أصدرت محكمة عراقية حكماً قضى بإعدام القيادي اللبناني في تنظيم «الدولة الإسلامية» طارق الخياط الذي سلّمه الجيش الأميركي للسلطات العراقية منذ نحو سنة، قبل أن يُسلّموا مديرية مخابرات الجيش اللبناني ثمانية لبنانيين كانوا يقاتلون في صفوف التنظيم. الخياط احتجّ على الحكم، متحدثاً عن منعه من التواصل مع عائلته
مَثل اللبناني طارق الخياط (46 سنة) أمام محكمة عراقية أول من أمس. وقف أمام القاضي بساقٍ واحدة (بُتِرت ساقه اليسرى في إحدى المعارك التي خاضها) ليعترف بأنّه كان المسؤول المالي لتنظيم «الدولة الإسلامية» في عاصمته الرقّة. لم يكن لدى الموقوف اللبناني الذي سلّمه الجيش الأميركي للسلطات العراقية محامٍ، فعيّنت هيئة محكمة بغداد محامياً له. روى الخياط حكاية التحاقه بالتنظيم المتشدد، قائلاً إنّه ترك لبنان قاصداً سوريا ليلتحق بالتنظيم بعد مشاكل واجهته في لبنان. غادر الرجل الأربعيني مدينة طرابلس مصطحباً معه زوجته وابنيه عام 2014، ليعمل بصفة مسؤول عن مالية تنظيم «الدولة الإسلامية» في قسم خالد بن الوليد في الرقة. وذكر أنّه كان يتقاضى مبلغ 40 دولاراً شهرياً! وفي عام 2016، قُتل أحد أبنائه الذي لا يتجاوز الرابعة عشر من عمره أثناء قتاله في صفوف التنظيم. لم تكد تمرّ أشهر قليلة حتى قتل ابنه الثاني بقذيفة أثناء قتاله أيضاً. الخيّاط ردّاً على سؤال القاضي، أنكر أن يكون ضالعاً في التخطيط لتفجير طائرة الاتحاد الإماراتية فوق العاصمة الأسترالية سيدني العام الماضي الذي اتُّهم فيه أشقاؤه، علماً أنّ ملخّص التحقيقات الذي أرسله الجيش الأميركي لاستخبارات الجيش اللبناني يكشف أنّ الخياط اعترف بأنّه كان صلة الوصل بين خبير متفجرات في التنظيم المتشدد وأحد أشقائه (خالد) في أستراليا. جرى ذلك بعدما شكّلت حادثة مقتل ابنَي طارق، تحوّلاً كبيراً في حياة عائلة الخيّاط. وقتذاك حضر أشقاؤه إلى لبنان للمشاركة في العزاء. ومنذ ذلك الحين، تكثّفت الاتصالات بين خالد الشقيق الأكبر وشقيقه طارق الذي عبر تطبيق الـ«Wechat». ومن ثم خطط أشقاؤه، بحسب تحقيقات فرع المعلومات وقوات الأمن الأسترالية، لتفجير طائرة بواسطة عبوتين ناسفتين مخبأتين داخل لعبة باربي وفرّامة لحوم.
أمام المحكمة العراقية، اشتكى الخيّاط للقاضي من آلام في ساقه جرّاء الإصابة التي تعرّض لها، قائلاً إنّه لم يخضع للعلاج ولم يُعطَ سوى مسكّنات للألم. واشتكى أن أحداً من السفارة اللبنانية في العراق لم يزره ومُنع من الاتصال بعائلته لأكثر من عام.
لم يطل الأمر كثيراً. رُفعت الجلسة ليُصدر القاضي حكمه بإعدام القيادي اللبناني في تنظيم «الدولة الإسلامية» طارق الخياط. حكمه بالإعدام شنقاً. احتجّ الخياط على الحكم معتبراً أنّه حكمٌ ظالم لأنه لم يفعل شيئاً على أرض العراق.
اشتكى الخياط من أن السفارة اللبنانية لم تتواصل معه
يحاكم الخيّاط مع 21 موقوفاً آخرين. المحكمة نفسها استجوبت قريبه اللبناني الأسترالي أحمد مرعي قبل أسابيع، لكنها لم تصدر حكماً بحقه، علماً أنّ الأخير كان التحق بـ«الدولة الإسلامية» في سوريا عام 2015. وكان مرعي قد مَثل في 19 أيلول الماضي، أمام المحكمة العراقية بساقٍ مقطوعة أيضاً جراء إصابته خلال أحد الاشتباكات قبل توقيفه. تلك كانت جلسة المحاكمة الأولى بعدما أوقفه الأكراد وسلّموه للجيش الأميركي الذي سلّمه بدوره للقوات العراقية. مرعي والخياط هما بين خمسة لبنانيين كانوا يقاتلون في صفوف «داعش» ويُحاكمون أمام القضاء العراقي، بينهم ثلاثة شغلوا مناصب قيادية في التنظيم. وكان الجيش الأميركي قد سلّم ثمانية لبنانيين كانوا يقاتلون في صفوف تنظيم «داعش» إلى مديرية مخابرات الجيش اللبناني في تموز الماضي، أوقفوا على أيدي مقاتلين أكراد في سوريا قبل أن يسلّموهم للأميركيين.
تجدر الإشارة إلى أنّ أيّاً من السلطات العراقية والأسترالية لم تستجب لطلب المحكمة العسكرية الدائمة في لبنان إيداعها نسخة عن التحقيقات التي تُجريها مع أحد أشقاء عامر الخياط الموقوف في لبنان بتهمة أنّه الانتحاري الذي كان ينوي تفجير نفسه على متن الطائرة الإماراتية.