لفت المراقبون والمتتبعون للأوضاع الأمنيّة في الجنوب عودة اسرائيل إلى سياستها واسلوبها القديم في زرع أجهزة التجسّس والتنصت في الأراضي اللبنانية، وهو ما ظهر جلياً من خلال الجهاز الذي فجّرته طائرات الاستطلاع الاسرائيليّة في المنطقة الواقعة بين الحلوسية والزرارية، القريبة من مجرى الليطاني والبعيدة نسبياً عن الخط الأزرق، وهي لا تخضع لمندرجات القرار الدولي 1701، مع العلم أن اسرائيل سبق لها أن زرعت، في السنوات الماضية، عدة أجهزة تجسس في تلك المنطقة.
في هذا السياق، لفتت مصادر ميدانية جنوبية، عبر "النشرة"، إلى أنه بعد اكتشاف "حزب الله" الجهاز المزروع، عمدت اسرائيل إلى تفجيره من الجو، مشيرة إلى أنه كان مفخخاً ومزروعاً في صخرة وممّوها حسب طبيعة الأرض الوعرة، لافتة إلى وجود إحتمالين لكيفيّة وصول تل أبيب إلى تلك المنطقة، من خلال عملاء لها أو عبر عمليّة انزال لقوة كوماندوس عبر البحر في منطقة الساحل الجنوبي، مع تأكيدها أن الاحتمال الثاني صعب.
وبغضّ النظر عن الطريقة، أكدت هذه المصادر أن ما جرى يشكل خرقاً للسيادة اللبنانية، وأن الجيش، الذي يتحقّق من ماهية الجهاز المزروع ونوعيّته بالتنسيق مع قوات "اليونيفل"، عازم على اعداد وثائق وصور وتقرير بالمشاهدات، ليسلمها إلى الوفد العسكري اللبناني، الذي يشارك في اللقاء الثلاثي في الناقورة، لعرضها خلال الاجتماع.
وشدّدت المصادر نفسها على أن هناك حرفية ودقة في عمليّة زرع الجهاز، وهو الثالث الذي تتمكن من زرعه في تلك المنطقة، بعد زرعها لجهازين مماثلين في عامي 2013 و2014، بالإضافة إلى آخر في النبي ساري في عدلون، اكتشفه عنصر في "حزب الله" قبل أن تفجره الطائرات الاسرائيلية.
وأشارت المصادر الميدانيّة الجنوبية إلى أن تل أبيب كانت تعتمد على شبكات من العملاء لزرع أجهزة التجسّس والتنصت في عمق المناطق اللبنانية، بهدف الوصول إلى معلومات عن "حزب الله" وشبكة اتصالاته، لكن الجيش والقوى الأمنية تمكنوا من تفكيك تلك الشبكات، التي توزّع أفرادها بين السجن والفرار إلى خارج لبنان، فاختارت اسرائيل اللجوء إلى زرع الأعمدة والأجهزة وكاميرات المراقبة والصحون اللاقطة على طول الحدود المتاخمة مع لبنان، من الناقورة حتى اعالي مزارع شبعا، وعمدت إلى وصلها بغرف عمليّات، مهمتها تحليل المعلومات بواسطتها وافادة قيادة المنطقة الشماليّة الاسرائيليّة عنها.