تُعطي الدبلوماسية الفلسطينية الهادئة، التي يقودها الرئيس محمود عباس، ثمارها بتحقيق المزيد من الإنجازات التراكمية في ظل الإنحياز الأميركي الكامل للكيان الإسرائيلي.
وجاءت زيارة الرئيس الفلسطيني إلى العاصمة الفرنسية، باريس، تلبية لدعوة رسمية من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعقد لقاء معه أمس (الجمعة) في قصر الإليزيه، قبل توجّهه إلى الأمم المتحدة، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة، وإلقاء خطاب يُتوقّع أنْ يكون بالغ الأهمية.
وقد وُصِفَتْ نتائج الاجتماع بالهامة والمثمرة، ليزيد من احتمال تحرّك فرنسا للقيام بدور لإقرار الحقوق الفلسطينية المشروعة، في ظل تزايد الضغوطات الأميركية ضد الفلسطينيين، وارتفاع وتيرة الممارسات التعسّفية الإسرائيلية بشكل غير مسبوق.
وأيضاً ارتفاع مستوى إمكانية اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية، في ظل ضرب المسؤولين الإسرائيليين عرض الحائط بكل الاتفاقات، وممارسة ما يقضي على إمكانية حل الدولتين.
وإثر اللقاء أكد الرئيس عباس في حديث للصحفيين، "نحن قلنا موقفنا بالنسبة للمفاوضات، التي لم نرفضها بالمناسبة، ويقول الإسرائيليون بأنّ الفلسطينيين يرفضون المفاوضات، أنا أتحداهم أنْ نكون دُعينا مرّة واحدة لمفاوضات سرية أو علنية في أكثر من دولة ورفضنا، بل كان الرفض دائماً من نتنياهو".
وقال: "إنّنا مستعدون أنْ نذهب إلى المفاوضات سرية أو علنية، ويكون الوسيط "الرباعية الدولية" ودول أخرى، ونحن نرحّب بأي دولة أوروبية أو عربية، مع أنّ العرب يرفضون أنْ يكونوا وسيطاً، ونشكرهم دائماً على مواقفهم معنا عبر التاريخ".
وتابع: "إنّ الرئيس إيمانويل ماكرون سيلتقي مع الرئيس ترامب، ويحدّثه بما تحدّثنا، إنّما نحن على ثقة من موقف فرنسا في أكثر من مناسبة، وفي أكثر من مكان، وشاهدت على التلفاز اجتماع مجلس الأمن، وماذا تكلّم مندوب فرنسا، وما قاله، نحن والفرنسيون نفتخر به".
وفي ردّه على سؤال حول إمكانية اعتراف فرنسا بدولة فلسطين، قال الرئيس الفلسطيني: "الفرنسيّون يهتمون بهذا الموضوع، ويدرسونه أكثر، ويعتقدون بأنّه من أهم المواضيع التي يجب أنْ تحوز اهتمامهم".
وأضاف: "الأوروبيون يعملون بجدية للتعويض عمّا قامت به أميركا، بخصوص "الأونروا"، (وبالمناسبة قالوا إنّ عدد اللاجئين 40 ألفاً، وطبعاً نحن لدينا 6.5 ملايين لاجئ)، إنّ أوروبا تحاول، وسمعت أنّ دول أوروبا ودول العالم تحدّثت عن هذا الموضوع بالذات، خاصة مندوب الكويت تحدّث بوضوح عن أهمية دعم وكالة الغوث".
وختم الرئيس عباس: "فرنسا من أهم الدول الأوروبية، وأعتقد بأنّها ستقود موقفاً أوروبياً لا نعرف متى، ولن نُصرَّ على أنْ نعرف متى، لكن الرئيس الفرنسي حريص على أنْ يكون هناك موقف أوروبي قادر على أنْ يلعب هذا الدور".
عن المبدعين الذين تقرأ لهم، من الشعراء بصورة عامة، وشعراء جيلها بصورة خاصة،
واستقبل الرئيس عباس، في مقر إقامته بالعاصمة الفرنسية، باريس، الأسيرة المحررة عهد التميمي وعائلتها.
وأكد الرئيس أن "المقاومة الشعبية السلمية، هي السلاح الأمثل لمواجهة غطرسة الإحتلال، وإظهار همجيته أمام العالم أجمع".
وتزور التميمي وعائلتها فرنسا منذ 10 أيام، حيث شملت زيارة عدد من المؤسسات والمنظمات والبلديات في فرنسا، وفي ختام جولتها زارت الرئيس عباس لتحيته، قبل أن تتابع بجولة في عدد من الدول الأوروبية والعربية بدعوة من المنظمات والمؤسسات الإنسانية، احتفاء بها كمناضلة وأيقونة نضالية فلسطينية.
إلى ذلك، وفي إطار التحرّكات الفلسطينية لحشد المزيد من الإعتراف بدولة فلسطين، أعلن وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني الدكتور رياض المالكي عن أنّ "هناك توجّهاً جدياً من قِبل إسبانيا لبحث الإعتراف بدولة فلسطين، وأنّ التصريحات التي صدرت عن وزير خارجية إسبانيا جوزيف بوريل، إنّما هي تصريحات مباركة ومشجّعة وتدعو إلى التفاؤل لقرب اتخاذ إسبانيا مثل هذا القرار بالإعتراف بدولة فلسطين، وهي ثمرة من ثمار زيارتنا لمدريد قبل أسبوعين".
وأوضح الوزير المالكي أنّه كان قد زار مدريد، والتقى نظيره الإسباني في 4 من هذا الشهر الجاري، حيث طرح عليه فكرة الإعتراف بدولة فلسطين، إما جماعة ضمن دول الاتحاد الأوروبي المعنية بهذا الاعتراف، أو فُرادَ ودون الحاجة لانتظار المزيد من الوقت، خاصة في حال تبيّن لإسبانيا طبيعة نوايا تلك الدول من موضوع الإعتراف.
في غضون ذلك، وعلى الرغم من إجراءات الإحتلال في مدينة القدس القديمة ومحيطها، وعلى بوابات المسجد الأقصى المبارك، إلا أنّ أكثر من 40 ألف فلسطيني من القدس والأراضي المحتلة منذ الـعام 1948، أصرّوا على أداء صلاة الجمعة داخل المسجد.
وحذّر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين في خطبة الجمعة بالأقصى، مَنْ أسماهم بـ"العقلاء في هذا العالم، إذ فيه مَنْ يسمع نداء العقل ونداء العقلاء، بأنّ المساس بالمسجد الأقصى المبارك، وبالمقدّسات وانتهاك حرماتها، سيقودنا حتماً إلى نتائج لا تُحمد عقباها.. حذار حذار من اللعب بالنار والمساس بالعقائد؛ فأصحاب العقائد لن يسكتوا ولن يرضخوا عن المساس بها".
وأضاف المفتي حسين: "نعلنها للجميع من على علياء هذا المنبر (منبر صلاح الدين) للجميع وللقاصي والداني، القريب والبعيد، والعدو والصديق أنّ المسجد الأقصى هو جزء من عقيدتنا، وعقيدة كل مسلم في هذا العالم، ولا نسمح بأي مساس لهذه العقيدة الكريمة التي نموت من أجلها".
ميدانياً، تواصلت فعاليات مسيرة العودة في الجمعة السادسة والعشرين من مسيرات العودة وكسر الحصار على الحدود الجنوبية لقطاع غزّة، بعنوان مسيرة "كسر الحصار".
واستشهد الشاب كريم محمد كلاب (25 عاماً) برصاص قنّاصة الإحتلال، فيما أُصيب 312 مواطناً بجراح مختلفة، بالرصاص الحي، الذي أطلقه جنود الإحتلال بكثافة مع قنابل الغاز.
وقد استطاع عشرات الشبان اجتياز السلك الفاصل في شرق غزّة وشرق مخيّم البريج وسط القطاع.
ودعت "الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار" إلى المشاركة في مسيرات الجمعة المقبلة بعنوان "جمعة انتفاضة الأقصى".
وشارك قائد حركة "حماس" في قطاع غزّة يحيى السنوار في مخيّم العودة - شرق غزّة، مؤكداً "استمرار مسيرات العودة حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بكسر الحصار وإنهاء معاناته، وهذا عمل نضالي مستمر ومتدحرج حتى يحقّق شعبنا أهدافه نحو العودة".
وقال: "من حق شعبنا في غزّة أنْ يعيش حياة كريمة من خلال رفع الحصار عنه، ومَنْ يراهن على تضحيات هذا الشعب سيكسب، ومَنْ يراهن على إضعافه فهو واهم، ومَنْ يراهن على أميركا والتنسيق الأمني هو خاسر، وشعبنا سيواصل إبداعاته حتى تحقيق كامل أهدافه".
وختم السنوار: "نثق ثقة كبيرة بشعبنا وقدراته لتحرير الأرض من المحتل، وسنصلّي في المسجد الأقصى".
إلى ذلك، تواصل في قرية الخان الأحمر - شرقي القدس، تنفيذ الإعتصام المفتوح، الذي يُقام داخل الخيمة بمشاركة أهالي البلدة وفلسطينيين ومتضامنين أجانب، رفضاً وتنديداً بقرار الإحتلال هدم مساكنها واقتلاع أهلها منها، وذلك في ظل استمرار قوات الإحتلال بتطويق القرية، وإقامة حواجز على الطرق الرئيسية، والتدقيق في هويات المتضامنين.
وأمس احتجزت قوّات الإحتلال 3 حافلات، تقل مواطنين ومتضامنين حضروا لدعم الأهالي هناك، ولم تسمح لهم بالمرور.
لكن، على الرغم من ذلك، أدّى العشرات صلاة الجمعة في خيمة الخان، وأُلقيت كلمات عدّة أكدت "رص الصفوف، والحفاظ على الوحدة الوطنية لمواجهة مخطّطات الإحتلال تجاه مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك".
ودعا المتحدّثون إلى "ضرورة مواصلة دعم وإسناد أهالي الخان الأحمر، واستمرار الحشد والمشاركة الشعبية في خيمة الاعتصام المُقامة هناك لمنع الهدم وإفشال مخطّطات الإحتلال".
بعد ذلك انطلق مئات المواطنين والمتضامنين الأجانب في مسيرة من الخيمة، باتجاه الشارع الرئيسي لقرية الخان الأحمر، الواصل بين مدينتي أريحا والقدس المحتلة.
ورفع المشاركون العلم الفلسطيني، مردّدين هتافات مندِّدة بسياسات وجرائم الإحتلال وإجراءاته بحق أبناء الشعب الفلسطيني، والتي تأتي بدعم وضوء أخضر من الإدارة الأميركية.