لفت رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه، خلال افتتاح إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة في لبنان، المنتدى السنوي الثامن لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية والعربية، إلى أنّ "منذ انطلاق هذا الملتقى وحتّى اليوم في دورته الثامنة، يعمل إتحاد المصارف العربية على عدّة محاور في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تمّ التركيز خلالها على تعزيز التزام المصارف العربية بالمعايير والتوصيات الدولية لمكافحة هذه الآفة الخطيرة، تطوير فاعلية النظم المطبقّة لديها وتوافقها مع هذه المعايير والتوصيات، والعمل على زيادة درجة الوعي لدى المصارف الأعضاء حول الطرق والأساليب والإتجاهات الحديثة في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، مشيرًا إلى أنّ "الإتحاد يعمل أيضًا على الوصول إلى أفضل الحلول لمكافحتها، ومساعدة المصارف في الحصول على المساعدات الفنية والتدريب بمستوى عال لدعم جهودها في هذا المجال، وإتخاذ الترتيبات والإجراءات اللازمة لتطوير أنظمة المكافحة المطبقة لديها".
ونوّه إلى أنّ "الملتقيات السابقة، من خلال ما شهدته من مشاركة فاعلة، أظهرت أنّها من أهمّ الوسائل الّتي يعتمدها إتحاد المصارف العربية للإستمرار في رفع مستوى الوعي ومتابعة المستجدات والتطوّرات ذات العلاقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ودعم جهود المصارف والمصرفيين في هذا المجال، وذلك بفضل الخبراء الذين تابعوا تطورات هذه الآفة، وتطرّقوا إلى أفضل التجارب والإجراءات المتخذة في مواجهة هذه الآفة وآثارها على المجتمع، والتعرّف على القواعد الدولية الحاكمة، والقواعد الدولية الموجهة لأنشطة هذه المكافحة".
وركّز طربيه على أنّ "يومًا بعد يوم، يتزايد تعقيد وتشعّب عمل مسؤولي وحدات الامتثال في المصارف والمؤسسات المالية بنتيجة التعقيد والتشعب الكبيرين للعمليات غير القانونية الّتي يقوم بها أفراد أو مؤسسات، وعلى رأسهم بالطبع غاسلو الأموال وممولو الإرهاب، الّذين يسعون بشكل حثيث ودائم، وباعتماد أساليب تقنية والكترونية متطوّرة جدًّا، إلى اختراق البنية الإلكترونية للمصارف والمؤسسات المالية بشتّى الوسائل، والاستفادة من أي ثغرة للولوج إلى النظم المالية لتحقيق مآربهم غير القانونية، الّتي تهدّد في النهاية مجتمعات بكاملها، وليس فقط المؤسسات الّتي تمّ إختراقها".
وأكّد أنّ "أحد أسباب التعقيد في عمل وحدات الإمتثال في المصارف والمؤسسات المالية هو التوجّه إلى الإعتماد الكبير على التكنولوجيا في إجراء العمليات المالية والمصرفية. فقد يؤدّي الإعتماد المتزايد على التكنولوجيا المالية وزيادة الإرتباط بشركات التكنولوجيا المالية، والتوسّع في إسناد العمليات المالية إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الّذي يهدف إلى الحدّ من التدخّل البشري في العمليات المصرفية بهدف تخفيض التكلفة وسرعة إتمام المعاملات؛ كلّ ذلك قد يؤدّي إلى التعرّض لمخاطر تتجاوز المجال السبراني وتكنولوجيا المعلومات، الى التعرض لمخاطر غسل الأموال والإرهاب".
ورأى طربيه أنّه "كلّما ازداد الإعتماد على التكنولوجيا والمعلوماتية، وللأسف، كلّما فتحت قنوات جديدة للمقرصنين وغاسلي الأموال ومموّلي الإرهاب، الّذين يتمتّعون عادة بمعرفة وأدوات تكنولوجية متطوّرة جدًّا، قد لا يتاح لبعض المصارف والمؤسسات المالية امتلاكها، وبالتالي مواجهتها. وبذلك، قد تنتج التكنولوجيا المالية مخاطر جدية، تمثّل قلقًا ليس لمدراء تكنولوجيا المعلومات فقط، بل أيضًا لمدراء الإمتثال ووحدات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، موضحًا أنّ بشكل مماثل، يمتدّ القلق من الآثار السلبية المحتملة للاعتماد على التكنولوجيا المالية إلى الجهات الرقابية، الّتي عليها تقييم المخاطر السبرانية ومخاطر غسل الاموال وتمويل الإرهاب المحتملة، والناجمة عن الاعتماد على التكنولوجيا المالية".
وشدّد على أنّ "التعديلات الّتي حصلت على توصيات مجموعة العمل الدولية (FATF)، هدفت إلى تأطير وتعزيز العمل بالمنهج المبني على المخاطر، والتزام البنوك بإجراء تقييم شامل لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ما يتعلّق بالعملاء والدول والمناطق الجغرافية والمنتجات والخدمات والعمليات وقنوات تقديم الخدمة، وأن تتواءم وتتكامل وظيفة إدارة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع الإطار الكلي لإدارة المخاطر في البنك".
وأشار إلى أنّ "التعليمات الجديدة أكّدت ضرورة توفّر سياسات وضوابط وإجراءات لإدارة وخفض مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واتخاذ إجراءات عناية واجبة ومعزّزة تتوافق مع درجة المخاطر الّتي تمّ تحديدها بموجب التقييم، ومع تصنيف العملاء حسب درجة مخاطرهم"، مركّزًا على أنّ "كافة التقارير الرسمية حول العالم، أجمعت على أنّ عمليات غسل الأموال تضاعفت بشكل كبير على مدى العقدين السابقين حيث قدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجرائم المالية حجم غسل الأموال على مستوى العالم عام 2016 بحوالي 2 إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بما يقدّر بحوالي 1.5 إلى 2 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يتخطى الإنفاق العالمي على الإمتثال لمكافحة تبييض الاموال 8 مليارات دولار".