اعتبر رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة خلال حفل تكريمي أقامه رئيس المركز الإسلامي في عائشة بكار علي نور الدين عساف على شرف سفير الإمارات في لبنان حمد الشامسي ان "من طريف ما سمعت من احدهم في إحدى المرات انه وصف لبنان واللبنانيين بطابة في لعبة السكواش اعني بها الطابة التي تضرب على الحائط، وان الطابة كلما دفعتها بقوة اكبر كلما ارتدت اليك بقوة اكبر، وهي حال تصف لبنان واللبنانيين بقدرتهم الحيوية على التكيف والتعامل مع المتغيرات بكفاءة عالية، وهي صفة اعتقد انه من المهم المحافظة عليها ونحن الان نمر بظروف شديدة الصعوبة وتقتضي منا اعتماد مقاربات ومعالجات مختلفة عن تلك التي تعودنا عليها، لكن بداية علينا ان نحرص على ان لا تنكسر إرادتنا وان نسعى دائما الى استيلاد الآمال والفرص الجديدة من رحم المشكلات ونحن قادرون على ذلك. فمن الطبيعي اننا اذا احكمنا رمي الطابة بشكل صحيح فإنها سترتد بذات العزيمة والدقة وهذا الكلام موجه الى سعادة السفير الشامسي واعتقد ان الرسالة قد وصلت وأتمنى الوصول الى النتيجة المرجوة في الحاجة إلى وقوف دولة الإمارات العربية إلى جانب لبنان واللبنانيين".
ولفت إلى أن "الأمر الآخر الذي يهمني التركيز عليه في هذه المرحلة التي نمر بها انه من الأهمية بمكان عدم الوقوع بخطأ التفاسير التي تعطى والتي من شأنها تشويش أفكارنا وتجعلنا نتأثر بالشائعات والأخطاء التي يراد منها تشويه صورة لبنان والعيش المشترك فيه، وتشويه اتفاق الطائف الذي انهى الحرب ووضع لبنان واللبنانيين على الطريق الصحيح حتى يستمر بلدهم قائما على تلك الفكرة السامية للعيش المشترك، وكي يتمكنوا بالتالي من القيام بالكثير من الإنجازات وليكن لبنان بالتالي أنموذجاً لكل الدول التي تحفل بفضيلة التنوع والتعدد. وهذا التنوع موجود في الكثير من الدول ولاسيما في المنطقة العربية".
وأشار إلى أنه "يدور الكلام في هذه الآونة حول تأليف الحكومة وكيف أنه لكل أربع أو خمس نواب يحق له بوزير في الحكومة وفي الحقيقة هو تشويه للطائف وللدستور. والحقيقة ان الدستور نص على وجود استشارات ملزمة لرئيس الجمهورية من أجل تكليف من يتولى تأليف الحكومة. ولكن الدستور عندما أتى على الاستشارات التي يقوم بها رئيس الوزراء المكلف مع المجلس النيابي لم يذكر مطلقاً أنها استشارات ملزمة وبالتالي قال الدستور عملياً أن على الرئيس المكلف أن يستمع ويقيم الآراء والأجواء وبعدها يرجع إليه الأمر، أعني بذلك رئيس مجلس الوزراء، المكلف في تحمل المسؤولية من أجل تأمين امر أساسي وهو حكومة متضامنة منسجمة قادرة على العمل مع بعضها بعضاً لتحمل مسؤولية حلّ الهموم والمشكلات الكبرى التي تقع على عاتق الحكومة. وبالتالي فإنّ هذا لا يعني انه على رئيس الحكومة المكلف أن يؤلف الحكومة فقط من أعضاء المجلس لأنه لو حصل ذلك لتعطلت فكرة العمل الديمقراطي والمحاسبة التي ينبغي على المجلس النيابي أن يقوم بها، فالمجلس هو الذي يتولى مسؤولية مراقبة ومحاسبة الحكومة إلى جانب مسؤوليته في التمثيل والتشريع. فإذا كان المجلس كلّه موجود بالحكومة، فعندها لا تستقيم عملية المراقبة والمحاسبة، هذا لا يعني عدم وجود نواب في مجلس الوزراء بل اعني أن لا تكون كل الوزارة مؤلفة من النواب حصراً. وهذا يعني بالتالي أنّ الرئيس المكلّف ليس ملزماً بطبيعة الحال ان يعطى لكل كتلة تلك الأرقام والأعداد لان الهدف الأساسي التي تطلبها الكتل، ذلك انّ همه الأساس أن تستطيع الحكومة العمل بشكل منسجم لكي تتمكن من مواجهة المشكلات بكفاءة وفعالية. ولذلك أيضاً لم يلزم الدستور رئيس الحكومة المكلف بوقت محدد للتكليف حتى لا يقع تحت ابتزاز اي أحد، وبالتالي يكون قراره في تأليف الحكومة نابعاً من تقديره للمصلحة العامة".
وأضاف السنيورة: "أما بشأن الحكومة التي نحن بصددها الآن، فإنه وحسب تقديري الشخصي، فإننا قاربنا النقطة التي نحتاج فيها الى حكومة إنقاذ، وانا أرى ان حكومة الإنقاذ يجب ان تكون حكومة أقطاب وكلما كان عدد أعضاء الحكومة العتيدة الآن أصغر كلما كان ذلك أفضل حيث يتقلص الكلام غير المجدي وحتى لا تستغرق جلسات مجلس الوزراء الساعات الطوال ولا تكون بعدها إمكانية لأن تتحقق النتيجة المرجوة ذاتها، أنا أفضل وتقديري الشخصي ان تكون حكومة من الأقطاب عددها صغير كي تتمكن من التحلي بقوة القرار وبالتالي الاستعداد لتحمل المسؤولية، أقول هذا لأننا وبرأيي نحن قادمون على مرحلة تتطلب قرارات شجاعة وأساسية والتي افتقدناها على مدى سنوات عديدة حيث غابت تلك القرارات المطلوبة للتوصل الى الإصلاحات التي نحن بحاجة اليها. الآن ان اجتمعت الأقطاب في الحكومة العتيدة لا شك انهم سيتمكنون من اتخاذ القرارات اللازمة وتحمل المسؤوليات الكبرى المطلوبة".
وتابع: "إنّ حكومات على النسق الذي شهدناه خلال السنوات الماضية لا تحل المشكلات الموجودة، حيث أنّ المشكلات الآن كبيرة جداً، ولكن أقول وبكل وضوح وصراحة نحن قادرون على التغلب على تلك المشكلات ولكن الأمر يقتضي أن يكون هنالك استعدادا لاتخاذ القرارات الصعبة التي يجب ان نأخذها. وانا اعتقد ان من جميل الأمور التي نشهدها الان هو هذه الوقفة الى جانب دولة الرئيس سعد الحريري وهذا امر يجب ان نحافظ عليه الآن لنكون الى جانبه ولنعزز صموده ونعزز موقفه ولنذهب سوياً معه إلى الطريق التي ينبغي ان نسلكها وهي الطريق الوطنية والطريق التي تخرج لبنان في النهاية من المأزق الذي دُفِعَ اليه نحو هذه المآزق التي نعاني منها الآن. لقد بتنا نرى تصرفا طائفيا ومذهبيا مقيتا لا يخلِّصْ لبنان من مشكلاته وبالتالي نحن نستطيع بصمودنا وصمود الرئيس الحريري على المبادئ الأساسية، نستطيع أن نذهب مع الرئيس سعد الحريري إلى الطريق الموصل إلى الحلول الصحيحة، وحيث أن يكون لدينا فعليا حكومة وطنية بالمعنى الحقيقي قادرة أن تنتشل البلد من هذه الأمراض الطائفية والمذهبية والمصلحية المقيتة والتي اضطررنا معها خلال هذه الفترة التي نعيشها إلى أن نسمع طفت فيها قصص كثيرة بشأن الرئيس القوي".
وأكد أن "قوة رئيس الجمهورية تأتي أساساً من طريق احترام الدستور ومن كونه يمثل الحكم بين جميع القوى السياسية في البلاد، القادر على احتضان الجميع لما فيه مصلحة لبنان، فقوة رئيس الجمهورية واسمحوا لي هنا ان استعير عبارة تستخدم في عالم المال. فالورقة النقدية قيمتها الفعلية تأتي من كونها مقبولة لأنها مقبولة، وكذلك فإنّ رئيس الجمهورية مقبول ويستطيع ان يلعب دوره المحوري والأساسي، ليس لأنه قوي في طائفته، ولكنه أيضاً له وجود قوي بالطوائف الأخرى، بكونه الحكم والذي يحافظ على الدستور، وهذا يجعله بان يكون القادر على ان يكون الجامع والحكم والقادر على احتضان كافة الفئات السياسية في البلاد. وهو عندما يتصرف كرئيس جمهورية وليس كفريق او زعيم حزب وما شاكل فلا يظننن احد أنّ بإمكان أي من السياسيين يمكن أن يعانده ويرفض التجاوب مع تمنيات الرئيس".
ولفت إلى أن "رئيس الجمهورية عندما يلعب هذا الدور المفترض به كما يقول الدستور، أي أن يكون هو فوق كل السلطات والقادر على جمع كل اللبنانيين. فهذه المرحلة باعتقادي هي التي يجب ان نصل اليها وكلما تمكنا من ان يكون موقفنا صامداً إلى جانب الرئيس سعد الحريري وهو صامد أيضاً على هذه المبادئ نكون وقتها قادرين أن نصوب البوصلة ونخرج البلد من المآزق التي وصلنا اليها"، مشيراً إلى "أنني اقترح أن تكون هناك حكومة أقطاب مصّغرة لكي نخرج من الأزمة التي وصلت إليها البلاد".