كشفت الإنتخابات النيابية الأخيرة عن أزمة يواجهها الثنائي الشيعي، أي "حزب الله" و"حركة أمل"، في منطقة البقاع، تحديداً في بعلبك الهرمل، لا سيما مع إعتماد النظام النسبي في قانون الإنتخاب، الذي تحول فيه كل صوت إنتخابي إلى قوة مؤثرة على عكس ما كان عليه الواقع في النظام الأكثري، الأمر الذي دفع قيادة هذا الثنائي إلى التركيز على المعركة الإنتخابية في هذه الدائرة، مع رفع المواطنين سقف المطالب الإنمائية عالياً، وذهاب البعض إلى المقارنة مع الوضع في الجنوب.
بعد نهاية الإستحقاق الإنتخابي، الذي قطعت فيه وعوداً إنتخابية كبيرة من قبل القيادتين، تفجرت، دون سابق إنذار، الأوضاع الأمنيّة في المنطقة، ما دفع النواب إلى رفع السقف عالياً، في ظل التحذيرات من أن ما يحصل مخطط يراد منه إيقاع الفتنة بين الحزب والحركة وبيئتهما الشعبية، وصولاً إلى توجيه أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، في خطابه الأخير بإحتفال ذكرى التحرير الثاني، رسالة خاصة إلى أهالي المنطقة حمّلهم فيها مسؤولية حفظ المقاومة.
بالإضافة إلى خطاب السيد نصرالله، ستكون بعلبك على موعد مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي سيلقي كلمة في الإحتفال الذي تقيمه "أمل" في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر يوم الجمعة المقبل، والذي سيكون الأهم لناحية مطالب المنطقة التاريخية على المستوى الإنمائي، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة لـ"النشرة"، حيث من المتوقع أن يعلن بري عن إنطلاق العمل لإعلان مجلس إنماء البقاع، الذي سيكون بالتوازي مع آخر متعلق بعكار، بالإضافة إلى الكشف عمّا وصل إليه مشروع قانون تشريع زراعة الحشيشة، الذي كان رئيس المجلس النيابي قد طلب من أعضاء كتلة "التنمية والتحرير" في إجتماع الكتلة الذي سبق عطلة الأضحى الإنتهاء منه خلال أيام، إلا أن الأهم يبقى قانون العفو العام، الذي ينتظره أهالي المنطقة منذ سنوات، وكان من المتوقع أن يقر قبل الإنتخابات النيابية، إلا أن ربطه بملف المتورطين في قضايا إرهابية أدى إلى تأجيل البت به، من دون تجاهل مشاريع الضم والفرز وسد نهر العاصي.
في هذا السياق، تشدد هذه المصادر على أن تجاهل مطالب أبناء المنطقة، في المرحلة المقبلة، أمر غير وارد بأي شكل من الأشكال، لا سيما أنها حقوق لهم من المفترض بالدولة تأمينها بأسرع وقت ممكن، بعد أن تحولت إلى "البوابة التي تسعى من خلالها القوى المعادية إلى ضرب البيئة الشعبية، التي تعتبر تاريخياً الخزان الأساسي لقوى المقاومة، وهي قدمت الآلاف من الشهداء في هذه المسيرة". وتؤكد المصادر نفسها أن هذه الموجة لن تكون مرحلية، كما يحاول البعض التسويق، حيث تشير إلى وجود قرار، على أعلى المستويات، بمتابعة ملفّات منطقة بعلبك الهرمل لدى الحزب والحركة معاً، كاشفة عن أنه تم الإتفاق على هذا الأمر في اللقاء الأخير الذي جمع أمين عام الحزب ورئيس المجلس النيابي بعد الإنتخابات النيابية.
وفي حين هناك قراءة مختلفة لدى كل من الحزب والحركة لأسباب ما كان يحصل في المرحلة السابقة، إلا أن المصادر المقرّبة من الجانبين تجزم بأن الأمور لن تتوقف عند الملفات الكبيرة التي تمت الإشارة إليها في الأعلى، نظراً إلى أن غياب أبناء المنطقة عن التعيينات في مؤسسات الدولة معروف، وتضيف: "في كل التعيينات المستقبلية سيكون هناك حرص، من الجانبين، على تمثيل المنطقة بالشكل المطلوب"، وتشدد على أن هذه المواضيع لم تكن غائبة عن القيادتين، إلا أنها اليوم ستكون الأولوية، ما سيظهر أولاً من خلال تمثيل البقاع في الحكومة المقبلة بوزيرين جديدين.
بالتزامن، تعلّق مصادر بقاعيّة، عبر "النشرة"، أهميّة بارزة على تركيز كل من الحزب والحركة إهتمامهما على الأوضاع في المنطقة، خصوصاً بعد أن أدركا حقيقة ما يحصل، مشيرة إلى أن حالات الإعتراض، التي تم التعبير عنها في الفترة السابقة، لم تعنِ الذهاب نحو أي خيار آخر، إلا أن هذا الأمر يتطلب تنفيذ الوعود التي تقطع من قبل الجانبين، نظراً إلى أنها قد تكون الفرصة الأخيرة أمامهما، في ظل الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة على كافة المستويات.
في المحصلة، يتجه كل من "حزب الله" و"حركة أمل" إلى التركيز على الأوضاع في منطقة البقاع في المرحلة المقبلة، من الناحية الإنمائية، من خلال سلّة واسعة من المشاريع التي يتم الإعلان عنها، لكن العبرة تبقى في تنفيذها.