كشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن مسؤولي حركة "أمل" عاودوا الاتصالات واللقاءات مع بعض القوى الفلسطينيّة في لبنان بهدف تنشيط "اطر العمل المشترك" الذي جرى الاتفاق عليه برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي احتضن لقاء التوقيع على وثيقة "العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان في عين التينة في مطلع شهر ايلول الماضي، بعدما رصدوا "مراوحة" دون اللالتزام بما تم الاتفاق عليه، إذ لم يعقد الا اجتماعا واحدا لـ"القيادة السياسية الموحدة" في سفارة دولة فلسطين في بيروت، وقد خصص للوضع الأمني في مخيم عين الحلوة فقط على خلفية اغتيال هيثم السعدي دون سواها من القضايا الساخنة التي تنظر توافقا واجماعا للعمل بها.
تحرك مسؤولي حركة "أمل" بإيعاز من بري، جاء بعد ارتفاع صرخة مدوية داخل المخيمات، بأن سكانها متروكون لمواجهة مصيرهم وحدهم دون أي خطّة فلسطينية موحّدة للمواجهة وغياب اي حراك للاطر المشتركة، فيما التحديات التي تنتظرهم كبيرة ومصيرية، بدءا بالمحاولات الاميركية انهاء عمل وكالة "الاونروا"، مرورا بالعمل على شطب حقّ العودة عبر "صفقة القرن"، عبر اسقاط صفة اللجوء، والتذويب والتهجير وفتح ابواب اللجوء في بعض الدول (النشرة كانت قد نشرت تفاصيل عن هذه الخطة لشطب حق العودة)، والأخطر اليوم ما يدور في الأروقة المغلقة عن مخاوف جدية من توترات أمنية مفاجئة في بعض المخيمات وتحديدا في عين الحلوة بهدف إجبار غالبيتهم على الرحيل واعتماد خيار الهجرة قسريا.
وأكدت المصادر، على أهمية تفعيل العمل المشترك سريعا للتصدي لهذه "الخطة" الخطيرة وتحصين أمن المخيمات وضرورة اطلاق مبادرة "مبادرة وطنية" جديدة تتماشى مع التطورات السياسية والأمنية المتسارعة في المنطقة، كما جرى في العام 2014، حين أطلقت "المبادرة الوطنية الفلسطينية" لحماية المخيّمات والحفاظ على العلاقات الاخويّة مع الجوار اللبناني، وقد نجحت في تجاوز الكثير من القطوعات الامنيّة الخطيرة إبّان الاحداث السوريّة، او كما في العام 2016 حين جرى انشاء خلية فلسطينيّة لادارة الازمة مع "الاونروا" بعد قراراتها تقليص خدماتها الصحية وانتهت بـ"تسوية" مقبولة اجبرت الادارة للتراجع عن قراراتها وبقاء الحال على ما هو عليه وهو مازال مستمرا حتى اليوم.
وأشارت المصادر، الى أهمية إنشاء "خلية ازمة" أو "طوارىء سياسية" اليوم وليس غدا، تدير الملف الفلسطيني برمّته في لبنان بموقف موحد، وبحراك سياسي شعبي متوازن، يقوم على تناسي الخلافات وتعميم خطاب الوحدة من القيادة الى القاعدة، تحصين أمن المخيمات واستقرارها، والدفاع عن بقاء "الاونروا" كشاهد حي على النكبة واللجوء، وتنظيم تحركات احتجاجيّة سلميّة ترفع شعار "نختلف مع الاونروا ولا نختلف عليها"، بعد نجاح ادارتها في توفير المزيد من الدعم المالي بلغ 118 مليون دولار، لينخفض العجز المالي الى 68 مليون دولار اميركي.
وعلى الرغم من هذه الاهميّة، يتوقع أن يراوح الحراك السياسي الفلسطيني في لبنان مكانه هذا الأسبوع دون أي خطوات عملية، بعد مغادرة أعضاء المجلس الثوري لحركة "فتح" وهم: "سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، أمين سر حركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، آمنة جبريل ورفعت شناعة"، لبنان الى رام الله للمشاركة في أعمال المجلس الثوري لحركة "فتح"، في دورته الرابعة العادية "دورة القرار والانتصار للقدس العاصمة الأبدية والأسرى والشهداء واللاجئين"، بمشاركة الرئيس محمود عباس وأعضاء اللجنة المركزية.
أسلوب جديد
مقابل هذا الجمود، خطفت العملية الأمنية التي نفذتها "فرقة خاصة" من مخابرات الجيش اللبناني داخل مخيم عين الحلوة والتي أدت الى إعتقال الفلسطيني حسن نوفل الملقب بـ"الحكيم"، أحد أبرز "المزورين"، الاهتمام السياسي والامني الفلسطيني، اذ تعتبر العملية الامنية الثانية بعد اعتقال الشيخ بهاء الدين حجير (29 عاما) من داخل "حي الطيرة" في 18 أيلول الماضي، المتّهم بالانتماء الى "كتائب عبد الله عزام" التي تقف وراء التفجير الارهابي عند السفارة الإيرانية في بئر حسن في 23 تشرين الثاني 2013، والثالثة بعد إعتقال أمير داعش" عماد ياسين (47 عاما) من منطقة "التعمير" في 22 أيلول 2016.
وأوضحت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن العملية الأمنية الثالثة دلّت بوضوح على إعتماد القوى الأمنيّة اللبنانية أسلوبا جديدا في التعاطي مع مطلوبي المخيم عبر الاستدراج والإعتقال على غرار الجيوش الكبرى في مكافحة "الارهاب"، وفتحت الباب على مصراعيه على احتمالات جديدة للقبض على كل من تصنّفه الدولة اللبنانية "خطرا" على الأمن القومي بإعتماد أسلوب "خير طريقة للدفاع الهجوم" وهي خطوة تشير بوضوح الى الانتقال من مرحلة "الدفاع الى الهجوم".
وأشارت المصادر، أن هذا الاسلوب اعتمد بعد شعور لبناني متزايد بدقّة المرحلة وخطورتها الأمر الذي يتطلب تنفيذ "عمليات جراحية" محدودة او "موضعية" ضد المطلوبين، تؤدي الغرض دون أي خسائر او تداعيات سلبية، وذلك بعد عجز القوى الفلسطينية الضغط عليهم لتسليم أنفسهم طوعا أو إلقاء القبض عليهم وتسليهم اليها، وان عمليات الرصد والمتابعة تجري على قدم وساق لقطع الطريق على أي محاولة لفرارهم أو تهديد الأمن والإستقرار اللبناني كخطوة إستباقية تؤكد قدرة وكفاءة الاجهزة الامنية في ملاحقة المطلوبين، وحتى داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان وتحديد عين الحلوة.
وأبعد من العجز الفلسطيني عن إيجاد حلول جذرية لقضية المطلوبين سوى التسويف والمماطلة وتمرير الوقت، فإن العمليّة اشارت الى عجز عام لدى الفصائل الفلسطينية في تأمين أقل إحتياجات أبناء المخيّم نتيجة الخلافات السياسيّة والتي ترجمت في قرارات مقاطعة الاجتماعات والنشاطات التي نظمها هذا التنظيم أو ذلك، رغم رفعها شعار رفض "صفقة القرن" او مناقشة الوضع الأمني في المخيم، وهما قضيتان يحظيان باجماع من كافة القوى الوطنيّة والاسلاميّة، فكيف الحال بباقي القضايا الأخرى.