لا تتوقف التحذيرات، التي تصدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، من التواصل مع أشخاص مجهولين عبر مواقع التواصل الإجتماعي، في ظل ارتفاع عدد الشكاوى المقدّمة من مواطنين حول تعرضهم للإبتزاز من قبل مجهولين، يقومون بإضافتهم كأصدقاء على أحد مواقع التواصل أو عبر تطبيقات الهواتف، يعملون على تصويرهم في أوضاع محرجة، ليعمدوا لاحقاً إلى ابتزازهم بمبالغ ماليّة، بعد تهديدهم بنشر الصور أو الفيديوهات.
على الرغم من ذلك، جرائم الإبتزاز الجنسي بإرتفاع مستمرّ في لبنان، حيث يؤكد مصدر أمني مطلع على هذا الملف، عبر "النشرة"، أن هناك إرتفاعاً كبيراً على مستوى جرائم المعلوماتية في العالم بشكل عام، وعلى مستوى جرائم الإبتزاز الجنسي بشكل خاص، لافتاً إلى أن هذا الأمر ينطبق أيضاً على لبنان، حيث يقع ضحايا جرّاء هذه الأعمال بشكل شبه يومي.
في هذا السياق، يكشف أحد الضحايا، عبر "النشرة"، أنه كان في وارد التجاوب مع طلبات أحد "المبتزين"، قبل أن يقرّر التواصل مع أحد الأصدقاء لمساعدته، فنصحه بإغلاق حسابه عدة أيام وعدم الرد على الرسائل التي تصله.
ويشير إلى أن الشخص الذي كان يتواصل معه أوهمه بأنه فتاة تريد ممارسة الجنس معه عبر "الكاميرا"، قبل أن يعود إلى مطالبته بإرسال مبلغ 4000$ خلال ساعات، كي لا ينشر شريط فيديو تم تسجيله له بوضع غير لائق، لافتاً إلى أن حجم الضغط النفسي الذي وضعه فيه "المبتز" كبير جداً، خصوصاً أنه كان قد حدد له مهلة زمنية قصيرة لإرسال المال، وهدّده بإرسال الفيديو إلى لائحة كبيرة من أصدقائه، موضحاً أنه بعد عدّة أيّام لم يعد يصله أي تهديدات، لا سيما أنه كان قد أقدم على حظر الحساب الذي يتحدّث معه، ولم يعد يقبل طلبات صداقة جديدة من أشخاص مجهولين.
في هذا الإطار، يوضح مصدر أمني لـ"النشرة" أن حالات الإيقاع بالضحايا تتم بصورة أسرع بالنسبة إلى الشباب، عبر التواصل معهم من قبل حساب يدّعي أنه امرأة، ثم يتم الطلب منهم إرسال صور غير لائقة، بينما بالنسبة إلى النساء فإن الأمر يأخذ بعض الوقت، حيث يتم الإحتيال عليهن عبر إقامة علاقات عاطفيّة، لتبدأ بعد ذلك عمليّة الإبتزاز نتيجة الحوارات أو الصور التي تكون قد أرسلت.
ويشرح المصدر نفسه أن الموضوع لا يقتصر على البالغين بل يشمل أيضاً القاصرين، الذين يتم إستدراجهم من أجل الحصول على صور معينة، في بعض الأحيان تكون عادية، أو إرسال عبارات غير لائقة، ليتم بعد ذلك تهديدهم بنشرها، كاشفاً أن طلبات الشخص "المبتز"، في معظم الحالات، هي الحصول على مبالغ ماليّة أو إقامة علاقة جنسيّة، مشيراً إلى أن "المبتزّ" قد يكون في لبنان أو خارجه، لكن في أغلب الأحيان هو في الخارج، وهو أيضاً قد يكون فردا أو عصابة.
من جانبه، يؤكد الخبير في وسائل التواصل الإجتماعي أمين أبو يحيى، في حديث لـ"النشرة"، أن ما يحصل في كواليس مواقع التواصل أخطر بكثير مما يُنشر على الصفحات، معرباً عن أسفه لأن الكثيرين يقعون ضحايا هذا النوع من الجرائم.
ويشدد أبو يحيى على أنّ المسؤولية تقع على عاتق الأفراد لا مواقع التواصل، نظراً إلى أنّ المشكلة هي في الإستخدام الخاطىء لها، لكنه يؤكد أن الأخطر هو حالات التحرّش بالأطفال، الذين لا يملكون الوعي الكافي للتعامل مع هذه الحالات، ما يفرض على الأهل متابعة هذا الموضوع، ودعا لأن تكون كلمة مرور حسابات أولادهم بحوزتهم، لأنه لا أحد يعرف من يتواصل مع الأبناء عبر الرسائل الخاصة، مشيراً إلى أنه في بعض الحالات يتم الإغراء بأمور بسيطة، كالهدايا أو الدعوات إلى تناول الطعام أو "الآيس كريم".
وفي حين يشدّد أبو يحيى على أنه منذ البداية لا يجب فتح "الكاميرا" لدى التواصل مع أي شخص مجهول، يوضح أنه إذا كان "المبتزّ" في الخارج لا تستطيع الأجهزة الأمنيّة القيام بأيّ أمر، بينما بحال كان داخل الأراضي اللبنانية يمكن توقيفه، لكنه يدعو، عند حصول مشكلة، إلى عدم إظهار الخوف، لأن هذا الأمر سيكون مصدر قوة للجهة "المبتزّة"، ويضيف: "هؤلاء لا يهمّهم نشر الفضائح بل الحصول على الأموال"، ويؤكّد أنّ المطلوب، أولاً وأخيراً، التعامل بوعي مع مواقع التواصل.
بدوره، يؤكد المصدر الأمني أن الأساس هو تقديم شكوى إلى الأجهزة المعنيّة، لتوقيف الأشخاص، لا سيما أنها قادرة على ذلك في حال تواجدهم في لبنان، بينما في الحالات الأخرى قادرة على تقديم المساعدة، داعياً إلى عدم التردّد في هذا الأمر.
في هذا الإطار، حصلت "النشرة" على أرقام شبه رسميّة لعدد الشكاوى التي تقدم بها مواطنون أو مقيمون في لبنان في العامين 2016 و2017، تظهر إرتفاعاً ينبغي التوقّف عنده، حيث بلغت في الأول 172 بينما في الثاني 236، إلا أن المصدر الأمني يوضح أن أعداد حالات الإبتزاز أكبر، نظراً إلى أن الكثيرين يتردّدون في تقديم شكوى خوفاً من "الفضيحة".
أما بالنسبة إلى العام الجاري، تؤكد مصادر "النشرة" أن الأعداد في إرتفاع أيضاً، والدليل هو أنه خلال التواصل مع المصدر الأمني تم التبليغ بشكل مباشر عن حالتين جديدتين.