لفت رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى أنّ "مشاركته في أعمال الدورة الـ73 للأمم المتحدة، كانت بهدف إلقاء كلمة تنقل الواقع اللبناني والأفكار اللبنانية، ورؤيتنا لمواقف اتّخذتها دول كبرى إلّا أنّها تعود علينا بالأذى، على غرار القضية الفلسطينية وتداعياتها والقضية اللبنانية"، مشيرًا إلى "أنّني أعطيت أيضًا تصوّرًا لإنشاء "أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار"، بعد أن طرحت مبادرة جعل لبنان مركزًا دوليًّا لحوار الأديان والثقافات والأعراق السنة الماضية، وقدّمت هذه السنة تفصيلًا لها".
ونوّه خلال دردشة مع الصحافيين، على متن الطائرة الّتي أقلّته من نيويورك إلى بيروت، إلى "أنّني رغبت أن أقدّم شخصيًّا رؤيتنا في المحيط الّذي نعيش فيه، فهناك قضية عربية لن نتنازل عنها حتّى لو تنازل عنها غيرنا وهي قضية فلسطين، وهناك قضية النازحين السوريين، وواقع الأمم المتحدة الّذي تحدثت عنه الرئيسة الحالية للجمعية العامة، وتتناول تحويل المنظمة الدولية إلى مؤسسة تحظى بثقة العالم للمساعدة على حل المشاكل"، مبيّنًا "أنّني حاولت مخاطبة الضمير العالمي وحثّه على التحرّك، لأنّنا بتنا نعيش في مجتمع عالمي مفترس، ولا يجوز للإنسان أن يفرغ نفسه من القيم".
وحول الحملة الّتي تستهدفه، أكّد الرئيس عون أنّها "حملة شخصية ولكنّها كاذبة، ولذلك فهو لا يتأثّر بها"، موضحًا أنّ "هناك من لديه شغف بالشائعات الّتي يحبّها الإنسان ويفضّلها على الحقيقة، رغم أنّ الحقيقة جميلة جدًّا، ولكن الإنسان يملّ منها لأنّها لا تحتمل إلّا وجهًا واحدًا، بينما للشائعة وجوه عدّة تتغيّر، فيفضّلها حتّى ولو كانت بشعة. مع الأسف إنّ هذه العادة وصلت إلى أناس كان من المتوقّع منهم استنهاض الهمم عند وقوع الأزمات".
وعن الإبقاء على ربط الحل السياسي في سوريا بعودة النازحين، شدّد على "وجود إصرار للإبقاء على الموقف الدولي المؤيّد لهذا الربط، خصوصًا وأنّ هناك خلفية معيّنة متعلّقة بالأوجه الكثيرة للسياسة"، لافتًا إلى "أنّنا أعطينا أمثلة على تأخّر الإتفاق على حلول السياسية لأزمات كبيرة، ومنها القضية القبرصية الّتي قسّمت الجزيرة بين الأتراك واليونانيين ولا يزال الحل السياسي متعذّرًا. وهناك أيضًا القضية الفلسطينية الّتي لا يزال اللاجئون ينتظرون 70 سنة من أجل التوصّل إلى حل ّسياسي، فيما الأمور تزداد سوءًا، وقد نشهد بين ليلة وضحاها غياب الوطن بالنسبة إلى الفلسطينيين، بينما أوقفت الولايات المتحدة الأميركية تمويل وكالة "الأونروا" لاغاثة اللاجئين، رغم أنّ أسباب وجود هذه الوكالة لم تنتف بعد".
وفي موضوع الحكومة، رأى رئيس الجمهورية أنّ "هناك نوعين من الحكومات، حكومة اتحاد وطني ائتلافية أو حكومة اكثرية، وإذا لم نتمكّن من تأليف حكومة ائتلافية، فلتؤلّف عندها حكومة أكثرية وفقًا للقواعد المعمول بها، ومن لا يريد المشاركة فليخرج منها".
أمّا عمّا إذا كان هذا الخيار متاحًا ويسهل تمريره في مجلس النواب، ركّز على أنّ "الأمور لا تبدأ على هذا النحو، فمن يريد تأليف حكومة يستطيع تأليفها وفقًا لقناعاته والمقاييس والمعايير المتماثلة لقانون النسبية. وإذا استمرّ البعض في الرفض تارةً والقبول طورًا، فلتؤلّف وفقًا للقناعات، وإذا شاءت جهات عدم المشاركة، فلتخرج منها"، مشيرًا إلى "أنّني رئيس للجمهورية ولا يمكنني الخروج من الحكومة، لكن قد تخرج الأحزاب الّتي تؤيّدني منها".
وأوضح الرئيس عون "أنّه وقبل سفره إلى نيويورك، لم تكن هناك من حلحلة على خط التأليف"، قائلًا "بعد عودتي إلى بيروت، إذا كان قد أعدّوا صيغة حكومية سنطّلع عليها، وما إذا كانت تعتمد الوفاق لنقرّر عندها ما سنفعل". وحول ما إذا كان الأمر متوقّفًا عند رئيس الحكومة المكلف، بيّن أنّ "ما هو مؤسف لدى السياسيين، أنّه إذا ما أوحى رئيس الجمهورية بأمر ما، تصدر التحليلات والتصريحات عن رغبة الرئيس في تخطّي صلاحيّاته وبأنّه يريد تهميش الجميع. وإذا لم يتدخّل رئيس الجمهورية، يتساءلون أين هو الرئيس وماذا عن دوره ولماذا يقف متفرجاً؟"، مشدّدًا على أنّ "الحل يتمثّل بقيام أحد بأخذ المبادرة، ولكن ليس أنا من سيأخذها، ذلك أنّي لست في الجمهورية الأولى، فالكل يعيد التأكيد على جمهورية الطائف، حتّى أنّ البعض نكر عليّ حقّي في عدم قبولي تشكيلة حكومية، فيما الأمر ينصّ عليه الدستور. فليشرحوا لي معنى الشراكة".
وفي ما خصّ اعتبار البعض أنّ المبادرة هي نوع من التنازل، نوّه إلى أنّ "لرئيس الحكومة الحقّ في المبادرة، رضي الأفرقاء أو لم يرضوا"، كاشفًا "أنّني كنت أتمنّى لو تمّ تأليف الحكومة بعد 15 عشر يومًا من التكليف، وكل يوم أتمنّى أن يحصل الأمر في اليوم التالي". وعمّا إذا كانت العقدة الخارجية لا تزال موجودة، أفاد بأنّ "الأمور مختلطة. إنّ العقدة تكون أحيانًا خارجية لكن يعبّر عنها محليًّا".
وعن الخطوات الّتي يمكن أن يتّخذها إذا طالت عملية التأليف، أشار إلى أنّه "إذا أقدمنا على اتخاذ خيارات، فعندها تكون الأمور قد وصلت إلى مكان لم يعد من الممكن سوى اتخاذ مثل هذه الخيارات". أمّا عن احتمال فرض عقوبات أميركية على لبنان ومدى ارتباط ذلك بمنع عودة النازحين، بيّن أنّه "ليست هناك اليوم قواعد للتعاون، ولا أحد يعلم ماذا سيقرّر الرئيس الأميركي".
أمّا عن طمأنته أبناء الجالية اللبنانية في نيويورك بالأمس إلى الوضع الاقتصادي، وما إذا كانت تستند إلى معطيات فعلية، أكّد رئيس الجمهورية أنّ "لبنان وضع الخطة الإقتصادية الّتي سيعمل عليها وفقًا لمقرّرات مؤتمر "سيدر"، ونحن في انتظار الحكومة، بحيث أنّه كان بإمكاننا المباشرة بتنفيذ الخطة في شهر أيار الفائت"، لافتًا إلى أنّه "قد يكون هناك استياء أوروبي من التأخير".
وشدّد على أنّ "الأزمة الإقتصادية صعبة ولكنّها قابلة للحل، ويمكننا القيام بالعديد من الأمور في هذا المجال، وقد بدأنا بمحاربة الفساد بعد أن حاربنا الإرهاب، ويحب "تنظيف الإدارة" واعتماد الإقتصاد الإنتاجي بدل الريعي الّذي يؤدّي إلى خسارة مؤكّدة، والأمثلة على الخسائر كثيرة".
وعن الأحداث الأخيرة في مطار بيروت الدولي، سأل "لِم لَم تسألونني كيف أُنزل الركاب من الطائرة؟ أنتم كنتم معي على متن الطائرة، ألا تريدون أن تشهدوا؟ هل تغيّر شيء في الطريقة المعتادة؟"، وأعاد التأكيد على أنّ "من العار أن تبقى إدارة من هذا النوع في المطار وفي كل مكان يشهد فضيحة".
وحول إعادة المقاومة إلى الأدبيات اللبنانية من على منبر الأمم المتحدة ، أوضح أنّه "لا يمكنني إنكار تاريخنا، وقد ذكرت وقائع في خطابي". وعمّا فعله مجلس الأمن بعد صدور القرار 425 الملزم، ركّز على أنّ "الإحتلال الإسرائيلي هو الّذي أدّى اإى قيام المقاومة المسلحة"، مستائلًا "هل من أحد ينكر على المقاومة أنّها أخرجت الإسرائيلي؟ أو أن ينكر الإعتداء الإسرائيلي في عام 1993 وعناقيد الغضب في عام 1996 أو مقابر مئة طفل التي خلفتها؟ وكم من مرّة انتقمت إسرائيل من لبنان، ان من خلال استهدافها معامل الكهرباء او عمليات الخطف العسكرية او غيرها من العمليات؟".
كما أعاد الرئيس عون التأكيد على أنّ ""حزب الله" تصدّى لأوّل هجوم لمجموعات إرهابية على لبنان من القصير"، معلنًا "أنّنا كلّنا نحارب الإرهاب في لبنان. ولست أنا من احيي المقاومة، بل أتحدّث عن تاريخ لبنان، ذلك أنّ المقاومة تعيش بقدراتها. والازمة السورية جعلت "حزب الله" ضمن القضية الاقليمية"، سائلًا "إذا كان المجتمع الدولي غير قادر على مساعدتنا لحلّ أزمة النازحين السوريين، فكيف يمكن لنا أن نعالج مسألة "حزب الله" وحدنا، وقد اصبحت لها أبعاد إقليمية ودولية، وقبل حل مشكلة الشرق الأوسط؟ فليتمّ إيجاد حلّ لأزمة الشرق الأوسط، وبعدها حل سائر المسائل المتفرعة عنها".