نقلت صحيفة "الحياة" عن مصادر في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في لبنان، إشارتها إلى أنّ "مجموع النازحين السوريين المسجّلين لدى المفوضية في لبنان، الّذين عادوا إلى سوريا خلال هذه السنة هو 4 آلاف عائد".
ولفتت المصادر إلى أنّ "الّذين عادوا من المسلحين والمدنيين معهم بعد حرب جرود عرسال لا يُحتسبون في عداد المدنيين الّذين عادوا إلى سوريا. العدد الوحيد الّذي يُحتسب هم من عادوا إلى عسال الورد السنة الماضية وكان عددهم 200 عائد وأكثريتهم من النساء والاطفال والمسنين"، منوهّةً إلى أنّ "عسال الورد لم تشهد قتالًا، لذلك منازلها كانت لا تزال قائمة وكان الأقارب يعتنون بمنازل الّذين لجأوا إلى لبنان منهم ويهتمّون بأراضيهم الزراعية".
وأوضحت أنّ "العودة إلى بيت جن كانت بخطوة من رئيس بلديتها الّذي كان بين النازحين السوريين إلى شبعا، وهو عاد في زيارة استكشافية ووجد أنّ الوضع جيّد للعودة ما شجّع الناس على العودة، وكنّا قادرين على زيارتهم بعد العودة لكن الأمر يتطلّب الإنتظار 3 أشهر للقيام بالزيارة الأولى للعائدين من جانب مندوبي المفوضية، لأنّ كلّ زيارة نقوم بها تتطلّب تقديم طلب إذن بالزيارة وعلينا انتظار الرد".
وبيّنت المصادر أنّ "هذا الأمر من بين الأشياء الّتي نناقشها مع السلطات السورية، لأنّ الحصول على الإذن يتطلّب الإنتظار أشهرًا. وعندما يسألنا العائدون هل ستزوروننا في بلداتنا الّتي سنعود إليها؟ نقول لهم لا نعلم لأنّ الأمر ليس بيدنا، والناس يريدون أن نكون إلى جانبهم، وعندما نزورهم للمرّة الأولى ونعرف احتياجاتهم ونغادر كي نأتي بها، فإنّنا مرّة أُخرى نحتاج إلى الإذن للعودة ولا نعرف متى نعود".
وعن العودة إلى القلمون، أشارت إلى أنّ "العائدين غادروا مخيمات النزوح في لبنان بواسطة شاحناتهم وجرافاتهم إلى مناطق شهدت قتالًا عنيفًا، ما يعني أنّ هناك دمارًا كبيرًا"، كاشفةً أنّ "المفوضية لم يتسن لها تفقّد كلّ العائدين في المناطق السورية الّتي استقرّوا فيها ولكنّنا نعمل على ذلك".
وحول التقارير الّتي تحدّثت عن تصفية أو اعتقال عائدين إلى سوريا، ركّزت على "أنّنا لم نتحقّق منها، ولكنّنا نعمل على الأمر. هناك حالة واحدة في فليطا قتل فيها عائد نتيجة خلاف بين عائلتين. وهذا أمر يحدث في كلّ مكان، ولا نقول إنّه مقبول، وإنّما هو من نتائج الحرب وعلينا أن ننظر في تداعياته".
كما أكّدت هذه المصادر أنّ "النازحين السوريين في لبنان يؤكّدون رغبتهم في العودة وليس البقاء في لبنان، لحظة النزوح كانوا يقولون ستة أشهر ونعود والآن هم حاضرون للعودة. ودورنا البحث عن حلول لعدم إبقائهم لاجئين، ولأن يستقرّوا في بلدهم، هذه دولتهم ولهم الحق في الخروج منها والعودة اليها"، مشدّدةً على أنّ "هذا حقّ إنساني دولي، وليس دورنا أن نقرّر عن النازحين الّذين عليهم اتخاذ قرارتهم بمفردهم. وعندما نسألهم نحاول أن نتأكّد من أنّ لديهم الخطة "ب" في حال عادوا مثلًا ووجدوا منازلهم مهدّمة وإلى أين يذهبون"، موضحةً أنّ "هذا جزء من عملنا، أن نتأكّد من سلامتهم وأنّ لديهم أقارب يلجأون إليهم وأن نبلغ فريقنا في سوريا لمتابعتهم ونعرف أين هم كي نتمكّن من الوصول إليهم".
وأعلنت أنّ "وفق استطلاع أجرته المفوضية، فإنّ 89 في المئة من النازحين يريدون العودة إلى بلدهم، وهناك نسبة لا تزال متردّدة وتحتاج إلى الوقت لحسم خياراتها، وهناك نسبة قليلة لا تريد العودة لأسباب متنوّعة، منها سياسي ومنها مناطقي وجغرافي وشخصي"، مفسّرةً أنّ "هناك أشخاصًا يعانون الصدمة ولا يريدون العودة أبدًا، مثل الّذين فقدوا كلّ أفراد عائلتهم، أو الذين يريدون لمّ الشمل؛ هذه مسائل واجهناها بعد الحرب في روندا وهؤلاء نفتّش لهم عن دولة ثالثة تستضيفهم للعيش فيها".
وركّزت على أنّ "دور المفوضية تأمين كلّ الوثائق الّتي يحتاجها النازح لدى العودة، فالدولة السورية لا تعرف كيف تغيّرت أحوال النازحين خلال السنوات الماضية: هناك من تزوج وأنجب وطلّق، وهناك من توفي وكلّ هذه الأمور في حاجة إلى توثيق لتقديمها إلى السلطات السورية لدى العودة لمواصلة حياتهم، وهذا ما نقوم به في لبنان بمساعدة وزارة الداخلية والمخاتير"، مشيرةً إلى "أنّنا هنا أيضًا للناس الّذين يريدون العودة إلى سوريا. الأمن العام اللبناني يبلغنا بما يقوم به ويزوّدنا بلوائح مسبقة بأسماء العائدين لنتأكّد من أنّ لديهم كلّ الوثائق المطلوبة للعودة، وأحيانًا هناك أطفال يريدون العودة فيما لا تريد أمهاتهم ذلك وعلينا التعامل مع هذه الحالات؛ والأمن العام اللبناني يرفض أن يعود أطفال من دون أهاليهم"، مؤكّدةً أنّ "أحدًا لا يحقّ له التقرير بالنيابة عن النازح السوري".
وعن الهوة بين قول المفوضية إنّ 4000 نازح عادوا من لبنان إلى سوريا، وقول المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إنّ 50 ألف نازح سوري عادوا، شرحت المصادر أنّ "الأمن العام اللبناني يسجّل كلّ حركة العبور على الحدود اللبنانية - السورية، ونحن نتلقّى منه الإحصاءات الّتي يقوم بها، ونحتاج إلى وقت لتسجيل كلّ العائدين"، كاشفةً أنّ "عدد المسجلين لدى المفوضية في لبنان الآن تراجع إلى نحو 950 ألف نازح مسجّل"، نافيةً أي "عملية تسجيل جديدة للنازحين".
وأكدّت أنّ "المساعدة المالية من المفوضية تصل إلى 30 في المئة من النازحين الأكثر هشاشة ونعلم أنّها لا تكفيهم وليست مريحة لهم للاتكال عليها والبقاء للاستفادة منها، لكنّ ليست هذه المساعدة ما يجعل النازح يبقى في لبنان أبدًا، بل انّ هناك من عاد من بين هؤلاء إلى سوريا"، موضحةً أنّ "المفوضية تتواصل مع السفير الروسي لدى لبنان في شأن المبادرة الروسية لإعادة النازحين، كما نبحث في الأمر مع السلطات السورية والأمر يحصل في الاردن. نحن نشرح موقفنا والسلطات الروسية منفتحة".
كما نوّهت إلى أنّ "لبنان تلقّى مساعدات ضخمة من المجتمع الدولي منذ عام 2011 ويُولّى اهتمامًا خاصًا، وعلى رغم ذلك فإن ما يُقدّم لا يكفي، وعلينا حضّ المجتمع الدولي على مواصلة دعم لبنان"، واصفةً العلاقة مع وزارة الخارجية اللبنانية بأنّها "جيّدة وهناك نقاش بناء ونعمل مع بعضنا بعضًا، لكن تجديد الاقامات للموظفين الأجانب لا يزال مجمّدًا".
وعن دور "حزب الله" في إعادة النازحين، رأت أنّ "الحزب واحد من بين جهات أخرى تقوم بمبادرات لإعادة النازحين، وكلّ هذه المبادرات تصبّ لدى الأمن العام اللبناني"، مشدّدةً على أنّ "لا أحد يريد توطين النازحين السوريين في لبنان، الكل يعلم أنّ هذا الأمر غير وارد، والدولة اللبنانية تقرّر ما يناسبها وفي كلّ الأحوال النازحون يعودون ولا ينتظروننا".