أكد سفير ​فرنسا​ في لبنان ​برونو فوشيه​، في كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر لمناسبة "اليوم العالمي لالغاء عقوبة ال​اعدام​"، ان "فرنسا جعلت من أولوياتها الغاء هذه العقوبة وموقفها واضح وثابت، وهي ضد هذا العقاب اللا عادل واللاانساني واللا فعال، وبالنسبة الينا عقوبة الاعدام لا تتلاءم مع العدالة التي تدافع عن الحقوق الاساسية للانسان والحق الاول فيها هو حق الحياة".

واعتبر فوشيه ان "العدالة الاساسية ليست معصومة عن الخطأ، ويمكن ان تستغل عندما تغيب دولة القانون. وانطوانيت شاهين التي قلدتها وسام الاستحقاق العام الماضي، هي خير دليل على ذلك"، لافتاً الى انه "ثمة من يضفي على عقوبة الاعدام صفة رادعة ولكن قتل اشخاص باسم العدالة هو قرار غير عادل".

كما رأى ان "اليوم العالمي لالغاء عقوبة الاعدام، يرتدي طابعا مهما في البلدان التي لم يتم فيها الغاء هذه العقوبة، ففي لبنان ثمة وقف لتنفيذها منذ 2004 وهذا التقدم يعود الفضل الكبير فيه إلى البروفسور نجار، ولكن هذا التقدم غير كاف اذا لم يتم تضمين النصوص القانونية الغاء هذه العقوبة، إذ يمكن الرجوع اليها في حال لم تتم في شكل قانوني".

واعتبر فوشيه ان "لبنان يؤدي دورا مهما وفريدا من مكافحة عقوبة الاعدام، والمشاركون في هذا المؤتمر هم خير دليل على ذلك، وعلى الالتزام اللبناني لكل ما تقدم"، معلناً أن "بلدا الغت هذه العقوبة، واخرها ​غينيا​ وبوركيا فاسو، واذا قرر لبنان ان ينتقل من مرحلة وقف التنفيذ إلى مرحلة الالغاء، فإنه سيشكل نموذجا ومثالا للشرق الاوسط وللعالم العربي، واذا اعد هذا القرار الشجاع في وقت تمر المنطقة حوله بازمات كبيرة، فانه سيشكل حافزا ومثالا يحتذى لكل دول المنطقة".

وأكد الوزير السابق ابراهيم نجار أن "الغاء عقوبة الاعدام تلاقي اشكالية من لبنان حيث الرمزية العادية هي قدرنا كل يوم".

ورأى ان "هذه العقوبة هي بمثابة ثأر، ورفض للاعقاب، ولكن عكس كل مايقال، فهي غير فعالة. والتجربة برهنت انها ليست ردا مناسبا على الارهاب والجريمة، والدليل على ذلك الارهابيون الذين يفجرون انفسهم".

ولفت الى انه "تبين الاحصاءات ان في ​الولايات المتحدة الاميركية​، و​المملكة العربية السعودية​ واليايان، حيث تنفذ عقوبة الاعدام، لم تمنع هذه العقوبة من حدوث الجرائم"، مشدداً على "وجوب إلغاء هذه العقوبة، كشف نجار أن "132 بلدا قد أوقفت العمل بهذه العقوبة فعلا وممارسة، و57 بلدا ما زالت تطبقها".

وراى ان الالغاء "لا يمكن ان يشكل هروبا الى الامام او رفضا للعقاب"، معتبراً أن "قوانين الاعدام لم تؤد الى شيء، وان قانون العقوبات والمواد التي تم تعيلها فيه، لم يمنع ثقافة اللاعقاب او الافلات منه التي اثرت في وعينا الجماعي، فلم تتم معاقبة لا المجرمين خلال الحرب الاهلية ولا حتى الاعمال الارهابية او من ارتكب التعقبات الجماعية او التعقبات على الهوية".

وتابع نجار بالقول ان "كل هذه القوانين لم تردع يوما المجرمين. وحتى عقوبة الاعدام لم تردعهم، بل بالعكس، فقد تم العفو عنهم. وثمة من يطالب اليوم بنسيان كل الجرائم التي ارتكبت من اجل وعود انتخابية".

كما نوه الى انه "في منطقة ​الشرق الاوسط​ فان الابادات الجماعية والجرائم ضد ​الانسان​ية والتطهير العرقي يسير على ما يرام، ولا من يشجب كل هذه الممارسات"، متسائلاً "أين محكمة الجرائم الدولية؟".

وختم نجار بالقول ان "لبنان يجب ان يلغي عقوبة الاعدام بعد ما علقها منذ 2004"، وراى ان "الرد على الجريمة يكون في بناء المؤسسات وبعدالة قوية ونزيهة، فمكافحة الجريمة تبدأ على المستوى الثقافي".

من جهته، أكد نقيب المحامين في بيروت اندريه شدياق، في كلمة له عن الغاء عقوبة الاعدام في فرنسا ولبنان، ان "الوزير نجار عمل منذ 2008 وبرهن الا شيء ملح أكثر من الغاء هذه العقوبة كما حصل مع الغاء العقوبة".

وأشار إلى ان "الوزير والنقيب السابق ​شكيب قرطباوي​ اعلن نيته فور تسلمه مقاليد ​وزارة العدل​، عدم التوقيع على اي عقوبة او قرار اعدام، وهو قال عام 2013 لا يمكن قتل انسان باسم المجتمع، فندئذ لا يكون ثمة فارف بيننا وبين المجرم"، وعدد "كل ما قامت به نقابة محامي بيروت من نشاطات ومؤتمرات لإلغاء هذه العقوبة".

واستذكر "الاعلان المشترك الذي صدر عن نقابتي محامي بيروت وباريس عام 2014"، معلناً انه "لن يخرج عن السياسات التي رسمها النقباء السابقون والورزاء السابقون الذين تعاقبوا على الوزارة".

كما لفت الى ان "تنفيذ عقوبة الاعدام عام 1998 وتنفيذها غير العلني عام 2004، يدفعنا الى الاستنتاج بان هذه العقوبة ما زالت مطبقة في لبنان، ولو لم يتم تنفيذها منذ 14 عاما. فلبنان ملتزم بوقف تنفيذ هذه العقوبة، ولكن على رغم التزامه وقف تنفيذها، الا ان على عاتقنا ايضا اقناع مجتمع ما زال مع عدم الغاء هذه العقوبة، بنسبة 56 في المئة منه، على ما يشير استطلاع أجري اخيرا في هذا الشأن".