حملت زيارة رئيس جمهورية البوسنة والهرسك بكر عزت بيجوفيتش، رسالة دعم قوية للرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية، في اللقاء المشترك الذي عُقِدَ بينهما في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، وبما حملته من دعم للقضية الفلسطينية وتطوير العلاقات بين الدولتين.
كذلك الزيارة اللافتة التي حرص الرئيس بيجوفيتش على القيام بها، إلى مدينة القدس بإعتبارها عاصمة لدولة فلسطين، وأداء الصلاة بالمسجد الأقصى المبارك، تأكيداً على إسلامية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ودحضاً للمزاعم الصهيونية بوجود الهيكل المزعوم.
وهذه الزيارة التي تستمر لمدّة يومين، بدعوة رسمية من الرئيس عباس، هي الأولى لرئيس إلى المدينة المقدّسة والصلاة في الأقصى، منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس الموحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي قبل نقل سفارة بلاده إليها من تل أبيب.
فقد وصل الرئيس البوسني، ظهر أمس، إلى مقر الرئاسة بمدينة رام الله، حيث كان في استقباله
عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" أحمد مجدلاني، ووزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتيه.
ووضع الرئيس البوسني إكليلاً من الزهور على ضريح الشهيد ياسر عرفات، بحضور أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، وقرأ سورة الفاتحة على روحه.
ثم استعرض الرئيس عباس وضيفه حرس الشرف، الذي اصطف لتحيتهما، وعُزِفَ النشيدان الوطنيان البوسني والفلسطيني.
وصافح الرئيس البوسني مستقبليه، فيما صافح الرئيس عباس أعضاء الوفد المرافق.
واستُهِلَّ النشاط بلقاء بين الرئيسين، بحضور وفد من الجانبين، حيث حضر عن الجانب الفلسطيني: الطيب عبد الرحيم، مجدلاني، نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، الوزير المالكي، اشتية، والمستشار الدبلوماسي الرئيس مجدي الخالدي، رئيس ديوان الرئاسة انتصار أبو عمارة وسفير دولة فلسطين لدى البوسنة والهرسك رزق نمورة.
وبحث الرئيس عباس مع الرئيس الضيف آخر المستجدات السياسية على صعيد القضية الفلسطينية والمنطقة، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وسُبُل تعزيز التعاون، والعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين.
ثم أولم الرئيس عباس على شرف الضيف، قبل عقد مؤتمر صحفي مشترك، جدّد خلاله تأكيد "الخطة التي طرحها خلال شهر شباط/فبراير الماضي أمام مجلس الأمن لعقد مؤتمر دولي للسلام، وتشكيل آلية دولية متعدّدة الأطراف لرعاية عملية السلام، وصولاً إلى تطبيق حل الدولتين على حدود 1967، وتحقيق الشعب الفلسطيني لحريته واستقلاله في دولته بعاصمتها القدس الشرقية، وعلى ضرورة الاستجابة لدعوات المجتمع الدولي بأنْ تتراجع الولايات المتحدة عن قراراتها المتعلّقة بالقدس واللاجئين".
وأشاد الرئيس بما تمَّ توقيعه من اتفاقيات ثنائية في مجالات التعليم والإعلام، بين دولة فلسطين والبوسنة والهرسك، مؤكداً "ضرورة توقيع بقية الاتفاقيات، التي تمَّ التوصّل إليها بين الجهات المختصة في البلدين، ولم تُوقّع بعد، لما لذلك من أثر كبير على تعزيز العلاقات الثنائية بينهما".
بدوره، قال الرئيس بيجوفيتش: "إنّ بلادنا تدعم بقوّة الجهود لعقد مؤتمر دولي للسلام، يُتوصّل من خلاله إلى حل دائم وشامل بناء على مبادئ الشرعية الدولية وحل الدولتين".
واعتبر أنّ "التفاوض هو السبيل الوحيد للوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة وإنهاء الصراع، وإنّه للشعبين الحق في العيش بسلام وأمن، وكله يتم فقط من خلال رؤية حل الدولتين، والسلام والاستقرار يتحقّق إذا كان قائماً على العدالة، كما يجب أنْ يكون متوازناً لجلب السلام للمنطقة، وهذا
أمر مهم ليس فقط للفلسطينيين لكن للعالم كله".
وأوضح أنّ بلاده "دعمت وصوّتت لصالح قرار الأمم المتحدة توفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، كما دعت في بيانات متعدّدة لإنهاء العنف وبدء الحوار".
ومساء، زار الرئيس بيجوفيتش القدس، عاصمة دولة فلسطين، حيث أدّى الصلاة في المسجد الأقصى المبارك.
وكان في استقباله: ممثّل الرئيس عباس عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" محافظ القدس ووزير شؤونها عدنان الحسيني، مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، اشتية، مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عزام الخطيب ومدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني.
وأشار الحسيني إلى "أهمية هذه الزيارة التي تأتي في ظل حشد المزيد من الدعم الدولي للدبلوماسية الفلسطينية ومبادرة الرئيس محمود عباس للسلام".
وأكد "حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابلة للتصرّف، وفي مقدّمتها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها الأبدية القدس الشريف، وحق العودة لجميع الذين هجروا من أرضهم عنوة".
بدوره، أكد المفتي حسين أنّ "إسرائيل غير آمنة على المقدّسات الإسلامية والمسيحية وإجراءاتها المنافية لأبسط حقوق الإنسان والأعراف والمواثيق الدولية، التي تعرّض هذه المقدّسات إلى أخطار جسيمة، ولا تضمن أمنها بما يليق بمكانتها الفلسطينية والعربية والدولية والإلهية".
من جانبه، استعرض الشيخ الخطيب "جملة من الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك وعموم المقدّسات الإسلامية والمسيحية، التي تخضع للوصاية الهاشمية الأردنية، وأعمال الحفر أسفل المسجد والبلدة القديمة في محاولة يائسة لإظهار طابع يهودي مزيّف، بعيداً عن أصالة المكان".