أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ الحكومة لا بدّ أن تُشكَّل قريباً، كاشفاً عن مبادرات على أكثر من صعيد يقوم بها رئيس الجمهورية ميشال عون للدفع باتجاه الإسراع في تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنّه متفائل بالانفراج الحكومي انطلاقاً من ذلك.
وفي حديث إلى تلفزيون "الجديد" ضمن برنامج "الحدث" أدارته الإعلامية نانسي السبع، أشار أبو فاضل إلى أنّ "حزب الله يسأل لماذا الرئيس ميشال عون وافق على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ولماذا لم يأخذ موقفا منها"، لافتاً إلى أنّ "الرئيس ميشال عون بانتظار الحكم النهائي وعلى اساس هذا الحكم سيبني موقفه".
وشدّد أبو فاضل على أنّه لا يؤخذ على وزير العدل سليم جريصاتي كيف عُيّن وزيراً للعدل وهو كان معارضاً للمحكمة الدولية، لافتاً إلى أنّ رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري توافقا على أن يكون جريصاتي وزيراً للعدل.
نتائج الانتخابات لم ترض جنبلاط
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ نتائج الانتخابات لم ترض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، خصوصاً لجهة الخرق الذي تعرّض له في الجبل بأربعة نواب برئاسة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، معتبراً أنّ هذا الأمر جعله يصعّد في مواقفه في مواجهة العهد، لأنّه يعتقد أنّ العهد يريد أن ينهيه.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ 59 في المئة من الدروز انتخبوا الحزب التقدمي الاشتراكي، في حين أنّ الآخرين كانوا مقسومين بين الوزير أرسلان، وآخرين بينهم رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، لافتاً إلى أنّ تحالفه مع تيار المستقبل والقوات اللبنانية أتى بهذه النتيجة.
ونفى أبو فاضل أن يكون التيار الوطني الحر يتعاطى بكيدية مع الحزب التقدمي الاشتراكي انطلاقاً من رفضه استئثار الأخير بالحصة الدرزية في الحكومة، موضحاً أنّه إذا لم يعد جنبلاط بيضة القبان فهذا لا يعني أنه لم يعد له قيمة.
تدخل سعودي لعدم تشكيل الحكومة
وأكد أبو فاضل أنّ رئيس الجمهورية لا يمكن أن يوقّع مرسوم تشكيل الحكومة إذا لم يكن مقتنعاً به، مشيراً إلى أنّ الرئيس هو الذي يصدر مرسوم الحكومة وهو ليس موظفاً لدى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ولا لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا حتى لدى وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ "العهد حريص على الحريري".
وذكّر أبو فاضل في سياق متصل، بأنّ هجوم جنبلاط على العهد ووضعه الشروط جاء بعد زيارته إلى المملكة العربية السعودية، ما يثبت أنّ هناك تدخلاً خارجياً، وبالتحديد من السعودية، لعدم تشكيل الحكومة. ولفت إلى أنّ تشكيل الحكومة ليس إلا تكوين للسلطة التنفيذية ورئيس الدولة هو من يكوّن السلطة التنفيذية، مذكّراً بأنّ رئيس الحكومة ضمن رئاسة الحكومة له طيلة العهد بموجب التسوية الرئاسية.
مبادرة جديدة لعون حكومياً
وكشف أبو فاضل رداً على سؤال، عن مبادرة جديدة يقوم بها رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المكلف والقوى السياسية، مشيراً إلى أنّ هذه المبادرة ستظهر ملامحها خلال 48 ساعة، وقال إنّه إذا كانت المشكلة داخلية تُحَلّ بالمبادرة، أما إذا رُفِضت المبادرة يتأكد عندها أنّ المشكلة خارجية.
ولفت أبو فاضل إلى وجود عقدة سنية أيضاً أمام تأليف الحكومة، ولكن رئيس الحكومة سعد الحريري يرفض الالتفات إليها ويتجاهلها بشكل كامل، مشدّداً على أنّ النواب السنة خارج عباءة تيار المستقبل لديهم وزنهم وحجمهم التمثيلي أيضاً الذي أفرزته الانتخابات النيابية، وبالتالي هم يستحقون أن يتمثلوا في الحكومة أسوة بالآخرين.
وعن فحوى المبادرة التي يقوم بها الرئيس عون، قال أبو فاضل إن هناك كلاماً جدياً مع اللبنانيين من أجل حلحلة موضوع الحكومة، وهناك مفاوضات جارية بين الرئيس عون وبين الحريري، لافتاً إلى أنّ المبادرة جدية، ولكنه لا يعرف مضمونها المحدّد.
رئيس الجمهورية شريك في السلطة
وشدّد أبو فاضل على أنّ رئيس الجمهورية هو شريك في السلطة بموجب اتفاق الطائف، مستغرباً محاولات البعض نزع الحصّة الوزارية من الرئيس، أو عدم إعطائه حقيبة سيادية، مذكّراً بأنّ الرئيس السابق ميشال سليمان مثلاً كان معه وزارتا الدفاع والداخلية.
وكشف أبو فاضل أن "هناك وساطة فرنسية مع السعودية بدأت من أجل قبول القوات بما هو مطروح عليها في التشكيلة الحكومية"، لافتا إلى أنه "عندما زار رئيس حزب القوات سمير جعجع الرئيس ميشال عون قال له انه يريد وزارة سيادية، فقال له وقتها الرئيس عون أن يتكلم مع الحريري في هذا الشأن".
وتساءل أبو فاضل "لماذا لا يطالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مثلاً بحقيبة الداخلية الممسوكة من حليفه تيار المستقبل، أو بحقيبة المالية التي تتولاها حركة أمل؟"
العلاقة بين الحريري والسعودية صفر
واعتبر أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ العلاقة بين الرئيس الحريري والسعودية صفر، مشيراً إلى أنّ هناك تودّداً من قبل الرئيس الحريري تجاه السعودية لكن السعودية لا تعيره أيّ اهتمام، وهي لا تريد الرئيس الحريري، مذكّراً بأنّ التسوية لم تتم مع الأمير محمد بن سلمان بل كانت مع الأمير محمد بن نايف، ولذلك فإنّ الأمير محمد بن سلمان يتصرف وكأنها لا تعنيه من قريب أو من بعيد.
ورأى أبو فاضل أن الرئيس الحريري يستنجد بالسعودية، مشيراً إلى أنه لا يمكن لرجل سعودي ولو كان في لبنان أن يترك السعودية إلى ما شاء الله، خصوصاً أنّ عائلته لا تزال تقطن في المملكة العربية السعودية، وهو يعتبر أنّه لا يستطيع الخروج من السعودية ويبذل المستحيل للتقرب من السعودية، ويبيعها المواقف تارة في ملف المحكمة الدولية وتارة أخرى في ملف العداوة مع النظام السوري.
مطار بيروت مرتع للفساد
وفي سياق آخر، اعتبر أبو فاضل أنّ مطار بيروت مرتع للفساد في لبنان مثله مثل المرفأ، مشدّداً على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن العطل الذي حصل أخيراً وأدى إلى ازدحام شديد وتأخير مواعيد الإقلاع والهبوط.
ولفت أبو فاضل رداً على سؤال، إلى أنّ المسؤولية في المطار هي مسؤولية وزير الأشغال يوسف فنيانوس وكذلك رئيس المطار والمديرية العامة للطيران المدني، وشدّد على ضرورة محاسبة شركة سيتا، مستغرباً خروجها عبر الإعلام، محذراً من وجود نيّة للفلفة القضية انطلاقاً من ذلك.
انتقام من الموظفين
وأشار أبو فاضل رداً على سؤال، إلى أنّ الوزير مروان حمادة بناء لطلب تيار المستقبل أعفى المسؤولة عن الامتحانات هيلدا خوري التي كان هو يشيد بها، فاعتبر التيار الوطني الحر أنّه تصرف كيدي قام به الحزب التقدمي الاشتراكي في المقابل، فجاء الردّ بإعفاء موظفين اشتراكيّين في وزارة البيئة وفي مؤسسة كهرباء لبنان.
ولفت أبو فاضل إلى أنه بنتيجة ذلك كان التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي خاسرين، ووحده تيار المستقبل لم يخسر، معتبراً أنّ الضابط الوحيد هو رئيس الحكومة. وشدّد على أنّ الوزير مروان حمادة لم يكن يفترض به من الأساس أن يعفي هيلدا خوري من موقعها، واضعاً ذلك في خانة الانتقام من الموظفين.
ما يحصل أكبر من المحكمة
من جهة ثانية، لفت أبو فاضل إلى أنّ حزب الله يتعامل مع المحكمة الدولية كأنها غير موجودة لأنه يعرف أنّها تستهدف ومن خلفه سوريا وربما إيران في وقت لاحق، وأشار إلى أنّ العملية طويلة، ولا يزال الوقت الفاصل عن صدور حكم المحكمة طويلاً، وغير صحيح أنّ الحكم سيصدر في وقت قريب وخلال شهر أو شهرين، مؤكداً أنّنا لا نزال في المرحلة الأولى ضمن سلسلة طويلة.
وشدّد أبو فاضل على أنّ ما يحصل في المنطقة أكبر من المحكمة ومن كلّ ما يمكن أن يصدر عنها، لافتاً إلى أنّ هناك أصلاً عقوبات أميركية ودولية على حزب الله، وأشار إلى أنّ موقف الحزب واضح وهو يعتبر أنّ المحكمة غير موجودة.
ولفت إلى أنّه شخصياً يعتبر المحكمة موجودة، لكنه تساءل عن مكان شهود الزور، ولماذا لا يتمّ أخذهم إلى المحكمة، وكشف حقيقة هذه القضية.