أرخت زيارة نائب رئيس حركة "فتح" عضو اللجنة المركزية، محمود العالول الى لبنان، وهي الاولى لأرفع مسؤول "فتحاوي"، ارتياحا سياسيا وشعبيا خلافا لما كان متوقعا، في ظل استفحال الخلاف السياسي بين حركتي "فتح" و"حماس" في الداخل، في ظل مراوحة المصالحة الوطنية في مكانها والحديث عن تسوية بشأن غزة دون ان تنال موافقة السلطة الفلسطينية.
وأوضحت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان زيارة العالول اكتسبت أهمية خاصة كونها أكدت على استثنائية الساحة الفلسطينية من تداعيات اي خلافات في الداخل، على اعتبارها تتطلب الوحدة وتناسي أي صراع ينعكس توتيرا أمنيا في المخيّمات، وهو هاجس يؤرق المسؤولين الفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى المسارعة لردم هوة الخلافات ومنع تفاقمها لما فيه مصلحة لبنانية وفلسطينية مشتركة، وفي ذلك أولى ايجابيات الزيارة.
ولم يتوقف العالول عند هذا الحد من رسائل التطمين، بل ذهب ابعد من ذلك حين زف بشرى الاتفاق الفلسطيني على اعادة العمل بالاطر المشتركة قريبا، وعقد لقاءات للقيادة السياسية الموحدة في لبنان على قاعدة آلية تنظم العمل مجددا تقرن الاقوال بالافعال، وهو ما تشكو منه حركة "فتح" دائما، سيما وان السفير الفلسطيني لدى لبنان أشرف دبور فتح أبواب السفارة الفلسطينية امام التلاقي الفلسطيني، باعتبارها بيتا جامعا للكل، ولم تتعاطَ مع القوى السياسية الوطنية والاسلامية من منطلق التقارب او الخلاف، وفي ذلك إيجابية ثانية كان أبناء المخيمات ينتظرونها بفارغ الصبر، قناعة منهم أن الوحدة الفلسطينية تشكل مظلة سياسيّة وأمنية واجتماعية لحماية المخيمات في وجه كل محاولات زجّها في أتون الصراعات واسقاط عنوانها الفلسطيني، بعد وضعها في مقدمة أولويات الاهتمام الاميركي، لجهة شطب حق العودة وانهاء عمل وكالة "الاونروا"، وفق خطة متدحرجة تطبق ضمنيا "صفقة القرن" التي رفضتها القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن وابلغه العالول الى القيادة الفتحاوية وكوادرها وعناصرها رسميا.
وبين الايجابيتين، قرأت اوساط فلسطينية عبر "النشرة"، حرص العالول على سلسلة من الخطوات الهامة، أولها، شد العصب "الفتحاوي" على الساحة اللبنانية، والتأكيد على ان الحركة صاحبة الطلقة الاولى قوية، وقد ترجم ذلك بالاجتماعات المتتالية مع "القيادة الفتحاوية" بمختلف مستوياتها من جهة، وباللقاءات الشعبيّة مع الكوادر من جهة أخرى.
وثانيها، زيارة العالول الى بعض المخيمات الفلسطينية في رغبة واضحة بالالتصاق بالقاعدة ووضعها في تفاصيل التطورات السياسية والامنيّة في فلسطين ولبنان وموقف الحركة منها، وقد كان كلامه واضحا لجهة الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي الرافض لـ"صفقة القرن"، "وتمسك عبّاس والقيادة الفلسطينية بالثوابت الوطنية وحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والاستقلال ورفض كافة المشاريع والمؤامرات التي تستهدف تصفية مشروعنا الوطني"، مؤكدا على ان التناقض الاساس هو مع الاسرائيلي وحرص القيادة على تمتين الوحدة الوطنية، وان المصالحة الفلسطينية اولوية وطنية وان تكون شاملة لكافة القضايا الاساسية وألاّ تستثمر من قبل البعض عبر ادخال حلقات من صفقة العصر من خلالها.
وثالثها، حرص العالول على تعزيز العلاقات الاخوية الفلسطينية واللبنانية وخاصة في مدينة صيدا التي احتضنت القضية الفلسطينية ومخيم عين الحلوة الذي شهد احداثا أمنية أثرت سلبا على المدينة في المراحل السابقة، وفي ذلك رسالة "طمأنة"، على حرص القيادة الفلسطينية على حفظ أمن وإستقرار المخيمات والجوار اللبناني، ومنع تحويلها الى ملاذٍ آمن للفارّين من وجه العدالة أو المطلوبين أو الى ممر أو منطلق لاستهداف مسيرة السلم الاهلي اللبناني، في ظل شد العصب السياسي اللبناني، تزامنا مع المساعي لتشكيل الحكومة العتيدة برئاسة سعد الحريري ووسط تمنيات ان يتعافى لبنان سريعا لانه دعم وقوّة للقضية الفلسطينية وشعبها.
ومن المقرر، أن يغادر العلول اليوم الجمعة لبنان عائدا الى الضفة الغربية، حيث يتوقع أن تترجم هذه الايجابيات لطيّ صفحة الخلافات مجددا، على أمل ان تنعم المخيمات بالاستقرار في ظل شائعات توتيريّة تعلو بين الحين والآخر بان القادم لا يبشر بالخير.