تتصاعد الخلافات حول الاستحقاق الحكومي حيناً وتنخفض أحياناً، خصوصاً في هذه الآونة مع تزايد التفاؤل بالولادة الحكومية نتيجة «تبشير» الرئيس المكلف سعد الحريري الاربعاء ما قبل الماضي بأنّ حكومته ستولد خلال اسبوع الى عشرة ايام، وقد انقضى الاسبوع ولم يبقَ من الايام العشرة الّا اليوم. ولكن ثمّة اقتناع بات راسخاً لدى الجميع هو انّ هذه السنة لن تنقضي الّا وسيكون للبلد حكومة.
يقول بعض المتابعين انّ ارتفاع منسوب الخلافات والتباينات بين المعنيين وعودة بعض القوى السياسية الى رفع سقوف مطالبها على مستويي الاحجام والحقائب الوزارية، يدل الى انّ ولادة الحكومة ربما تكون قد دخلت في الهزيع الأخير، على رغم من انّ بعض هذه المواقف يدفع الى التشاؤم والاستنتاج أنّ الولادة الحكومية ما تزال متعثرة جداً، خصوصاً عندما يصل الأمر بأفرقاء سياسيين الى التفرّد بمعزل عن حلفائهم بالتمسّك بمطلب ان يكون لهم «الثلث المعطّل»، من مثل «التيار الوطني الحر» الذي يريد هذا الثلث مكوّناً من حصته وحصة رئيس الجمهورية المُبتدعة منذ بعض العهود، والتي تمّ ابتداعها «عِرفاً» خلافاً لـ«اتفاق الطائف» وللدستور المنبثق منه، والذي يسمّي رئيس الجهمورية «رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن والقائد الاعلى للقوات المسلحة الخاضعة لسلطة مجلس الوزراء»، بحيث يتمكن هؤلاء من خلال هذا «الثلث المعطّل» من الامساك بمفاصل اللعبة والقرار في مجلس الوزراء، بل بمصير الحكومة برمّته، بحيث اذا استقال هذا الثلث (وهو الثلث زائداً واحداً من اعضاء الحكومة) تصبح الحكومة مستقيلة دستورياً حكماً، تماماً كما حصل لحكومة الرئيس سعد الحريري مطلع العام 2011 عندما كان مجتمعاً آنذاك بالرئيس الاميركي باراك اوباما في البيت الابيض، واستقال الثلث زائداً واحداً من أعضاء حكومته في بيروت.
الكلام متناقض عن التشكيلة الوزارية العتيدة وطبيعتها، فالحجم محسوم وهو 30 وزيراً، ولكن غير المحسوم هو عدد الوزراء ونوعية الحقائب التي ستعطى لبعض القوى السياسية، وخصوصاً لـ«التيار الحر» الطامح الى حصة كبرى و«القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» وتيار «المردة».
علماً انّ حسابات غالبية القوى السياسية التي ستشارك في الحكومة يغلب عليها الطابع المصلحي الانتخابي نيابياً ورئاسياً، لاعتقاد الجميع انّ هذه الحكومة ستعيش حتى نهاية عهد الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الاول 2022 او على الاقل حتى انتخاب مجلس نيابي جديد في ايار 2022، أي قبل انتهاء الولاية الرئاسية بنحو 6 أشهر، ما لم يطرأ يومذاك ما يفرض لـ«عِلة ما» أو لـ«ضرورة ما» تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي لكي ينتخب هو رئيس الجمهورية الجديد.
هو «اعتقاد» أكثر منه «توقُّع» لأنه في النظام الجمهوري الديموقراطي البرلماني عادة لا تعيش الحكومات طويلاً الّا في حال التوافق السياسي، وفي لبنان لا تسير الامور على «المسطرة الديموقراطية» بل تسير بـ«الديموقراطية التوافقية»، فطالما انّ المجلس النيابي ممثلاً بمختلف كتله في الحكومة، فإنه نادراً ما يُقدِم على محاسبة لهذه الحكومة تصل الى حدود إسقاطها بسحب الثقة عنها.
فالحكومات منذ إقرار «اتفاق الطائف» تأتي بتركيبتها صورة مصغّرة عن المجلس النيابي، فكيف لهذا المجلس ان يحاسب نفسه عبر محاسبة حكومة تضم وزراء يمثلون مختلف كتله النيابية؟ والحكومة الراهنة التي تصرّف الاعمال خير مثال، وقبلها سابقاتها كانت بالمواصفات نفسها.
وعلى طريق التأليف المنتظر، والذي يعتقد البعض انه أوشك، شاع مناخ تشاؤمي إثر ما قاله الوزير جبران باسيل في حواره المتلفز حول حصص وزارية وحقائب لـ«القوات اللبنانية» وقوى سياسية أخرى، وجاء مناقضاً لِما هو شائع عن حلول توافرت لها ولا تحتاج إلّا الى تكريس في لقاء مرتقب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
ووسط هذا الجو المعقد، رُوّج أمس لتشكيلة وزارية قيل انها قيد التداول في بعض زوايا مطبخ التأليف، وجاءت على الشكل الآتي:
ـ سعد الدين الحريري رئيساً لمجلس الوزراء (سني، تيار «المستقبل»)
ـ غسان حاصباني نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للتربية والتعليم العالي (ارثوذكسي، «قوات لبنانية»)
ـ بيار رفول وزيراً للدفاع الوطني (ماروني، من حصة رئيس الجمهورية)
ـ اللواء ابراهيم بصبوص وزيراً للداخلية (سني، تيار «المستقبل»)
ـ علي حسن خليل وزيراً للمال (شيعي، حركة «أمل»)
ـ الياس بو صعب وزيراً للخارجية (ارثوذكسي، «التيار الوطني الحر»)
ـ سليم جريصاتي وزيراً للعدل (كاثوليكي ـ من حصة رئيس الجمهورية)
ـ جمال الجرّاح، وزيراً للاتصالات (سني، تيار «المستقبل»)
ـ ندى البستاني، وزيرة للطاقة والمياه (مارونية، «التيار الوطني الحر»)
ـ يوسف فنيانوس، وزيراً للأشغال (ماروني، تيار «المردة»)
ـ جمال الطقش، وزيراً للصحة العامة (شيعي، «حزب الله»)
ـ حسن اللقيس، وزيراً للشؤون الاجتماعية (شيعي، حركة «أمل»)
ـ هادي أبو الحسن، وزيراً للعمل (درزي، «الحزب التقدمي الاشتراكي»)
ـ انطوان زهرا، وزيراً للبيئة (ماروني، «القوات اللبنانية»)
ـ ملحم الرياشي، وزيراً للثقافة (كاثوليكي، «القوات اللبنانية»)
ـ وائل ابو فاعور، وزيراً للزراعة (درزي، «الحزب التقدمي الاشتراكي»)
ـ ميرنا منيمنة وزيرة للإقتصاد (سنية، تيار «المستقبل»)
ـ محمود قماطي وزيراً للصناعة (شيعي، «حزب الله»)
ـ أواديس كيدانيان، وزيراً للسياحة (أرمني، تكتل «لبنان القوي»)
ـ جبران باسيل، وزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية (ماروني، «التيار الوطني الحر»)
ـ فادي عسلي وزيراً لشؤون مكافحة الفساد (سني، من حصة رئيس الجمهورية)
ـ علي رحال وزيراً للتنمية الإدارية (شيعي، حركة «أمل»)
ـ محمد فنيش وزيراً لشؤون مجلس النواب (شيعي، «حزب الله»)
ـ مي شدياق وزيرة لشؤون المرأة (مارونية، «القوات اللبنانية»)
ـ داليا داغر وزيرة للإعلام (مارونية، «التيار الوطني الحر»)
ـ رأفت صالحة وزيراً للشباب والرياضة (درزي، توافقي رئيس الجمهورية)
ـ نبيل بستاني وزيراً للمهجرين (ماروني، توافقي إشتراكي)
ـ مصطفى علوش وزيراً لشؤون النازحين (سني، تيار «المستقبل»)
ـ غطاس الخوري وزير دولة (ماروني، تيار «المستقبل»)
ـ ميراي عون وزيرة دولة لشؤون حقوق الانسان (مارونية، رئيس الجمهورية)
هذه التشكيلة ربما تكون من بين التشكيلات الوزارية المرجّحة، وربما تكون الغاية من تسريبها رصد ردود الفعل عليها قبل الخروج بالتشكيلة النهائية، علماً أنّ غالبية الاسماء الواردة فيها مطروحة جدياً على بساط التوزير.
والمنتظر حسب المعلومات انّ الصورة الحكومية ستتضِح من اليوم وحتى الثلثاء المقبل.