نشرت مجلة "The Economist" تقريراً تحت عنوان "أزمة تلوح في الأفق" قاربت فيه الوضع المأزوم في لبنان، محذرة من أن السياسات النقدية المُتبعة "غير قابلة للاستدامة، وأن أي انهيار في قيمة سعر صرف الليرة سيكون مؤلماً، ولن يبقي شيئاً لتحاصصه، وهو وضع يتطلّب معالجة، لا يزال أصحاب القرار يغضون الطرف عنها".
وأشارت إلى ان "مؤشّرات السياحة حقّقت تقدّماً ملحوظاً أخيراً، إذ سجّل القطاع في عام 2017 أعلى نسبة سيّاح منذ خمس سنوات، لكن لا تزال هذه الأرقام تحت مستوى الذروة المُحقّق في عام 2010، ووفقاً لأرقام النصف الأوّل من العام الحالي، يبدو أن هذه الصناعة متقلّبة. إذ انخفض معدّل إشغال الفنادق بنسبة 14بالمئة خلال شهر واحد بعد احتجاز السعودية رئيس الوزراء سعد الحريري وإجباره على الاستقالة في تشرين الثاني الماضي، فضلاً عن انخفاض عدد الزوّار السعوديين بنسبة 19% هذا العام، وهم يمثّلون الحصّة الأكبر من الإنفاق السياحي".
وأضافت "أمّا القطاع العقاري، فهو الأكثر إثارة للقلق، نتيجة تراجع عدد رخص البناء في النصف الأول من عام 2018 بنسبة 9% وانخفاض البيوعات العقارية بنسبة 17% خلال الربع الأول من العام، وذلك بالمقارنة مع معدّلات الفترات نفسها من العام الماضي، وهو ما يدفع المطوّرين إلى الخشية من انهيار أكبر مقبل، خصوصاً بعدما أوقف المصرف المركزي القروض السكنية المدعومة فجأة"، معتبرة ان "ركود سوق الإسكان سيؤدي إلى مزيد من التباطؤ في النمو الاقتصادي الذي لم يرتفع عن متوسط 2% منذ بداية الحرب السورية".
وقالت: "بالنسبة للقطاع المصرفي، فإنه قطاع صلب ولكن على الورق! صحيح أن حاكم مصرف لبنان لا ينفكّ عن ترداد أن الوضع الاقتصادي على ما يرام، وأنه يدير أصولاً أجنبية بقيمة 44 مليار دولار من دون الذهب سمحت بخروج لبنان من الأزمة التي أعقبت احتجاز الحريري في السعودية، إلّا أن هذه الأرقام مُضلّلة".
ورأت المجلة ان "سياسيي لبنان حقّقوا ثروة من الفقّاعة المصرفية. فمن ضمن أكبر 20 مصرفاً تجارياً، هناك 18 مصرفاً مملوكاً كلياً أو جزئياً من سياسيين أو من عائلات مرتبطة بشكل وثيق بهم. الآن يبدو أنهم غافلون عن الانهيار الذي يلوح في الأفق، ويقومون بتعويم مخطّطات خيالية. يأمل البعض بأن يصبح لبنان مركزاً لإعادة إعمار سوريا بعد الحرب. إلّا أن هذه الخطة تواجه عوائق عدّة، كما أن «الأموال التي تعهّد المانحون بتقديمها في مؤتمر باريس 4 في نيسان الماضي نحو 12 مليار دولار، هي بمعظمها قروض وليست هبات، في حين أن لبنان لم يعد قادراً على تحمّل المزيد من الديون، إذ يتوقّع خبراء صندوق النقد الدولي أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 180% في غضون خمس سنوات. وبحلول ذلك الوقت، ستستحوذ خدمة الدين على ثلاثة أخماس الإيرادات الحكومية، من دون أن تترك شيئاً للنفقات الرأسمالية (المنخفضة بالأساس)".