بعد تأجيل "قسري" اعلنه المجلس المركزي في أيار من العام الماضي بسبب الإنتخابات النيابية الأخيرة، وما تلاها من استحقاقات "وطنية" و"دينية"، يُعقد مؤتمر حركة أمل الـ14 نهاية الاسبوع الجاري تحت إسم "عقيدة وثبات"، الإسم نفسه الذي أُطلق على ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، ومراسم عاشوراء، تأكيدا على البنيّة العقائدية ورؤية حركة امل في الفترة الحالية والمقبلة، في مكان لم يُحدد بعد لأسباب أمنية، وبجدول أعمال حافل يُتوقع ان ينتج عنه تغيرات واسعة، لا على صعيد الأشخاص، بل على صعيد منهجية العمل والمتابعة.
يُعقد المؤتمر بشكل دوري كل 3 سنوات، ويتم تأجيله أو تقريبه حسب الظروف، ويحضره كوادر الحركة من الفئات الأولى والثانية والثالثة، وفق نظام الفئات في الحركة، ويهدف لثلاثة أمور أساسية، تقييم العمل الحركي وإقرار التعديلات التنظيمية لتفعيل عمل الهيئات والأقاليم والمكاتب بما يتلاءم مع المستجدات التنظيميّة، انتخاب هيئة الرئاسة المؤلفة من 7 أعضاء هم الرئيس ونائبه، رئيس المكتب السياسي، رئيس الهيئة التنفيذية، مقرر، وعضوان، واقرار الوثيقة السياسية التي ترسم خريطة طريق الحركة في السنوات الثلاث التي تلي المؤتمر.
لم يُنظر لمؤتمر حركة امل بعين واحدة سابقا ولن يُنظر له هكذا اليوم، ومع تعدد العيون تتعدد الرؤى، فهذا التنظيم الذي وصل عمره الى 44 عاما، يشكل أرضا خصبة للاستهداف، عن حسن او سوء نية، من المحيطين فيه والبعيدين عنه، فكانت ان نُظمت المقالات "المشبوهة" عنه بعد الانتخابات النيابيّة الاخيرة وما أفرزته من نتائج، متحدثة عن "حرب نفوذ" فيه تحتّم ضرورة تغيير الوجوه في المراكز القيادية، حتى بات قسم من جمهور الحركة مقتنعا بأن بقاء التنظيم حيّا يعتمد على تغيير المسؤولين عنه، من اعلى الهرم لأسفله، الأمر الذي قد يسبب له احباطا بعد انتهاء المؤتمر ووصول التغيير لعدد محدود من الأشخاص، حتى ولو شهد المؤتمر تطويرا ضخما في طريقة العمل، وهذا ما يهدف اليه كثيرون، ضرب البنية الشعبية للحركة، خصوصا بعد مناسبتين شعبيتين أكدت فيهما أمل أنها الرقم الصعب في الشارع اللبناني.
ما يزيد عن 600 عضو سيحضرون المؤتمر، وهذا الرقم سيكون الاعلى في كل مؤتمرات الحركة السابقة، وسيتم البحث بداية في ما تقدّمه لجنته المصغرة التي أعدّت خلاصات الاستحقاقات والسنوات السابقة، وجمعت اقتراحات ودراسات مختلف الهيئات والمكاتب الحركية، ونظمتها لعرضها على المؤتمرين لبحثها واقرارها، ولعل من أبرز الاقتراحات دون الدخول في التفاصيل، إعادة الاولوية للشُعب في القرى، وربط عناصر التنظيم فيها، على اعتبار أن الشعبة القويّة في البلدات ترفد التنظيم بما يحتاجه في المناطق والاقاليم، وبالتالي من المتوقع ان يعود "البريق المفقود" للشُعب الحركيّة.
كذلك من المتوقع ان يتم تفعيل "الرقابة" و"المتابعة" للأداء الحركي التنظيمي والسياسي والديني، كون العمل السليم لن ينجح ما دامت الرقابة منقوصة والمتابعة مفقودة، لا من باب التخويف والتهديد بل من باب الحثّ والتشجيع. ومن التغييرات المعروضة للدرس والتصويت، دمج مكاتب، وتحديدا تلك التي تُعنى بمهام متداخلة، وإيجاد دوائر جديدة تُواكب التطور الذي يطرأ على مختلف قطاعات العمل الحزبي، وغيرها من الشؤون الداخليّة التي من شأنها تفعيل العمل الحركي.
اما بالنسبة لانتخابات هيئة الرئاسة، فالتغيير غير محسوم بأي مركز، ولو كثُرت الأقاويل والمرشّحين المحتملين لكل مركز، ولكن ما يجب معرفته هو انّ النظام الداخلي للحركة ينص على تقدّم من يرغب من حاملي الفئة الاولى للترشّح الى مناصب هيئة الرئاسة داخل جلسة المؤتمر وليس قبلها عبر رفع الأيدي، ومن يرسب بأحد المراكز التي ترشح لها لا يحق له الترشح لمركز آخر.
تعتبر الهيئة التنفيذية "حكومة امل"، ومنها تتفرع المكاتب الحركيّة، وقد يكون مركز رئيس الهيئة الذي يشغله اليوم النائب محمد نصر الله، أحد أبرز المواقع المتوقّع ان تشهد تغييرا بعد وصول نصرالله للندوة البرلمانية، مع العلم أن اكثر من موقع مهم سيحمل تغييرات إما من اجل التغيير أو بسبب انشغال رئيسه الحالي في مهمات اخرى، ولا شكّ أن موقع رئاسة الهيئة التنفيذية مغريا وعليه، فالمنافسة "مشروعة"، اذ أن المنافسة مطلوبة داخل التنظيم لتقديم الأفضل، على عكس ما يكتبه بعض "بائعي الاخبار" عن معارك وحروب بين المسؤولين، لو صدقوا ووُجدت، لكانت "امل" لم تبلغ "الحلم".
أخيرا، بالنسبة للوثيقة السياسية، فهي لن تختلف عن سابقاتها كثيرا لناحية دعم الحركة للقضية الام، القضية الفلسطينية ورفض التوطين، واستكمال انجازات الحركة على خط القوى الفلسطينية، تمسك الحركة بلبنانيتها وبعدها القومي والعربي، اهمية الحفاظ على لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، التمسك بأهمية الحوار لانتاج حلول وطنية، وغيرها من سياسات التصقت بالحركة على مرّ السنوات الماضية.
من استمع لرئيس حركة امل نبيه بري في حفل جمعية كشافة الرسالة الاسلامية، يعلم بأنه يحمل في جعبته كلاما قاسيا سيُوَجَّه للمؤتمرين، فهل نشهد المفاجآت في هذا المؤتمر؟.