تُجمِع الفصائل الفلسطينية على ضرورة إنجاز المصالحة الداخلية، من خلال البدء بإجراءات تنفيذ ما اتُّفِقَ عليه سابقاً في القاهرة.
وانطلاقاً من هذا الإجماع جرى التأكيد على أهمية استمرار الرعاية المصرية، بوضع الآليات التنفيذية في أسرع وقت، خاصة أنّه بين آخر اتفاق لهذه الآليات (12 تشرين الأوّل 2017) واليوم، حصلت تطوّرات عدّة، في طليعتها اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس الموحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، ثم إقرار "الكنيست" الإسرائيلي "قانون القومية" العنصري، وهما تمرير لـ"صفقة القرن"، التي بوشر بتنفيذ بنودها بعناوين متعدّدة، قبل الإعلان عنها.
ويُتوقّع أنْ تحسم مصر الخطوات المتعلّقة بالمصالحة الفلسطينية، في ضوء الرد النهائي لحركة "فتح" على الورقة المصرية، الذي وصل إلى المسؤولين في المخابرات المصرية ليل أمس الأوّل (الإثنين)، وسيتم عرضه على المسؤولين في حركة "حماس"، قبل نقاشه لاحقاً بين وفدَيْ "فتح" و"حماس" استباقاً لدعوة الفصائل الفلسطينية كافة الموقّعة على اتفاق المصالحة.
وذُكِرَ أنّ مصر ستوجّه دعوة للفصائل الفلسطينية لاستكمال مباحثات التهدئة مع الإحتلال والمصالحة، في ضوء عودة مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل من العاصمة الأثيوبية، أديس أبابا، برفقة وزير الخارجية المصرية سامح شكري، بعدما نقلا خلالها رسالة شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد.
ويشرف اللواء كامل شخصياً على جولات المصالحة والتهدئة واللقاءات مع الفصائل الفلسطينية.
وتكمن أهمية تنفيذ بنود المصالحة بأنّه ضرورة تسبق، ما يجري الحديث عنه من اتفاق تهدئة بين الجانبين الفلسطيني والكيان الإسرائيلي بجهود مصرية، ومن مندوب الأمم المتحدة.
هذا وأعلن عضو اللجنتين التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" والمركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد عن أنّ "حركة "فتح" سلّمت الرد النهائي على الورقة المصرية إلى القاهرة".
وأشاد المسؤول المصري الذي استلمه بالإيجابية التي وجدها في هذا الرد والذي اتسم بالوضوح والدقة.
وأشار الأحمد إلى أنّ "حركة "فتح" استندت في ردها إلى اتفاقي 4/5/2011 و12/10/2017 وأوضحت آليات التنفيذ، مؤكدة ضرورة الاستمرار في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بنداً بنداً، من النقطة التي وصلنا إليها عندما توقفت الخطوات العملية في قطاع غزّة بعد التفجير المفتعل، الذي استهدف موكب رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج".
وأبدى أمله من الأشقاء في مصر أنْ "يطلعوا حركة "حماس" على تفاصيل رد حركة "فتح"، وهذا الرد لا يطرح جديداً، بل يستند إلى ما تم التوقيع عليه سابقاً، بحيث نصل بالتدريج والتوازي إلى تنفيذ كل الخطوات، بما يشمل عودة الوزراء إلى قطاع غزّة، وقيامهم بعملهم بشكل قانوني، و100% دون تدخّل من أحد، وإنهاء عمل اللجنة التي تبحث وضع الموظّفين، الذين عيّنتهم "حماس" خلال فترة الانقسام، وإنهاء عمل اللجان الأخرى (المصالحة، والحريات العامة والأمن)".
واعتبر أنّ "الإطار السياسي الذي تضمّنه الرد تم الاتفاق عليه مراراً وتكراراً، والجديد الذي تمَّ التأكيد عليه فقط، هو ما استجد بعد اتفاق 12/10/2017 في ما يتعلّق بما يسمّى "صفقة القرن"، وقد تمَّ التشديد على أنّ الفهم الأميركي لعملية السلام مرفوض ويشكّل مؤامرة لتصفية القضية".
وقال: "إنّ الإطار السياسي الوارد في رد حركة "فتح" مجدّداً أنّه لا بد من أنْ تكون مصر الراعية الوحيدة والحكم، ونأمل من الأشقاء في مصر أنْ يطلعوا على رد حركة "فتح"، ومستعدون لنقاش أي ملاحظات يبدونها، ومن بعدها تبادر الشقيقة مصر إلى دعوة حركتَيْ "حماس" و"فتح" لإعلان الاتفاق، ثم تدعو إليها كل الفصائل الموقِّعة على اتفاق المصالحة، فصائل "منظّمة التحرير" وحركتي "الجهاد" و"حماس"، على ألا يتجاوز الفاصل الزمني بين الاجتماعين فترة أسبوع".
وأوضح أنّ "ما تضمّنه رد حركة "فتح" على الورقة المصرية يمثّل الكل الفلسطيني، لأنّنا نريد إنهاء هذه الصفحة، والتفرّغ لمواجهة السياسة الأميركية الخبيثة والمنحازة لـ"إسرائيل"، ولا نريد من أحد أنْ يستغل الألم والمعاناة الفلسطينيين، سواء في الضفة أو القطاع، علماً بأنّنا كنّا على اتصال دائم مع كل فصائل "منظّمة التحرير" دون استثناء، نطلعهم أوّلاً بأوّل على ما كان يدور من اتصالات، ونسمع اقتراحاتهم ونصائحهم ونأخذ بها".
وتابع: "اتفاق التهدئة يجب أنْ يكون بعد اتفاق المصالحة، وعلينا أنْ نتصدّى لمحاولة جعل التهدئة هدوءاً مقابل هدوء، كما تسعى "إسرائيل"، وقد أكد الرئيس "أبو مازن" لكل مَنْ قابلهم، أنّ مشكلتنا الأولى والأخيرة هي استمرار الإحتلال، وبالتالي نؤكد أنّه لا يمكن إنهاء الإحتلال دون إنهاء الانقسام".
وشدّد على أنّ "التهدئة عمل وطني 100%، لكنّه ليس مهمة "حماس" ولا "فتح" ولا "الشعبية"، مشيرا إلى أنّ كل الفصائل التي ذهبت إلى القاهرة "القيادة العامة" و"الشعبية" و"الديمقراطية"، أكدت أنّ المصالحة أولاً، ولا يعني ذلك تأجيل التهدئة، ونأمل أنْ تتم مباشرة بعد إعلان إنهاء الانقسام، وبدء الخطوات الفعلية لطَيْ هذه الصفحة المقيتة".
وألمح الأحمد إلى "اتفاق التهدئة الذي أُبرِمَ في العام 2014"، معتبراً أنّ "التهدئة التي نريدها يجب أن تنهي الحصار المفروض على قطاع غزّة برّاً وبحراً وجوّاً، وحينما نتحدّث عن بحر غزّة نتحدّث عن بحر دولة فلسطين، ولا نريد موانئ خارج فلسطين"، مشدّداً على "ضرورة إعادة بناء "مطار الشهيد ياسر عرفات" بأسرع وقت ممكن".
وأضاف: "إنّ الحديث عن مدرج في إيلات وممر مائي في قبرص، مرفوض ويعني تدمير الحلم الفلسطيني بإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، ويجب أنْ ينطلق الصيادون بحريّة في البحر، فقد حدّد اتفاق أوسلو مساحة الصيد البحري المسموح بها بـ 20 ميلاً - أي أكثر مما طالبت به حماس".
وختم الأحمد معرباً عن أمله "في أنْ تكون هناك هدنة تتيح الفرصة لاستكمال تنفيذ عملية إعادة إعمار قطاع غزّة، وقبر ما يُسمّى صفقة القرن".
من جهتها، قالت حركة "حماس": "إنّ ما يجري من حوارات في القاهرة، لا أبعاد سياسية له".
وأشار المتحدّث بإسم الحركة عبد اللطيف القانوع في تصريح له، إلى أننا "لسنا أمام صفقة سياسية، ولا جزءاً من اتفاق دولي، يتنازل عن الأرض، ويعترف بالمحتل، ويدمّر المشروع الوطني".
وأوضح القانوع أنّ حركته "في حالة توافق وطني مع الفصائل الفلسطينية، لرفع الحصار عن قطاع غزّة، ومواجهة "صفقة القرن"، والمحافظة على حقوقه الوطنية".
وشدّد على أنّ "خطوات "حماس" نحو تثبيت تهدئة 2014 ورفع الحصار عن قطاع غزّة محصّنة بالإجماع الوطني والمقاومة الفلسطينية"، مشيراً إلى أنّ حركته "لم تجنِ تضحيات الشعب الفلسطيني بمشروع سياسي قائم على سلطة تعترف بالإحتلال، وتقدّس التنسيق الأمني معه كما تصنع حركة فتح".
وذكر القانوع أنّ "المقاومة الفلسطينية ستظل حاضرة، ويدها على الزناد، وسلاحها في جعبتها للدفاع عن شعبنا الفلسطيني وللجم الإحتلال الإسرائيلي".
فيما جدّد مجلس الوزراء الفلسطيني، خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله، برئاسة رئيسه الدكتور رامي الحمد الله، دعوته لحركة "حماس" إلى "الاستجابة لخطّة الرئيس "أبو مازن" لاستعادة الوحدة الوطنية، دون شروط أو قيود، وتسليم حكومة الوفاق الوطني دون تجزئة لكافة المهمات والصلاحيات في قطاع غزّة، والتوقّف عن الممارسات الهادفة إلى تكريس مصالحها الحزبية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني".
إلى ذلك، أعلنت قوّات الإحتلال الإسرائيلي عن أنّها هدمت ليل الإثنين - الثلاثاء منزل فلسطيني، كان قد قتل مستوطناً إسرائيلياً في مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة.
وقال بيان لجيش الإحتلال بأنّ "منزل محمد طارق إبراهيم في قرية كوبر - شمال رام الله، تمَّ تدميره ردّاً على الهجوم، الذي ارتكبه في (مستوطنة) آدم في 26 تموز/يوليو، وأسفر عن مقتل يوتام عوفداي".
وأشار جيش العدو إلى أنّ صدامات وقعت ليلا بين عشرات الفلسطينيين وقوات الأمن الاسرائيلي في قرية كوبر.