لا يعرف النضال الفلسطيني حدوداً، بل يتصاعد مع ارتفاع اعتداءات وممارسات قوّات الإحتلال الإسرائيلي، فيتسابق أبناء "شعب الجبّارين"، بالدفاع والذود عن وطنهم وحقهم، بمواصلة تقديم قوافل الشهداء والجرحى والأسرى.
وكلّما صعّد الإحتلال من همجيته وعنصريته، واصل الفلسطينيون التصدّي له، بصدورهم العارية، والرد على وحشيته، بعمليات نوعية وسيلة وأسلوباً ومكاناً وزماناً.
فقد نفّذَ الإحتلال الإسرائيلي جريمة قتل متعمّدة بحق الفلسطينيين، الذين انطلقوا في مسيرات العودة وكسر الحصار، على الحدود الشرقية لقطاع غزّة، في الجمعة الـ29، التي حملت عنوان "انتفاضة القدس".
وتعمّد جنود الإحتلال "القنص" باتجاه عشرات الآلاف من المتظاهرين السلميين، ما أدّى إلى سقوط 7 شهداء وإصابة 252 جريحاً، بينهم 154 بالرصاص الحي، منهم 50 طفلاً و10 إناث وصحافي ومسعفان إثنان.
واستخدم الإحتلال الرصاص الحي والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع بكثافة لافتة، فيما قام الشبّان الفلسطينيون بإشعال الإطارات المطاطية لحجب رؤية الإحتلال، وإلقاء الحجارة وإطلاق الطائرات الورقية المحترقة.
واستطاع عدد من الشبّان الفلسطينيين إزالة الشريط الشائك، والوصول إلى إحدى نقاط "القناصة"، حيث أقدم جنود الإحتلال على إعدام أحد الشبان، بإطلاق النار عليه بشكل مباشر، ما أدّى إلى استشهاده.
وعلى الرغم من كثافة النيران، التي أُطلقت باتجاه الشبان الفلسطينيين، الذين انطلقوا لسحب جثمان الشهيد، إلا أنّهم تمكّنوا من ذلك، حيث نقلوه إلى داخل قطاع غزّة.
والشهداء هم: أحمد إبراهيم زكي الطويل (27 عاماً، من النصيرات)، أحمد أحمد عبدالله أبو نعيم (17 عاماً، من النصيرات)، محمد عبد الحفيظ يوسف إسماعيل (29 عاماً، من البريج)، عفيفي محمود عطا عفيفي (18 عاماً، من غزة)، عبدالله برهم سليمان الدغمة (25 عاماً، من عبسان الجديدة)، تامر إياد محمود أبوعرمانه (22 عاماً، من رفح) ومحمد عصام محمد عباس (21 عاماً، من سكان الشيخ رضوان).
ولم يسلَم رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور اسماعيل هنية، ومجموعة من المتظاهرين من قنابل الغاز أثناء مشاركتهم في مسيرات العودة.
ودعت "الهيئة الوطنية لمسيرات العودة" إلى المشاركة في مسيرة الجمعة المقبلة تحت عنوان "معاً
غزّة تنتفض والضفة تلتحم".
وفي ظل تطوّرات الوضع على حدود القطاع، أمر وزير جيش الإحتلال أفيغدور ليبرمان، مساء أمس، بوقف تدفّق الوقود إلى قطاع غزّة حتى إشعار آخر.
إلى ذلك، أنهى "لواء المظليين" في جيش الإحتلال، سلسلة من التدريبات حاكت "سيناريوهات" قتالية متعدّدة، استعداداً للانتشار على الحدود مع قطاع غزّة خلال الأيام المقبلة.
وسينتشر "لواء المظليين" على الحدود مع قطاع غزّة، ليحل مكان جنود "لواء جفعاتي"، الذي كان منتشراً على الحدود مع القطاع خلال الأشهر الماضية.
وأوضح قائد قاعدة التدريبات القيادية في المنطقة الجنوبية أنّ "كل الوحدات العسكرية التي تأتي للانتشار على حدود قيادة المنطقة الجنوبية، سواء كان على الحدود المصرية أو حدود قطاع غزّة، يجب أنْ تخضع للتدريبات التمهيدية في القاعدة قبل الانتشار العملياتي".
وأشار إلى أنّ "جنود "لواء المظليين" تدرّبوا على "سيناريوهات" عديدة، بما في ذلك مواجهة أعمال الشغب الدائرة على الحدود مع قطاع غزّة في إطار مسيرات العودة".
في غضون ذلك، أخفقت قوّات الإحتلال في معرفة مكان الشاب أشرف وليد سليمان نعالوة، الذي تمكّن من تنفيذ عملية فدائية، يوم الأحد الماضي في المنطقة الصناعية بجوار مستوطنتي "بركان" و"أرييل"
بالقرب من سلفيت - شمال نابلس، ما أدّى إلى مقتل المستوطنين كيم ليفينغروند يهزكل وزيف هاغبي وإصابة مستوطنة، قبل التمكّن من الفرار.
وعلى الرغم من رفع قوّات الإحتلال حالة التأهّب القصوى بمشاركة كتيبتين من الشرطة ووحدة المستعربين، والطائرات والكلاب البوليسية، واعتقال عائلة أشرف من منزلها في حيّ القطاين بضاحية الشويكة - شمال طولكرم وعدد من أقاربه وأبناء البلدة وزميله في العمل، إلا أنّها لم تفلح في تقفّي أثره، حيث ما زال متوارياً، وبحوزته السلاح الذي استخدمه في تنفيذ العملية البطولية، وهو من نوع "كارلو".
إلى ذلك، وجرّاء الجراح التي أُصيب بها الشاب مُعز قاسم حسين (19 عاماً)، منفّذ عملية طعن الجندي الإسرائيلي على حاجز حوارة - جنوب نابلس، أمس الأوّل، لم يتمكّن من الانتقال إلى مكان بعيد، وكان منزله في قرية جماعين - جنوب نابلس، ملاذه الوحيد، حيث اعتقلته قوّات اسرائيلية خاصة، بعد وقت قصير من دخوله المنزل، الذي اقتحمته، بعدما وصلت إلى القرية بمركبات خاصة، ونقلته إلى "معسكر حوارة" جنوباً.
وأغلقت قوّات الإحتلال كافة المداخل الرئيسية لنابلس وحواحز "حوراة" و"زعترا" ومدخل "شافي شمرون" بالبوابات الحديدية، وحاجز "عناب" ونفّذت عمليات تفتيش دقيقة للمركبات والمواطنين، قبل أنّ تعتقل مَنْ تتّهمه بالمسؤولية عن العملية.
هذا في وقت يتواصل فيه الاعتصام في الخان الأحمر - شرقي القدس، المهدّدة بالهدم وتهجير أهلها منها.
ومنذ الصباح نشرت قوّات الإحتلال تعزيزاتها في محيط الخان، وأقامت حواجز عسكرية، وعملت على عرقلة وصول العديد من المواطنين للمشاركة في الاعتصام والمسيرة.
واعتدت قوّات الإحتلال على المشاركين في المسيرة السلمية على مدخل القرية، ومنعت المشاركين من التقدّم إلى الشارع الرئيسي، مهدّدة باعتقالهم، حيث قامت شرطة الإحتلال بالتقاط الصور للمشاركين.
كما اعتدت قوّات الإحتلال على المشاركين في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية، المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 15 عاماً، حيث اقتحم ضبّاط وجنود الإحتلال البلدة تحت غطاء كثيف من إطلاق الرصاص الحي والمعدني المغلّف بالمطاط وقنابل الغاز، ما أدّى إلى إصابة 7 شبان عولجوا ميدانياً، إضافة إلى العشرات بحالات اختناق شديد، بينها متضامنات دوليات عالجتهن طواقم "الهلال الأحمر الفلسطيني" التي تواجدت في الموقع.
وفي إطار التضييق الذي تمارسه قوّات الإحتلال ضد الفلسطينيين، لا تترك مناسبة إلا وتعمل على مواصلة تقطيع أواصر المناطق في ما بينها.
فقد أغلقت مساء أمس، حي تل أرميدة في الخليل، وسدّت مداخل الحي كافة، الذي يخضع لسيطرة
الإحتلال، ومنعت حركة المواطنين فيه، حيث اعتقلت المواطن بشير الشويكي.
كما قرّرت إغلاق معبر 300 - شمال بيت لحم، اعتباراً من الخميس في 18 الجاري وحتى يوم الإثنين (22 منه)، بدعوى إقامة احتفالات في "قبة راحيل"، حيث سيكون المعبر مغلقاً بشكل كامل ولا يسمح العبور خلاله، ويمكن للفلسطينيين خلال هذه الفترة العبور للقدس من خلال معبر "الأنفاق".