أوضح وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود، في حديث لـ"النشرة"، أن رئيس الجمهورية هي رئيس الدولة، وصلاحياته ليست فقط الصلاحيات المكتوبة في الدستور، حيث له موقعاً معنوياً وهو محرك أساسي للحياة السياسية والدستورية، مشيراً إلى أن دوره في تشكيل الحكومة مواكب لدور رئيس الحكومة المكلف، لكن له صلاحيات منها توجيه رسالة إلى المجلس النيابي، لأن الأخير هو الذي كلف رئيس الحكومة بتشكيل الحكومة من خلال الإستشارات النيابية الملزمة، وبالتالي هو معني أيضاً في عملية التأليف، لا سيما أن كل القوى التي تسعى إلى أن يكون لها مقاعد أو حقائب وزارية ممثلة في المجلس النيابي.
ورأى بارود أن من الطبيعي في مرحلة من المراحل أن يختار رئيس الجمهورية توجيه رسالة إلى المجلس النيابي، ليحدد المسؤوليات أو يعطي رأيه أو يقدم توجيهات معينة، معرباً عن إعتقاده أنه في بعض الأحيان هناك كلام سياسي يتلطى وراء الدستوري أو قول أشياء لا يقولها الدستور.
وأوضح بارود أن عملية سحب التكليف ليست "نزهة"، لأن التكليف جاء بعد إستشارات نيابية ملزمة، ورئيس الجمهورية بناء عليها كلف رئيس الحكومة بموجب بيان صادر عن الرئاسة، لافتاً إلى أن البعض يحاول أن يقول أن سحب التكليف من الممكن أن يتم بالطريقة نفسها، مشيراً إلى أن هذا الأمر دقيق جداً وهذا الكلام يحتاج إلى بعض التدقيق، سائلاً: "هل يستطيع مجلس النواب سحب التكليف بعد منحه وبأي أكثرية؟"، معتبراً أنه بحال كان هذا الأمر صحيحاً فإن التكليف تم بموجب 111 نائباً، وعملاً بمبدأ الأشكال والصيع، وبالتالي سحب التكليف يحتاج إلى 111 نائباً، لكنه شدد على أن هذا الأمر غير ممكن لأنه في النص الدستوري لا يمكن الإجتهاد، ما يعني أن التفسير يجب أن يكون دقيقاً، وهو لا يتضمن أي مهلة للتأليف، قائلاً: "قد يكون من الواجب أن يكون هناك تعديلاً دستورياً لاحقاً لوضع ضوابط زمنية للتأليف".
ورأى بارود أن هناك دور أساسي لرئيس الجمهورية في هذا الملف، فهو يستطيع الضغط من خلال موقعه المعنوي والدستوري، مشيراً إلى أن لا أحد يبحث عن جعل الأمور أصعب مما هي عليه اليوم، لافتاً إلى أن يراهن على "حلحلة"، وعلى دور لرئيس الجمهورية وعلى تجاوب كبير من رئيس الحكومة المكلف، المعني الأول في تشكيل حكومته، واضعاً كلام الرئيس في سياق الحث على ذهاب الأمور في الإتجاه الصحيح أكثر من وضعها في إطار التهويل.
من جهة ثانية، اعتبر بارود أن إنتاجية مجلس النواب في السنوات الأخير لم تكن أفضل ما يمكن، مؤكداً أن هذا الأمر غير طبيعي لأن البلاد بحاجة إلى مواكبة الكثير من الأمور على المستوى التشريعي، كما أن الحكومة بحاجة إلى إصدار مراسيم تطبيقية لعدد من التشريعات.
وشدد بارود على أن إنتظام الحياة السياسية يمر عبر مجلس النواب والتشريع ومساءلة وجلسات المناقشة، لافتاً إلى أن كل هذا يعطي حيوية للحياة السياسية ويشعر المواطنين بأن النواب المنتخبين يقومون بعملهم كما يجب وبأن هناك حكومة تقوم بواجباتها في ظل الأوضاع القائمة.