أغلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأبواب في وجه حلٍّ عادلٍ للقضية الفلسطينية، معلناً في كلمته التي ألقاها خلال أعمال الدورة الـ73 للأمم المتحدة في نيويورك، أمس، انحيازه التام للكيان الإسرائيلي، والنكث بالاتفاقات والمواثيق والأعراف الدولية، بل تهديد مَنْ يحاول التعرّض للكيان الغاصب.
وفيما تابع العالم كلمة الرئيس الأميركي، فإنّ هناك كلمة فصل، تشخص إليها الأنظار، بمَنْ فيهم الإدارة الأميركية، سيُلقيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء غدٍ (الخميس) من على المنبر ذاته، بما يمثّل مفترق طرق، يتضمّن رؤية استراتيجية وطنية شاملة تتجاوز فلسطين، بمساحتها الجغرافية إلى العالم، وتؤكد على الثوابت، بأنّه من دون القدس لن يكون هناك حل، ومن دون حل للقضية الفلسطينية لن يكون هناك سلام في المنطقة والعالم.
وتحصيناً للموقف الفلسطيني، بالتشاور مع الدول الصديقة والحليفة، دعت فلسطين إلى اجتماع تشاوري دولي يُعقد اليوم (الأربعاء) في نيويورك، بهدف بحث سُبُل الدفاع المشترك عن مبادئ قواعد القانون الدولي ومرجعياته المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وحماية حل الدولتين والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية.
وتأكيداً على تمسّك اللاجئين الفلسطينيين بحق العودة، ورفض إلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التي تثبت أنّ الفلسطيني لاجئ مُسجّل في سجلات الأمم المتحدة، منذ أكثر من 70 عاماً، جرت طباعة إسم الرئيس محمود رضا عباس، على أكبر بطاقة تموين للاجئ فلسطيني، كونه لاجئ فلسطيني من مدينة صفد، التي هُجِّرَ منها وعائلته في نكبة العام 1948، ومتمسّك بحقوقه الوطنية، وعلى رأسها حق العودة إلى القرى الأصلية التي هُجِّروا منها.
ويبلغ طول البطاقة 9 أمتار، وعرضها 4 أمتار، حيث سيُعمل على أنْ تدخل موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، لتكون شاهدة على تمسّك الشعب الفلسطيني بحق العودة.
وستُعلّق هذه البطاقة أمام مقر الرئيس عباس في محافظة بيت لحم، خلال فعالية خطابية، ستنظّمها جميع فصائل العمل الوطني، ومؤسّسات ولجان اللاجئين بالمحافظة، الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم (الأربعاء) أمام مقر الرئاسة، بعدما تنطلق الفعاليات ظهراً بمسيرة من باب الزقاق، تعبيراً عن رفضهم للسياسة الأميركية.
وفي أوّل تعليق فلسطيني على كلمة الرئيس الأميركي، وصفها الناطق الرسمي بإسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بأنّها "تعمّق الخلافات وتُبعِد فرص تحقيق السلام".
وأوضح أنّ "شعبنا الفلسطيني سيبقى صامداً على أرضه، ومتمسّكاً بها، وسيسقط بصموده كافة المؤامرات، ومن أي جهة جاءت"، مؤكداً أنّ "لا شرعية لأي صفقات، أو قرارات، أو إجراءات يرفضها شعبنا وقيادته الوطنية الشرعية، ودون الإلتزام بالشرعية الدولية والعربية".
وشدّد أبو ردينة على أنّ "الشرعية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، ستواصل رفضها للصفقات المشبوهة، وصمودها، وتمسّكها بالثوابت الوطنية مهما بلغت الضغوط، والتضحيات، وشعبنا بإرادته الوطنية الحية وصموده هو مَنْ سيحقّق النصر في نهاية الأمر".
إلى ذلك، أعلنت وزارة الإعلام الفلسطينية، عن توحيد أثير 40 محطة إذاعية محلية، مع الأستوديو الرئيس لـ"صوت فلسطين"، دعماً ومساندة لخطاب الرئيس عباس، حيث سيكون البث اليوم (الأربعاء) من الساعة 12:00–13:00، وستنقل المحطات الإذاعية بثها عن الاستوديو الرئيس لـ"صوت فلسطين" عبر "قناة فلسطين مباشر"، وموقع "صوت فلسطين" عبر الإنترنت، وقناة "صوت فلسطين" عبر الأقمار الصناعية".
ودعت "كافة وسائل الإعلام المحلية بكل أطيافها، ومؤسّساتنا الوطنية، وأبناء شعبنا في كل أماكن تواجدهم، لدعم خطاب الرئيس، والمساهمة في إسقاط ما يُحدِق بمشروعنا الوطني من خطر التفتيت والتذويب".
وصعّدت قوات الإحتلال الإسرائيلي مساء أمس، الوضع الأمني باتجاه قطاع غزّة، حيث أصيب عدد من المواطنين بالرصاص الحي الذي أطلقته، في مخيّم العودة بقرية خزاعة شرق خانيونس - جنوب قطاع غزّة، كما قرب مخيّم العودة بجباليا - شمال قطاع غزّة.
وأقدمت طائرة استطلاع لقوّات الإحتلال على قصف مخيّم العودة شرق ملكة - جنوب شرق غزة.
وانطلق المئات من الشبان الفلسطينيين إلى شرقي خانيونس، حيث قاموا بإشعال الإطارات المطاطية والألعاب النارية وأضواء الليزر، قبل أنْ تُطلِق قوّات الإحتلال النار ناحيتهم.
وبذلك باتت التظاهرات على حدود قطاع غزّة في الليل والنهار، بعد ابتداع وحدة "الإرباك الليلي"، وهم شباب يتظاهرون في الليل على الحدود يشغلون الليزر ويشعلون الإطارات ويطلقون أصوات الأبواق.
في غضون ذلك، شُيّع جثمان الشهيد محمد فايز الصادق (21 عاماً)، في مخيّم الشاطئ بقطاع غزّة، بعدما اغتالته قوّات الإحتلال الإسرائيلي برصاصة مُتفجّرة، استقرّت برأسه خلال مشاركته أمس الأوّل (الإثنين) في المسير البحري لكسر الحصار عن غزّة - شمال غرب بيت لاهيا، حيث كانت إصابته بليغة، ومن ثُم أُعلن عن استشهاده مساءً، ليكون أوّل شهداء الحراك البحري.
وشارك آلاف الفلسطينيين في وداع الشهيد بعد إلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه في منزله بمخيّم الشاطئ -غرب غزّة، قبل أنْ يحملوه ويطوفوا في شوارع غزّة، رافعين الأعلام الفلسطينية، وهم يهتفون بشعارات تدعو إلى استمرار مسيرات العودة.
وكان محمد يمنّي النفس بالشهادة منذ سنتين، وقبل توجّهه للمشاركة في المسير البحري قال لوالدته: "أنا شهيد يُمّا، هيّئي البيت لاستقبالي.. محمد حنون مؤدّب والكل بحبّه"، هذا ما قالته والدته بكلمات بالكاد تخرج من فمها، بصوتٍ تملؤه الحسرة، والدموع.
وأضافت: "جلس قربي وقبّلني، وطلب منّي الدعاء له والاستعداد لاستشهاده، فاعتقدتُ بأنّه سيعود كما كل مرّة، فهو كان يشارك في مسيرات العودة كل أسبوع".
وقالت عن لحظة تلقّيها الخبر: "عند صلاة المغرب تلقيتُ خبر محمد، صليتُ لربّنا، ودعوتُ أنْ يُجيرني في مُصيبتي ويُخلفني خيراً منها".
وكان شقيق محمد قد أُسِرَ على أيدي قوّات الإحتلال خلال مشاركته في مسيرات العودة في شهر أيار الماضي، ما منحها لقب "أم الشهيد والأسير معاً".