
وتشير المصادر نفسها إلى أن دعوة السيد نصرالله لم تكن تهديداً، كما صنّفها البعض، بل كانت تحذيراً مما قد يراهن عليه هذا البعض، نظراً إلى أن هذا يعني عودة البلاد إلى المرحلة السابقة من التوتر، وتسأل: "هل هناك من ربط بين ما قد يصدر عن المحكمة والتطورات القائمة على مستوى المنطقة في المرحلة الراهنة"؟.
في هذا الإطار، توضح الناطقة باسم المحكمة الدولية وجد رمضان، في حديث لـ"النشرة"، أنه في 11 أيلول، من حيث المبدأ، ستبدأ المرافعات النهائيّة لكل فريق، أيّ المدعي العام وفرق الدفاع والممثلين القانونيين عن المتضرّرين، مشيرة إلى أن هذه المرحلة، من حيث المبدأ أيضاً، قد تستغرق 15 يوماً، نظراً إلى أن كل فريق قد يحتاج لعدة أيام للمرافعات، لكنها تلفت إلى أن هذه المدّة قد تكون أطول أو أقصر، لأن لا مهل محددة للإجراءات.
وتشير رمضان إلى أنه خلال المرافعة، يقدم كل فريق مجمل الأدلة التي يكون قد قدمها إلى غرفة الدرجة الأولى خلال 4 سنوات من المحاكمة، وبعدها تكون هذه المرحلة قد انتهت لتبدأ إجراءات المذاكرة من قبل القضاة، التي لا تكون ضمن جلسات علنيّة وتستغرق عدة أشهر، على أن يكون النطق بالحكم بعد أن يتوصّل القضاة إلى قناعة لا تحمل أيّ شك بالأدلّة.
في الختام، تشدد رمضان على أن إختتام مرحلة المحاكمة، التي من المفترض أن تكون في شهر أيلول، ليست حكماً، حيث توضح أن هناك 5 مراحل من العمل: الأولى هي التحقيقات والقرار الإتهامي، الثانية هي مرحلة ما قبل المحاكمة، الثالثة المحاكمة حيث يقدّم كل فريق قضيته والمرافعات الختاميّة، الرابعة هي مرحلة النطق بالحكم والعقوبة والإستئناف بحال كان يرغب في ذلك أي فريق، الخامسة هي مرحلة تنفيذ العقوبة في حال كانت هناك إدانة.