ترفض ايران رفضا قاطعا التفاوض مع الولايات المتحدة الاميركيّة لأنّ المرشد الأعلى علي خامنئي رفض ذلك قائلا "انه لخطر اجراء اي محادثات مع اميركا، فهي لا تلتزم بوعودها بتاتا"، وجاء هذا الحظر بعد ان كان قائد الحرس الثوري الايراني اللواء محمد علي جعفري قد أصر على ان "الشعب الايراني لن يسمح أبدا لمسؤوليه بالاجتماع والتفاوض مع الشيطان الأكبر، فنحن لسنا كوريا الشمالية".
وجاء الكلام الايراني ردا على العرض الذي تقدم به الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا للتحاور مع الجانب الايراني دون اي شروط مسبقة.
في هذا السياق ترى مصادر دبلوماسية اميركيّة وجود وجهتي نظر في الاوساط الرسمية للعمّ سام، واحدة تؤيد وجهة نظر البيت الأبيض وتعتقد ان التفاوض ممكن بغض النظر عن المواقف الايرانيّة المعلنة حاليا، وأُخرى لا تؤيد هذا التوجه وتعتبر ذلك مستحيلا.
ويتوقع انصار ترامب حسب المصادر ان التاريخ والديناميّات السياسيّة الاساسيّة تشير بان موقف ايران الحالي سوف يلين قبل مرور فترة طويلة، ومن الممكن الاتفاق بين الجانبين، ومن المرجح ان يلعب الرئيس الروسي فلاديميير بوتين دورا أساسيا كصانع سلام.
ولفتت المصادر انه من الصعب ان تؤدي العقوبات القصوى التي فرضتها واشنطن على كوريا الشمالية الى حمل ايران على التفاوض، لان أوروبا ستقر قوانين هدفها حماية شركاتها من العقوبات.
في المقابل اشارت المصادر نفسها ان هذا العامل وحده لا يكفي بان تواصل ايران رفضها للتفاوض، لان الاقتصاد الايراني يترنّح، فالعملة الإيرانية خسرت نصف قيمتها منذ شهر نيسان الماضي، مما يعني ان قيمة الحسابات في المصارف الإيرانيّة اصبحت تساوي نصف ما كانت عليه، والشعب الايراني مستاء، ويعبر عن عدم رضاه في تظاهرات واسعة النطاق.
وتتخوف المصادر من انه عندما يشعر النظام بالضغط حقا، يأتي رده التاريخي بتغيير سلوكه، فالامام الخميني كان قال بأن ايران ستحارب العراق بقدر ما يلزم لهزيمته، ولكنه مع ذلك أنهى الحرب في آب ١٩٨٨، عندما دمرت القوات الاميركيّة في الخليج سفن بحرية إيرانيّة ومنصّات نفطية.
وتابعت المصادر أنه في تسعينيات القرن الماضي توقفت طهران عن ملاحقة معارضيها في أوروبا عندما هددتها ألمانيا بفرض عقوبات، وبعد ان هزمت الولايات المتحدة جيش صدام حسين عام ٢٠٠٣ وتخوّفت ايران ان يأتي دورها في وقت ما، فطرحت طهران وقتذاك عروضا مكثفة للحد من برنامجها النووي ودعمها لحماس وحزب الله، ثم بعد ان كان الجانب الايراني قد صرح بانه لن يتفاوض مطلقا بشأن برنامجه النووي، طالما انه يخضع للعقوبات، قام الايرانيون بالتفاوض.
وخلصت المصادر الى الاعتقاد بان كل هذه المعطيات توحي بانه مع تعثر الاقتصاد وازدياد الضغوط في وجه ايران، سيبحث النظام عن مخرج وسيكون مستعدا للحوار في الوقت المناسب، ومن المرجح ان يقترب قادة ايران من الروس أوائل العام المقبل للعب دور الوسيط بينهم وبين الولايات المتحدة الاميركيّة،لأنهم يلاحظون كيفيّة ارتباط ترامب ببوتين.